كذب وخبث ولؤم.. هي أقل ما توصف به كلمات حسن نصر الله عن الوضع في سورية الجريحة. كذب لأنه يصف أبناء الشعب السوري الحر بالخونة، في حين يضع النظام في خانة المنافحين عن العروبة المواجهين لإسرائيل. وهو خبث اعتاد عليه حسن نصر الله لأنه جزء من العقيدة الباطنية الفاسدة التي تملأ جوانبه وتسد عليه حتى فتحات التنفس في صدره. وهو لؤم ليس بعده، فهو يدرك أن لتحرير سورية من سيطرة حزب البعث المارق بداية لتحرير لبنان من فسوق الحزب الذي يعيث في لبنان فساداً باسم المقاومة وباسم التحرير وباسم الصمود. لكن اللوم لا يقع على نصر الله وحده، بقدر ما يقع على نظام عالمي هو الآخر أشد فساداً، وأشد ظلماً، وأشد احتراماً للقوة على حساب الحق! كيف يروق لمنظمة دولية جامعة لدول الأرض أن تقف عاجزة عن فعل شيء ضد ما يجري على أرض الميدان في مدن سورية صامدة لا ذنب لها ولا جريرة سوى رغبة سكانها في الانخلاع من رقبة عبودية استمرت أكثر من نصف قرن؟! كيف يليق بمنظمة فيها قرابة مائتي عضو أن تقف مشلولة أمام اعتراض دولة أو اثنتين في مواجهة واحدة من أشد الأزمات التي تمر بتاريخ المنظمة منذ نشوئها عام 1945م؟ ألم يحن بعد التخلص من هذا الإطار المقيد لرغبات كل الدول عدا خمس منقسمة إلى فريقين.. أحدهما يميل يمنة والآخر يسرة؟! ألم يحن الوقت لإلقاء هذه الهيمنة المحدودة في مزبلة التاريخ، واستبدالها بنظام متحضر ترتفع فيه كرامة الإنسان فوق كل الاعتبارات، وأعني بها كل إنسان.. لا فرق بين أبيض مرفّه وأسود يتضور جوعاً، أو قوي يبطش وضعيف يستكين! لقد قامت هذه المنظمة على أسس احترام حقوق الأقوياء لا على احترام حقوق الإنسان أياً كان. ولهذا فإن الثقة بها تتآكل يوماً بعد يوم، وربما أتى يوم تنسحب فيه الدول المستضعفة من المنظمة المستهلكة، فما عاد الانضمام إليها يجدي، بل هو شهادة بينة على الضعف والخذلان والاستسلام لحكم القلة على حساب الكثرة.