قال الضَمِير المُتَكَلّم : أنا الموَاطِن ( مِسكِين ) من عنيزة قسا عليّ الزمن ، زارني المرض ... والفقر سَكن تفاصيل بيتي المتواضع المستأجَر !! عَملت بحثاً عن لقمة عيشٍ لأولادي كلّ شيء وأي شيء حلال ، حتى أني اشتغلت يوماً حمّالاً بالأجرة اليومية ( وحينها لم يصدقوا ... وردّدوا سعودي حَمّال !!) ولكن اشتدّ عليّ المرض فتغلغل في عظامي ومفاصلي ، وحال بيني وبين ممارسة العمل !! بحثت عن المؤسسات الحكومية فلم أجدها ... وصلت لأبواب الجمعيات الخيرية ؛ فهاهي ( جمعية عنيزة ) تُسهِم بثلثي قيمة الإيجار !! ولكن بقية الإيجار تنادي ، والأفواه الجائعة تستغيث ، والأبدان التي أنهكتها الأمراض المزمنة ( الدوالي والسكر والضغط ) تصرخ بحثاً عن الدواء ؛ لقد بِعت كلّ ما أملك ؛ فماذا أفعل ؟! ولِمن بعد الله ألجأ ؟! تلك الحكاية ليست أسطورية ، بل مشاهد نقلها تقرير موثّق بالصور بثت صحيفة ( الشرق ) يوم الأحد الماضي عن مأساة أحد المواطنين في عنيزة !! أصدقكم القول قرأت التقرير ، أمعنت النظر في الصّور .. غَرِقَت عيني بالدموع ؛ فكيف يحدث هذا في بلادنا ؟! أين المؤسسات الحكومية المعنية ؟! أين وزارة الشؤون الاجتماعية ؟ أين وزارة الصحة؟! أين الزكاة الشرعية لتلك المليارات التي يمتلكها الهوامير هنا وهناك ؟! فكما قال خطيب المسجد النبوي الشيخ حسن آل الشيخ في الجمعة الماضية : لو دفعت الزكاة لما بقي في وطننا فقير واحد . أيها المسؤولون اهبطوا من أبراجكم العاجية ، وتلمسوا حاجيات المواطن البسيط؟ وضعوا البرامج المناسبة والحلول العملية ؛ فالعديد من المواطنين يعاني الفقر والمرض!! وأخيراً أعتقد أن الواقع يفرض أن تُغْلق الجمعيات الخيرية عندنا أو يوجّه لمساعدة المحتاجين في الخارج ؛ فمع التقدير لجهودها الداخلية ؛ إلا أن المواطن السعودي حَقُه أن يدفِن الفقْر، وأن يعيش الحياة الكريمة من خيرات ترابه ، دون صدقة أو فَضْلٍ أو مِنّة !! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة .