عملية عصرنة اليابان وتحديث النظام السياسي والاقتصادي هناك لم تتحقق دون مصاعب. إن محاولة الأوروبيين والأمريكيين غزو اليابان اقتصادياً، وما فرضوه عليها من المعاهدات غير المتكافئة قد أثار لدى اليابانيين الشعور بكراهية الأجانب، وعمّق نزعة الدفاع عن استقلالهم، وزاد من إصرارهم على إحراز التفوق التكنولوجي لمواجهة الغرب اقتصادياً وعسكرياً، ولتحقيق هذه الأهداف قام اليابانيون تحت تأثير ثورة الميجي الإصلاحية بالعديد من الإصلاحات، منها الإصلاحات السياسية والإدارية. فصدر دستور الميجي وينص على إقامة نظام برلماني شبيه بالأنظمة البرلمانية الغربية مع مراعاة الحفاظ على خصوصية المجتمع الياباني وتطوره التاريخي، وقد حدد الدستور صلاحيات الإمبراطور، وحقوق الرعايا وواجباتهم، ونص على إنشاء مجلسين: مجلس الشيوخ ويعين أعضاؤه من قبل الإمبراطور، ومجلس النواب وينتخب من الشعب انتخاباً حراً ومباشراً، وقد حدد الدستور صلاحيات هذين المجلسين، وثمة أبواب في الدستور تتعلق بالسلطتين التنفيذية والقضائية.. والمجلس الخاص والذي أنيطت به صلاحية الموافقة على التعديلات الدستورية والقانونية والمعاهدات. اليابان اتجهت إلى بناء اقتصاد قوي وعصري قادر على سد احتياجاتها المختلفة، لذلك ركزت على تطوير التجارة والزراعة والصناعة، واهتمت ببناء السفن وبناء أرصفة الموانئ، وإقامة مصانع للحديد... وغير ذلك من الصناعات المشابهة لمثيلاتها في الدول الغربية، وفي الفترة الممتدة بين عامي 1874- 1880 قامت اليابان بإصلاح نظامها النقدي، وأصدرت عملة قومية جديدة هي الين وفي عام 1882 وحدت حكومة الميجي النظام المصرفي عندما أنشأت بنك اليابان، وأصدرت نقداً للتداول على المستوى القومي، وفي تسعينات القرن التاسع عشر، صدّرت اليابان 50% من إنتاج الفحم إلى الأسواق الخارجية، وتكونت لديها ثروات ضخمة من استثمارات الشركات اليابانية، مثل ميتسوي وميتسوبيشي وسوميتومو، وكذلك ركزت اليابان على تطوير صناعة النسيج، فأقامت مصانع حديثة في مجال صناعة الحرير والقطن والأصواف ومواد البناء وغير ذلك، وبالرغم من هذا التطور الصناعي الملحوظ فان عدد المصانع لم يزد حتى عام 1894 عن 200 مصنع تعتمد على البخار كقوة محركة، ونحو 400 ألف مغزل وألف منسج تدار آلياً، وقد شكلت رؤوس الأموال المستثمرة في الصناعة حتى عام 1899 حوالي 14.6% من مجموع رؤوس الأموال المستثمرة في اليابان، وحظى قطاع البنوك والتامين بنسبة 40.7% والنقل 32.4%، أما الباقي فكان موزعاً في المجالات المختلفة بنسب متفاوتة وحتى ذلك الحين 1899 كانت الزراعة تشكل النشاط الرئيسي للسكان.