في الوقت الذي تعلن فيه الخطط والبرامج عن وجود تحقيق نسب معينة للسعودة في مختلف القطاعات الحكومية وغير الحكومية وتتحدث بصوت عالٍ عن مخاطر البطالة المنتشرة بين أبناء هذا الوطن وبناته ويتم وضع حلول ودراسات وآليات ورقية يقول واضعوها أنها ستؤدي إلى توطين الوظائف وخفض أو إذابة أرقام البطالة المرتفعة فإن ما يحصل على أرض الواقع في جهات عدة من مواقع العمل أن إدارات تلك المواقع تقوم بين حين وآخر بإسناد جزء من نشاطها وأعمالها الإدارية أو المالية أو الفنية إلى شركات أو مؤسسات مختصة بتلك الأعمال بموجب عقود توقع بين الطرفين وتقوم الجهة المنظمة للأعمال بالحصول على تصاريح استقدام لمئات العاملين من الخارج لأن من ضمن شروط العقد من ترسى عليه المناقصة أن يكون عرضه الأقل وذلك يعني أنه سيغطي من العمالة عن طريق الاستقدام وبذلك نجد أن عشرات ومئات الفرص في كل موقع من فرص العمل تتحول من أبناء الوطن إلى الوافدين عليه تحت غطاء الشركات والمؤسسات المنفذة لمشاريع الجهات الحكومية ولو اطلع أي إنسان على شروط عقد من العقود الموقعة بين مؤسسة مختصة وجهة حكومية ونظر إلى قيمة العقد وبند الأجور فيه فإنه سيجد أنها أجور متدنية جداً لانخفاض قيمة العقد نفسه على طريقة (ايش الديك وايش مرقته) وكأن صيغة العقد وقيمته تدفعان صاحب المؤسسة دفعا إلى الاستقدام لأنه لا يمكن له بأجور لا تصل إلى خمسمائة ريال في الشهر في بعض الاحيان مثل عقود النظافة والصيانة أن يوظف بها مواطنا فكأنه بذلك قد أجبر على التوجه إلى العمالة الوافدة وحتى بالنسبة لمهنة مراقب أو سائق فإن الأجور حسب العقد وقيمته لا تتجاوز ألف ريال شهريا فكيف يمكن توظيف مواطن في مثل هذه الوظائف بمثل هذه الأجور المنخفضة المنصوص عليها في العقود وكيف يمكن إلزام صاحب المؤسسة أو الشركة أن يوظف مواطنين بأجور أعلى إذا كانت قيمة العقد متدنية وتنص على رواتب متدنية لأن استجابته لطلب الجهات المختصة برفع أجور المعنيين من المواطنين تعني إلحاق الخسارة الماحقة به، وكان ينبغي على واضعي تلك العقود أن يلاحظوا مسألة الأجور المناسبة للمواطنين فإذا كانت شركات النظافة أو الصيانة تحتاج إلى ألف سائق ومثلهم من المراقبين فيجب أن يوضع أجر مناسب لهذه المهنة ويشترط أن لا يوظف عليه غير سعودي وقس على ذلك، أما ما يحصل في الوقت الحالي فهو عبارة عن التفاف على برامج السعودة عن طريق نقل أجزاء من مواقع العمل إلى شركات أو مؤسسات توقع معها عقود متدنية تضطرها إلى جلب عمالة وافدة وبذلك يتم قفل باب العمل أمام المواطن حتى في أبسط المهن مثل سائق وحارس ومراقب وعامل صيانة. إن على المختصين في الجهات الحكومية وجهات العمل ملاحظة ما ذكر وإن استمرار الاعتماد على العطاءات المتدنية المبنية على أجور منخفضة سيزيد من البطالة مهما بذلت من جهود وعلى وزارة العمل أن تلاحظ ذلك عند استقبالها لطلبات الاستقدام المؤيدة من الجهات الحكومية.. والله الموفق.