علم أنواع النصوص اللغوية (فرع من لسانيات النص) الذي يأخذ المفاهيم اليومية لأنواع النصوص اللغوية ينطلق من اتجاهين رئيسين: الاتجاه الأول يعتمد على نظام اللغة الذي يحاول بناء على سمات تركيبية، كسمات الربط الضميري، وتوزيع الأزمنة... إلخ وصف أنواع النصوص ، ولم توفق البحوث في هذا الاتجاه في تمييز دقيق لأنواع النصوص إن اقتصرت على السمات التركيبية وحدها. الاتجاه الآخر: يستهدف حل إشكالية النصوص انطلاقًا من جوانب موقفية وتواصلية - وظيفية. ويفضِّل برينكر هذا الاتجاه؛ لهذا فهو يرى أنواع النصوص إنما تمثِّل نماذج سائدة عُرفيًا لأفعال لغوية مركبة أو يمكن وصفها بكونها روابط نمطية في كل منها سمات سياقية موقفية، ووظيفية - تواصلية، وتركيبية (نحوية - موضوعية)، وقد تطورت من ناحية تاريخية في جماعة لغوية، وتتبع المعرفة اللغوية لأصحاب اللغة، وقد تكون أنواع النصوص شديدة المعيارية كوصف طبخة، في حين قد توجد في بعض النصوص إمكانات متباينة للأداء، كالنص العلمي المبسط، والتعليق الصحفي... أما معايير تمييز النصوص لدى برينكر فهي ما يأتي: (أ) وظيفة النص بوصفها معيارًا أساسيًا، ويُعتمد فيها على نظرية أفعال الكلام؛ فتنقسم النصوص بناء عليها خمسة أقسام: نصوص إبلاغية (خبر، تقرير، كتاب متخصص، نقد...)، ونصوص استجابة (إعلان دعاية، تعليق، قانون، طلب...)، ونصوص التزام (عقد، شهادة ضمان...)، ونصوص اتصال (شكر، خطاب تعزية...)، ونصوص إعلان (وصية، مستند تعيين...). ويمكن التفريع من هذه الأقسام الخمسة بالاعتماد على سمات سياقية أو نحوية أو موضوعية... (ب) معايير سياقية؛ إذ النصوص تكون دائمًا متضمنة في موقف تواصلي، ولهذا لابد من مراعاة السياق التواصلي في تصنيف النصوص، ومع أن تنميط المواقف لم يدرس درسًا مفصلاً، إلا أنه يمكن الاقتصار في مستوى الوصف الموقفي على مقولتين، الأولى هي: (شكل التواصل) الذي يمكن التفريق فيه بناء على الوسيلة بين خمس وسائل رئيسة هي: التواصل وجهًا لوجه، والهاتف، والإذاعة، والتلفاز، والكتابة. أما المقولة الأخرى، فهي (مجال الفعل) الاجتماعي، الذي ينقسم إلى ثلاثة: مجال خاص، ومجال رسمي، ومجال علني. (ج) معايير تركيبية تتعلق ب(موضوع النص)، (وشكل بسط الموضوعات)، ويمكن النظر إلى موضوع النص بالاعتماد على التحديد الزمني للموضوع متناسبًا مع وقت الكلام، والعلاقة بين الباث والمتلقي في إطار التوجيه المكاني... أما شكل البسط الموضوعي، فهناك بسط وصفي، وسردي، وإيضاحي، وحجاجي، وللكيفية التي تتحقق بها أشكال البسط الموضوعي أهمية في التمييز بين أنواع النصوص، فمن المفترض - كما يقول برينكر - أن يكون لكل شكل أساسي صيغ تحقيق محددة (صُيِّرت عُرفية)... وبناء على كل ما مضى يقترح برينكر الخطوات التالية للتمييز بين أنواع النصوص، ولإلحاق نصوص معينة بنوع نصي: الخطوة الأولى: وصف وظيفة النص. الخطوة الثانية: وصف شكل التواصل ومجال الفعل. الخطوة الثالثة: وصف قيود موضوعية (التوجه الزماني والمكاني للموضوع). الخطوة الرابعة: وصف النموذج الموضوعي الأساسي (الشكل الأساس للبسط الموضوعي) وكيفية تحقيق النموذج (شكل التحقيق). الخطوة الخامسة: وصف وسائل لغوية (معجمية ونحوية) قد تكون مميزة لأنواع النصوص من المحتمل أن يكون فيها تفضيل لتشكيل لغوي معين، وقد يستعان في هذه الخطوة بالجانب الإحصائي. ويمكن أن يدخل في هذه الخطوة وصف وسائل غير لغوية عند الضرورة... للرجوع إلى جهود كلاوس برينكر في هذا المجال بتفصيل أكثر يمكن النظر في: _ كلاوس برينكر: التحليل اللغوي للنص، ص 165- 188.) ولإلحاق أي نص في تصنيف نصي ما يجب مراعاة القواعد التي بدأت تظهر وتتطور في لسانيات النص حيث يعد هذا الفرع من اللسانيات من أحدث فروع اللسانيات نشأة ولا غنى لأي باحث في نص أيًا كان ذلك النص عن الاستعانة بمقولاته. (*) أستاذ اللسانيات المشارك – جامعة الباحة