أسئلة مهمة تطرح نفسها بإلحاح في سياق تطور الحدث السوري، يأتي في مقدمتها: ما معنى أن تتجاهل دمشق بنود الاتفاقية التي أبرمتها مع الجامعة العربية؟ وما معنى أن يتكرر مشهد التفجير الانتحاري في سوريا للمرة الثانية في غضون أسبوعين؟ وما معنى أن يطلب الأمين العام للجامعة العربية من رئيس مكتب حماس التدخل لدى دمشق لوقف العنف الذي يبدو من الواضح في ضوء عشرات القتلى والجرحى الذين سقطوا ضحايا التفجير الانتحاري الذي شهده حي الميدان المكتظ في قلب دمشق أمس الأول أنه ينحو منحى التصعيد بالرغم من وجود بعثة المراقبين العرب منذ أكثر من أسبوع في الأراضي السورية؟ بالطبع فإنه ليس من السهل الحصول على إجابات صريحة وشافية على تلك الأسئلة من نظام لا يهمه المصلحة الوطنية لسوريا وشعبها الأبي بقدر ما يهمه الحفاظ على بقائه في السلطة حتى وإن كان الثمن خسارة استقلالها ووحدة أرضها وسلامة شعبها. فوتر تنظيم «القاعدة» الذي يلعب عليه الأسد مؤخرًا بعد أن خسر كافة أوراقه، لا يمكن أن يقنع أحدًا بعد أن أصبحت تلك اللعبة التي استخدمت من قبل في بلدان عربية أخرى كليبيا في خضم ثورات الربيع العربي كوسيلة للاحتفاظ بالسلطة مكشوفة؛ لأن الجميع يعلم جيدًا أن حكاية التفجير الانتحاري لا تحتمل أكثر من فرضيتين، إما أن النظام يلعب لعبة الإرهاب ضد الشعب السوري باسم القاعدة، وإما أن يكون عقد تحالفًا معها لمصلحة النظام، وفي الحالتين نرى أنفسنا أمام تمثيلية هزلية، لا تجدي معها الوساطة، ولا تنفع معها لغة المنطق والتعقل والإقناع. اجتماع لجنة الجامعة العربية اليوم لمناقشة التقرير المبدئي للمراقبين العرب المكلفين بالتحقق من مدى التزام سوريا بالخطة العربية الرامية لوقف عنف النظام ضد أبناء الشعب السوري منذ نحو عشرة أشهر ينطوي على أهمية قصوى، لما هو مؤمل منه في وضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بجدوى استمرار مهمة المراقبين العرب في ظل استمرار ممارسة النظام السوري للعنف، والخطوة التالية في كيفية التعامل مع أسلوب المراوغة والتضليل الذي يتبعه النظام السوري مع شعبه ومع الجامعة العربية ومع المجتمع الدولي ككل.