تباينت الآراء حيال «مسلسل النفايات وعمال السكراب» الذي طالت مشاهده ودفعت ضريبته شوارع وأحياء جدة بلا استثناء في ظل غياب واضح لدور الرقابة على عمال شركات النظافة الذين ينشغلون بجمع المعلبات البلاستيكية والكراتين الورقية. وقال مواطنون إن شركات النظافة لا تراقب عمالها كما لا تعاقب أمانة جدة الشركات المقصرة، أما عمال النظافة فعزوا تقصيرهم وانشغالهم عن جمع النفايات بالتنبيش عن السكراب الى «قلة رواتبهم» التي لا تكفي -على حد قولهم.. «المدينة» رصدت عملية انتشار العمال منذ ساعات الصباح الأولى حتى انتهاء مهمتهم وذهابهم لمردم النفايات شرق مدينة جدة. «جولة «المدينة أول ما رصدته «المدينة» فى جولتها قيام عدد من العمال بالذهاب بسيارات الشركة المشغلة المحملة «بالسكراب» لأحواش جانبية على الطريق المؤدي للمردم يملكها مواطنون سعوديون. هذه هى الصورة فبدلا من ان يحمل العمال النفايات حملوا على متن السيارة السكراب ليتربحوا ببيعها على مرادم خاصة، كما بدا ان جمع النفايات لا يعد أكثر من عملية تسوق لهؤلاء العمال الذين يتخيرون ما يحتاجونه من وسط النفايات، وأصبح حالهم مشابها لحال النساء الأفارقة اللائي ابتدعن مهنة جمع المعلبات ومن ثم بيعها... عملية لها أطراف عدة تبدأ عند عمال النظافة وتثمر عن صفقة بينهم وبين حراس العمائر. داخل أحواش السكراب تابعت كاميرا «المدينة» فى المنطقة الواقعة شرق حي بريمان وعلى الطريق المؤدي إلى مردم النفايات عدد كبير من شاحنات البلدية تنقل النفايات لمواقع أخرى غير موقع المردم, وقمنا بتتبعها حتى دخولها داخل أحواش مغلقة، وفي البداية تخوف هؤلاء العمال من التحدث معنا وبعضهم ادعى عدم فهمه للغة العربية من الأساس، لكن أحد العمال يدعى محمد فاروق (كما سمى نفسه) قال نحن لا نقوم بشيء ممنوع نحن نقسم النفايات ونخرج منها الأدوات التي لا ترمى في المردم ولا نقوم بذلك إلا بعد خروجنا من المردم وإفراغ كل النفايات التي تم جمعها من أحياء جدة وبسؤاله لماذا تتركون النفايات مكدسة في الأحياء وتقومون بجمع هذه العلب؟ قال نحن نقوم بجمع النفايات من الأماكن المكلفين بها ومن ثم نأتي بها إلى المردم ونستخرج المعلبات من وسط النفايات لأن المردم لا يقبل دخول المعلبات والألومنيوم وما شابهها. أجورنا متدنية أحد عمال النظافة التقيناه في حي الجامعة كان منشغلًا بإفطاره وأكوام النفايات حوله. وعندما لاحظ وجود عدسة التصوير سارع فورًا لجمع النفايات. سألناه عن اسمه قال لنا أنه يدعى شابوس. راقبنا أداءه دون الاسترسال معه في الحديث واكتفينا بالتصوير ولا حظنا أنه لا يزيل النفايات المتراكمة حول غرفة الكهرباء المجاورة لموقع تواجده! ادعى فورًا أنه لا يوجد بها نفايات وقد بدا عليه الارتباك. حينها أيقنت أن هناك شيئا خلف هذه الأجهزة وبالفعل وجدنا أكياس قمامة مربوطة وطلبنا منه فتحها وفتحها وإذا بها معلبات مجمعة. طلبت منه رميها مع باقي المخلفات في الحاوية لكنه رفض واعترف أنها تخصه! سألناه لماذا تترك عملك وتنشغل بجمع العلب! رد قائلًا: أنا راتبي لا يتعدى 400 ريال وفي بعض الاحيان يتأخر شهورا حتى يسلم لي. أريد أن أتصل بأهلي وتحويل نقود لهم وشراء مستلزمات معيشية هل 400 ريال تكفي لكل ذلك؟ يبتزوننا ولا رقابة سند الجهني قال: الأمر معقد ومستمر منذ 10 سنوات، حين كان العمال يقومون بتنظيف شوارعنا دون مقابل من المواطنين وكنا نشفق على حالهم ونتبرع لهم من باب كسب الأجر والثواب, لكن الوضع اختلف الآن حيث أصبح هذا العامل يتاحر في عالم النفايات، وللأسف يبتزنا عدد كبير من العمال بطلبهم أجرا ماديا مقابل إزالة المخلفات من أمام منازلنا وشوارعنا وإذا لم نقدم لهم مبلغا ماديا يتركون أمام منازلنا الأتربة والقاذورات وبعضهم يتمادى أيضًا ويقوم بتجميع القاذورات والأتربة عمدًا امام المواطن الذي لا يدفع أجرا لهم. لا رقيب عبدالرحمن المالكي أحد سكان حي الجامعة قال لم يعد هناك عمال نظافة بالمعنى الحقيقي لمسمى وظيفتهم, إنما هم عمال سكراب يعملون تحت غطاء الشركات المشغلة لهم المتعاقدة مع أمانة جدة ومن المعلوم أنه من أمن العقوبة أساء الأدب وهذا هو حالهم بدون رقيب ولا حسيب هم وشركاتهم المشغلة وشاركه عبدالله العامودي من سكان حي النسيم قائلا قبل عدة أشهر قرأت في إحدى الصحف أن الأمانة سوف تزيد عدد الشركات المشغلة لعمال النظافة في مدينة جدة وحتى هذه اللحظة لا أعلم هل نفذوا ما قالوه أم أنهم عدلوا عن رأيهم! وأعتقد في حال أقدموا على زيادة عدد الشركات تلقائيًا سوف تنتهي معظم المشاكل المتعلقة بالخدمات والنظافة سواء من ناحية اجور العمال أو انشغالهم بأمور أخرى غير أعمالهم. أصحاب السكراب: عبدالوهاب الجبرتي صاحب إحدى ورش السكراب قال لا أدري هل ما حدث حقيقة أم حلم!! كيف لهم أن يأتوا ويصادروا كمية السكراب التي اشتريتها من حر مالي وتصل قيمتها إلى 400000 ريال وهناك ما يثبت, البلدية تقول أننا غير نظاميين! اخبروني كيف يعقل أن أقوم بشراء السكراب وتسجيله بشكل يومي وإرسال القيد لإدارة البحث والتحري في شرطة جدة, وقد ذهبت أكثر من مرة للبلدية وطالبتهم بحقي في استخراج تصريح «لوحة» لكنهم رفضوا وعطلوا المعاملة بحجة أنه لا يوجد أي توجيه بهذا الشأن. وأكمل كان من الأولى أن يأتي مراقب البلدية ويشعرنا بطلب إزالة في مدة مثلا 24 ساعة، حينها لو أتت فرق البلدية وأنا لم أقم بإزالة السكراب حينها فقط أستحق العقوبة، لكن أن تأتي فجأة فرق البلدية وكأنني مرتكب جريمة وتقوم بجمع السكراب وتحميله امام عيني في الشاحنات والتوجه بها لشركة محسوبة على امانة جدة لكي تستفيد بالتالي من قيمة هذا السكراب ظلمًا وغبنًا. شاركه الرأي مالك الأرض التي تتم بها أعمال السكراب. العميد متقاعد شايع المرزوقي قال: هذا عمل غير مسؤول من قبل الجهة المنفذة لقرار الإزالة وكان الأولى بهم أن يطالبوا الجبرتي بإخلاء الحوش من السكراب لأنه ملك خالص له ولا يجوز لهم أخذه بالقوة ومن ثم الذهاب به للشركة المحتكرة للسكراب وبعلم الامانة جنب مع مسؤولي الخدمات في المحافظة للتخلص من مثل هذه المخلفات. المجلس البلدي: قال نائب رئيس مجلس بلدي جدة عبدالله المحمدي: أن هناك تواصلا مع أمانة محافظة جدة بخصوص عمال النظافة في مدينة جدة، وكان رد الأمانة لنا أنهم بصدد تطبيق خطة تشغيلية جديدة لنظافة مدينة جدة فور انتهاء العقد الحالي وسوف تكون هذه الخطة بمثابة الحل الشامل لكافة مشاكل النظافة وعمال النظافة أيضًا. عقوبات الشركات المشغلة طالب المستشار القانوني المحامي الدكتور طارق آل إبراهيم بتفعيل القوانين الرادعة لمنع مثل هذه التجاوازت من قبل عمال النظافة وشركات التشغيل المتهاونة في أداء مهامها. وأضاف: ترك عمال النظافة يجولون الشوارع دون رقيب عليهم وملازم لهم طوال الوقت هو بحد ذاته خلل إداري يجب وضع حد له وفي اعتقادي لو وضعت مراقبة لصيقة على هؤلاء العمال سوف تحد من ظاهرة انشغال العمال بجمع المعلبات وإهمال واجباتهم في تنظيف أحياء وشوارع مدينة جدة, بالإضافة للعقوبات الرادعة التي لابد من تفعيلها وتطبيقها لكي يرتدع هؤلاء المقصرون. وعن أحواش السكراب قال آل ابرهيم: مسألة السكراب يشوبها الكثير من اللبس ولا بد من توضيح المسألة للمواطن الذين يمارس مهنة جمع السكراب فهي نشاط تجاري تختص به وزارة التجارة وهي صاحبة الاختصاص في ذلك.