صدر عن ادبي الباحة كتاب « توظيف التقنية في العمل الشعري السعودي شعراء منطقة الباحة نموذجا « للمؤلف الدكتور عبدالرحمن المحسني أستاذ اللغة العربية بجامعة الملك خالد. الدراسة تقع في بابين وخمسة فصول وعدد من المباحث، وهي تتناول توظيف الشاعر السعودي المعاصر - من خلال نموذج شعراء منطقة الباحة- للتقنيات المختلفة في نصهم الشعري في أفقين مهمين من النص: يُعْنى أولهما بالتشكيل النصي العام سواء في عتباته النصية أو في مظاهر التشكيل الحاسوبي المؤثرة في تشكيل النص. ويتناول ثانيهما أثر التقنية على بنية النص ونسيجه. والدراسة تحاول أن تلم بأطراف تلك المؤثرات التقنية التي أصبحت جزءا من كيان النص لا يمكن تجاوزه أو غض الطرف عن حضوره وتأثيره. ومن المؤثرات التقنية التي تتناولها هذه الدراسة: تقاطع النص الشعري مع تقنيات كالفوتوشوب(photo shop ) والإسكنر(scan) والطابعة والمحمول والتلفاز، وصولاً إلى تقنيات أدائية كالشات( chat) واليوتيوب (you tube ) والبطاقات الشعرية ( poetry card)، لشعراء مثل :عبدالرحمن العشماوي وعلي الدميني وصالح بن سعيد الزهراني وحسن محمد الزهراني ومحمد محسن الغامدي وعبدالرحمن سابي وشريفة الزهراني وأسماء الزهراني وغيرهم. وتهدف الدراسة إلى مقاربة وعي النص المعاصر الذي لم يعد خاضعا لتأثير الكلمة فقط، بل أصبح يقع تحت مؤثرات وسائط متعددة كالصوت والصورة واللون إضافة إلى الكلمة، مما يحسن بالناقد المعاصر أن يفطن إلى تأثيرها على عطاءات النص في عصر تتسارع التقنيات الحاملة للنص في التأثير عليه. ومن نافلة القول أن ألمح إلى صعوبة مثل هذه الدراسات التي تحتاج إلى جهد مضاعف لوعي التقنية أولاً، ثم مقاربتها من النص ثانيًا، بيد أنْ في اعتقادي أن وظيفة من أهم وظائف النقد المعاصر تكمن في السعي إلى تقديم حركة النص المعاصر أمام المشهد النقدي لقراءة مثل هذه التحولات وتوجيهها الوجهة التي تأخذ بالأجيال المندفعة للتقنية إلى آفاق الفائدة المأمولة. الكتاب حكم من ثلاثة أساتذة في تونس ومصر والسعودية،وفاز بالمركز الأول في جائزة الباحة الثقافية.وأسأل الله أن يكون خالصا لوجهه، وأن يفتح بهذه الدراسة للمعرفة أفقا. وأشار الدكتور إلى أن عصرنا الحديث يشهد حركة نشطة متصلة من التقنيات التي لم تسهم في رفاهية الإنسان المعاصر وحسب، بل أمدته بمكونات جديدة للتجربة. والمتتبع لحركة النص الجديد في السعودية من منتصف القرن الرابع عشر الهجري إلى وقتنا، يلحظ أن النص الشعري يستجيب لتلك التداعيات بشكل لافت. وهي تقنيات تتيح آمادًا جديدة أمام النص، بما يضيف إلى التجربة العربية أبعادًا على مستوى الدلالة والفنية. وشعراء منطقة الباحة صورة صادقة للمنتج الإبداعي السعودي وتنوعه، وهم نموذج صالح لدراسة عدد من الظواهر الأدبية في المملكة العربية السعودية. ولأن اتساع دائرة الأدب السعودي تقتضي عملاً بحثيا حفريا لقراءة الظواهر المتجددة، يجد الباحث في هؤلاء الشعراء نموذجا حسنا لتنوع التجربة وسموقها. ولعلي أشير ابتداء إلى اتساع أفق الرؤية لدى شعراء الباحة؛ فقلما تجد منهم الشاعر المغرق في التقليد الصرف، بل تجد أغلبهم يسير في موازنة واعية بين معطيات القصيدة العربية القديمة وبين الاندفاع للتجديد إلى أقصى حدود الممكن، إضافة إلى تحرك كثير من شعرائها باتجاه مساقات إبداعية لخوض غمار التجريب وتعميق الإفادة من وسائط التقنية المختلفة في صناعة النص الشعري. لذلك كله وغيره آثرَت الدراسة تناول ظاهرة التقنية وأثرها في الشعر السعودي من خلال نموذج شعراء منطقة الباحة.