حدّد النادي الأدبي بالباحة يوم السبت 19/10/1432ه موعداً لجائزته الثقافية المقامة تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير مشاري بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة الباحة وحضور الدكتور عبدالعزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام، والدكتور ناصر الحجيلان وكيل الوزارة للشؤون الثقافية، وعبدالله الكناني مدير عام الأندية الأدبية، وعدد من المثقفين والمثقفات من داخل المملكة وخارجها. وأشار رئيس النادي الأدبي الشاعر حسن بن محمد الزهراني بأن النادي خصص مبلغ مائة ألف ريال للجائزة، حيث حاز الجائزة الأولى الدكتور عبدالرحمن المحسني من جامعة الملك خالد بأبها عن بحثه الموسوم ب(توظيف التقنية في العمل الشعري- شعراء منطقة الباحة نموذجًا) ومقدارها أربعون ألف ريال، فيما حاز الباحث الدكتور محمد عبدالله الشدوي على المركز الثالث ومقدار جائزته 20 ألف ريال عن بحثه الموسوم ب(شعراء من الباحة بين الشكل والتأثير)، فيما حُجبت الجائزتان الثانية والرابعة لعدم وجود أعمال تتوافق مع متطلباتها. مبينًا أن النادي يستعد لتنظيم مهرجان شعري على هامش الجائزة يشارك فيه عدد من أبرز الشعراء من داخل المملكة وخارجها، ويأتي هذا المهرجان الشعري في سياق الاهتمام بالشعر باعتباره ديوان العرب. لافتًا إلى أن الجائزة سوف تستمر بشكل سنوي، وقد حُدد مجال الرواية والقصة القصيرة محورًا للتنافس في العام المقبل، وقد تم تشكيل عدة لجان تنظيمية لذلك. وعن حيثيات الفوز بجائزة هذا العام أوضح الدكتور والناقد المصري حافظ مغربي وأحد أعضاء لجنة التحكيم بأن الفائزين استحقا ذلك مضيفًا أن البحث الموسوم ب( توظيف التقنية في العمل الشعري السعودي .. شعراء منطقة الباحة أنموذجاً» يُعد بحثًا متميزًا في مجموعه على مستوى الرؤية والأداة التي تذّرع بها صاحبه لتقديم جديد رؤاه حول شعر شعراء منطقة الباحة أنموذجاً معطاءً للشعر السعودي. فقد استطاع الباحث بفقه من وعي المنهجية الحداثية، ومنجزات ما بعد الحداثة، أن يوظف مستنبطاً واعياً - محللاً في أحايين كثيرة- ما كان مهمشاً في السابق كعتبات النص الممثلة في عناوين القصائد، وأغلفة الدواوين، والصور المصاحبة لها، وكذلك التشكيل البصري، ما أفرز شعريات جديدة تقيم حيوات ممتدة لنصوص شعراء الباحة، ولم يكتف بذلك بل تقدم خطوة أكثر جرأة ووعياً بما يصنع في الوقت نفسه، وذلك حين أفاد من إمكانيات تقنية الحاسوب وتشكيلاتها المذهلة وأثرها في صناعة النص، ومن ثم صنع مقدرات شعريته كالسيمترية والتنقيط. والبنط الكتاب، ثم أوغل الباحث في الحديث عن ثقافة الصورة من خلال التلفاز بوصفه معطىً بصرياً، والهاتف المحمول بوصفه معطىً سمعياً، ودور كل في خلق دلالات النص الشعري وشعرياتها، وكذلك حلل دور الحاسوب في خلق بنية النص المعاصر.غير أن ما يمكن أن نأخذه على الباحث: أنه كان في بعض الأحيان يهرب في ذروة التحليل من مواجهة النصوص، من خلال طرح رؤى لا يجد لها إجابات ، ويمكن أن نضرب مثالاً على ذلك ما جاء في ص49 تعليقاً على عتبة غلاف ديوان «أوجاع أنثى» لعبدالرحمن سابي بقوله « اللوحة التي اختارها الشاعر لتكون رفيقة مجموعه الشعري لوحة تجريدية غير واضحة المعالم، ولعل ذلك التعامي في وعي الدلالة، يفتح أفقاً أوسع لاحتمالات ممكنة ..» ولا يشير الباحث أو يعني نفسه أن يذكر جانباً من هذه الاحتمالات، من خلال تحليل نصي مقنع. وكذلك حين يتحدث في ص95 عن دور النقاط في نتاج دلالة نص «الهوداج» لعلي الدميني قائلاً: الشاعر لا يستخدم النقط بصورة عفوية.. وكأن الكلام قد قصر به عن التعبير، ففتح الدلالة للمتلقي ليملأ الفراغات المنقوطة، وليتابع التعبير، وهذا في تقديري ليس دور المتلقي فحسب، بل هو دور الباحث الناقد، الذي يجب أن يقدم تصوراته التي تنم عن وعيه باستبطان النصوص، ومن ثم القدرة على اعتصار شعرياتها المسكوت عنها. أما الدكتور بشوشة بن جمعة أستاذ النقد الأدبي الحديث والمناهج بجامعة أم القرى وعضو هيئة التحكيم فقد أشاد بالبحثين الفائزين، مبينًا أن البحث الحائز على المركز الأول قد اشتمل على مقدمة وبابين تناول الباحث أثر التقنية في تشكيل النص الشعري عند شعراء الباحة، وقد حوى فصلين، بحث أولهما «العتبات النصية والتعالق النصي» بينما طرح ثانيهما «التشكيل العامودي وأثره في صناعة النص». أما الباب الثاني فوسمه الباحث ب»أثر التقنية في نسيج النص الشعري السعودي عند شعراء الباحة»، واشتمل على ثلاثة فصول تناول أولها مسألة» التلفاز في العمل الشعري»، وبحث ثانيها « الهاتف المحمول في العمل الشعري» بينما ركز ثالثها على «الحاسوب وبنية العمل النصي». وقد ردف الباحث هذين البابين بخاتمة أثبت فيها جملة ما توصل إليه من نتائج وذلك في شكل تلخيصي لا تأليفي، اتبعها بملحقين خص أولهما لصناعة الغلاف في التجربة الشعرية المعاصرة من خلال وإثبات عدد من شهادات الشعراء، بينما أفرد ثانيهما لتقنية الغلاف، وفهرس للأشكال والصور متبوع بقائمة في المصادر والمراجع المعتمدة في البحث. وتفرد هذا العمل على عدد من الايجابيات نجملها فيما يلي: - جدّة إشكالية البحث وطرافته، حيث يعد من تناول توظيف التقنية المعتمدة الوسائط في إنتاج النص الشعري المعاصر من حيث عتباته النصية وبنيات خطابه وأشكال لغته وأنساقها من المسائل المبتكرة في الدراسة النقدية المعاصرة. - تماسك البحث منهجياً،حيث تميز بوضوح المنهج وتوازنه، استقراء وتحليلاً وتأويلاً، وهي مناهج أسهمت متعالقة ومتفاعلة مع بعضها البعض ومتكاملة في وضوح إشكالياته، منطلقات وتساؤلات وخيارات ومقاصد. - وضوح النتائج التي توصل إليها الباحث مما يعكس وضوح رؤيته لإشكالية البحث وما تفرع عنها من قضايا، كما وضوح مناهج مقاربتها النقدية.