تبدو كأنها ظاهرة .. شباب ليست لهم أجندة مطلقا سواء في حياتهم اليومية أو التخطيط للمستقبل ويتصرفون في أمور جوهرية بطريقة عفوية، فكثير من شبابنا للأسف الشديد لا يبالون بتنظيم الوقت والتخطيط الممنهج، وبعضهم لا يتقيد بالأنظمة واللوائح التي يجدونها أمامهم، ويحاولون الوصول لمقاصدهم دون الاهتمام بها .. السؤال الذي يطرح نفسه كيف نستطيع غرس قيمة التنظيم والتخطيط في شبابنا ونجعلهم عناصر بناء فعالية داخل المجتمع. وفى رؤية الخبراء والمختصين لتلك الظاهرة قال البروفيسور عبدالعزيز بن علي بن رشيد الغريب أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود إن النظام عبارة عن قواعد وإجراءات تهدف لحماية المجتمع، وتتنوع الأنظمة والقواعد الموجهة للسلوك الجمعي وفق قيم المجتمع الخاصة بجانب القيم الإنسانية المشتركة:" فالمجتمع الناضج لديه قدر كبير من العقل الجمعي الذي يوجه سلوك أفراد المجتمع نحو الأفعال والأحداث والوقائع التي تبنى ولا تهدم ". ونوه الغريب بأن احترام القانون يكون بغرس مفهوم احترام النظام مهم جدا لجميع فئات المجتمع وليس للشباب فاحترام النظام يعني ذوبان السلوك الفردي لمصلحة الجماعة، وبروز السلوك الجمعي، وللأسف في المجتمع السعودي لا زالت ثقافة احترام الأنظمة ضعيفة جدا وتحتاج إلى إعادة توجيه وتفعيل". وبين الغريب أن هناك عدة حالات تساهم في احترام الأنظمة والقانون من أهمها سن التشريعات الرادعة لحماية النظام العام وعدم الانتظار من الأفراد تطبيقها من تلقاء انفسهم، إضافة لتكثيف الحملات الإعلامية لبث روح احترام الأنظمة وأن ترافقها تشريعات وقوانين تعاقب من يخالفها" احترام الأنظمة يعني حياة جديدة للمجتمع فالمجتمعات الغربية أصبحت قدوة لغيرها باحترامها للأنظمة. احترام النظام من جهتها أوضحت المختصة في النظام والقانون الأستاذة تهاني آل درجان أنه على الرغم من وجود الأنظمة والقوانين التي تسن لمصلحة المواطن، وللصالح العام، إلاّ أن الكثير من المواطنين على اختلاف خلفياتهم الثقافية والعمرية والاجتماعية، يخرقون تلك الأنظمة ولا يحبون الالتزام بها، مثل اختراق قواعد المرور، أو اختراق قاعدة منع التدخين في المطارات أو في حافلات السفر، أو في بعض الأماكن العامة بالإضافة إلى اختراق أنظمة المستشفيات ومواعيد الزيارة للمريض، أو ربما اختراق نظام مواعيد النوم أو الطعام داخل نطاق المؤسسة الاجتماعية. وأشار إلى أن تجديد الأنظمة وتسهيل تطبيقها وجعلها مرنة قدر الإمكان، يجعل المجتمع يتكيف على النظام، وبالتالي يكون مؤهلا كفيل احترام القواعد ؛ وأضافت :" الدول المتقدمة تزداد تقدما ورقيًا نتيجة احترامها النظام وتقديرها له، برغم من كونه ضدهم شخصيًا في بعض تعاملاتهم، إلا أنهم يحترمون مجتمعهم وبلدهم وتاريخهم باحترامهم للنظام". ونوهت آل درجان بموقف ديننا الإسلامي الحنيف الذى يحث على احترام الأنظمة والمقومات الإنسانية وعدم إهدارها" بينما كثيرًا منا للاسف الشديد يحاول اختراق الأنظمة بكل الطرق الملتوية وغير الشرعية و يدفع الرشوة لاختراقها وتحقيق رغباته الشخصية وتقديمها على المصلحة العامة . وعبرت بقولها:" لنعلم أن العالم الغربي مادي لكنه يحترم حريات الإنسان ويحترم الأنظمة في سبيل توفير الإنتاج المادي وتنميته بل أن هذا الإنسان الغربي عندما يُقدر له العمل في بلادنا فإنه يحترم أنظمتنا أكثر من احترامنا نحن لها ". وأضافت :"ونحن عندما نسافر إلى البلدان الغربية نحترم أنظمتها و عندما نعود إلى بلدنا ننسى الاحترام لهذا النظام .. لماذا ؟ لا أدري ..الأمثلة كثيرة جدًا على عدم احترامنا للأنظمة .. والسؤال الذي يجول في فكري .. إلى متى نبقى على هذه الحال ؟". أما الداعية الدكتور محمد موسى الشريف فنوه بأن النظام مطلب أساسي لجميع الناس، وبه تسير الأمور دون فوضى تؤثر على المرء و المجتمع، حيث يساهم النظام في رقي الفرد والمجتمع ويوفر الكثير من العناء والتعب والجهد الذي قد يسببه قلة الاهتمام بالنظام. وبين أن المرء الذي لا يهتم بالتنظيم في وقته نجده مشتتا يمنة ويسرة ولا يستطيع أن يسير أموره بطريقة سليمة وسوية وعادة ما نجد من يقوم بهذه الأعمال أناس لا يدركون أهمية الوقت وأنه من أهم الأمور التي تساهم في مساعدة الشاب على تحقيق طموحه وأهدافه التي يرجوها في المستقبل. وشدد الشريف على العودة لقيم الدين الحنيف وقال :"ديننا الحنيف نبه بأهمية الوقت والإسلام و دعا للاهتمام به " مشيرا إلى أنه من الواجبات على المرء المسلم الذي يحاول جاهدا المحافظة على وقته، والإيمان بقيم التنظيم والتخطيط ". .. والشباب يبرّرون ويعترفون: صالح علي: هناك أسر تعلم أبناءها أهمية النظام والاهتمام به عبدالله عمر: النظام لم يدركه البعض جيدا ولم يعرفوا حقيقته في البداية أوضح الشاب صالح علي بأن النظام واحترامه وتطبيقه يعود في الأساس للمنزل فهناك أسر تعلم أبنائها أهمية النظام والاهتمام به وأخرى لا تبالي به؛ بل تأمر أبنائها بعدم التقيد به وتصفه بأنه بضياع الوقت وكأنهم غير ملتزمين به و وضعت الأنظمة واللوائح لغيرهم وليس لهم. أما الشاب عبدالله عمر فنوه بأن النظام لم يدركه البعض جيدا ولم يعرفوا حقيقته ويحاولون الوصول لأغراضهم بشتى الطرق دون وضع للقوانين والأنظمة واللوائح في الاعتبار فبعضهم يقطع إشارة المرور ليصل لهدفه دون تقدير بأن سلوكه المشين قد يتسبب في وفاة شخص.