إذا عرفت «فوال الركن» بإمكانك الوصول إلى المركز الصحي في حي الثعالبة، وإلا فإنك ربما تمضي يومك كاملا في البحث عنه، وقد تطبق في نهاية الأمر المثل العربي «رضيت من الغنيمة بالإياب» بعد أن ينال منك التعب ويصيبك اليأس وأنت تسأل كل من تقابله في طريقك عن موقع المركز دون أن تجد الإجابة التي تبحث عنها.. وربما تكون مررت به في رحلتك هذه عدة مرات دون أن تدري، وذلك بسبب الاشجار التي تحيط بمبناه المتهالك، فيما لوحته الصغيرة آثرت الاختباء خجلا خلف أغصان هذه الأشجار. وشاءت الأقدار لمحل فوال معروف أن يكون على شارع رئيس في موقع يسبق مقر المركز الصحي، فأصبح رمزا يستدل به للوصول إلي مبنى المركز المتهالك الذي عزف عنه كثير من الأهالي، واقتصر مراجعوه على محدودي الدخل الذين لا تمكنهم ظروفهم المادية من طرق أبواب أخرى للعلاج. « المدينة» قصدت المركز للوقوف على الشكاوى التي تحدث عنها عدد من سكان الحي، ولا أخفي عليكم أننا استغرقنا أكثر من ساعة ونصف الساعة في البحث عن مقره، فيما زمن الوصول إليه في الظروف العادية لا يتجاوز العشرين دقيقة، فقد مررنا من أمامه عدة مرات، ولكن لم يدر بمخيلتنا بل لم نكن نتوقع أن يكون هذا المبنى الذي يقبع خلف أشجار متشابكة الأغصان وبجوار أكوام من النفايات المتكدسة، لمركز يُعنى بصحة الناس. وعند وصولنا فوجئنا بعدد من المراجعين ينتظرون دورهم مستظلين بهذه الاشجار بسبب عدم وجود صالات انتظار في قسم التطعيم، وما أن دلفنا إلى الداخل وجدنا أنفسنا وجها لوجه أمام الصيدلية التي امتد الصدأ إلى أرففها حيث توضع الادوية، وهي أقرب ما تكون إلى أرفف مقصف مدرسة في مبنى مستاجر. يقول يحيى الحيوي والذي حضر مع زوجته من أجل أخذ تحويل لأحد المستشفيات للكشف عليها لدى طبيب النساء والولادة: هذه أول مرة أقصد هذا المركز، وقد عانيت كثيرا في الوصول اليه حيث تحيط به الاشجار والمخلفات من كل جانب، وليس هناك ما يشفع له بأن يكون مركزا صحيا، سواء من حيث الموقع المنزوي أو المبنى المتهالك الذي تجاوز عمره الافتراضي بسنوات طويلة. أما مروان علي والذي كان يحمل طفله بدر ويقف به في ظل الأشجار المحيطة بالمبنى، فيقول: لا توجد صالة للانتظار بجوار غرفة التطعيم، ومن الصعب الوقوف أو الجلوس في الممرات الداخلية الضيقة التي لا تتسع لمرور شخصين في وقت واحد، فكان الخيار الأفضل هو الانتظار هنا في الخارج. وعن الخدمات الطبية قال: إنني أضطر للذهاب إلي المستوصفات الأهلية حيث أجد بيئة صحية سليمة وخدمات أفضل. ويؤكد علي المتحمي أن هذا الموقع لا يصلح لمركز صحي يقدم الرعاية الصحية للمواطنين، فالمبنى متهالك ومهما قاموا بترميمه لا فائدة ترجى منه، ويبدو أن الشؤون الصحية لا تهتم به كونه يقع في جنوبجدة التي يمثل محدودو الدخل غالبية سكانها، ودليل ذلك أن جميع مراكز الجنوب تعاني من الإهمال الشديد، فاللوحة لا تكاد تراها بسبب صغر حجمها واختفائها وسط أغصان الاشجار المتشابكة. وأضاف وهو يضحك ساخرا «تخيل أن موقع (فوال الركن) أفضل من المركز الذي لا يستدل الناس عليه إلا من خلال محل الفوال». وطالب المتحمي بإيجاد مبنى بديل للمركز في موقع بارز يسهل الوصول إليه. .. والموظفون يشتكون كما تحدث ل «المدينة» عدد من موظفي المركز مؤكدين أن البيئة المحيطة به سيئة جدا، حيث تتراكم النفايات بجواره ولا يتم رفعها لعدة أيام، إضافة إلي معاناتنا مع مواقف السيارات حيث يصعب الحصول على موقف إلا بعد عناء ومشقة، فيما المركبات التالفة تسيطر على مدخل المركز. وعن النظافة قالوا: المبنى قديم ومهما عملنا وبذلنا من جهد فلا جدوى فيه، وأشاروا إلى أن تقديم خدمات الرعاية الصحية يتطلب بيئة صحية سليمة بالدرجة الأولى.