تباينت آراء العلماء والمختصين حول تولية المرأة في وظيفة كاتبة عدل، فذهب البعض منهم إلى أنه لا يوجد أي مانع من تولية المرأة في منصب كتابة العدل من الناحية الشرعية، فالمرأة مع المرأة أقدر على إيضاح الحق وعلى تحقيق العدل وضبط القضايا، وأن مقترح تولية المرأة كتابة العدل ينطوي على خطوة إيجابية للغاية، فيجب أن يكون تعامل المرأة في مجال كتابة العقود وتوثيقها والوكالات وغيرها مع بنات جنسها فقط، ودعوا وزارة العدل إلى تبني الفكرة وتذليل كافة العقبات في طريق تحقيقها، وتوفير كافة الشروط التنظيمية والإدارية التي تفتح المجال لخوض المرأة لهذا المجال، مع السماح لها بالاشتغال بالمحاماة حتى تتكامل كافة الخدمات التي تحتاجها المرأة إذا اضطرتها الظروف إلى المطالبة بحقوقها الشخصية، بينما رفض البعض الآخر شغل المرأة لهذه الوظيفة، وبرروا ذلك بأن «كتاب العدل» هم من أعوان القضاة ويأخذون حكم القاضي ولا بد من تعيين الرجال في مثل هذه المجالات، والمرأة من طبعها الحياء، «الرسالة» بسطت أبعاد القضية على العلماء والقضاة فأفاضوا بآرائهم في تفاصيل التحقيق التالي. في البدء أوضح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور صالح بن غانم السدلان أنه لا يوجد ما يمنع من تولي المرأة في منصب كتابة العدل، وقال: لا شك أن الدين الإسلامي يحفظ الحقوق ويمنع التزوير وانتحال الشخصيات في جميع الأماكن سواء أكان في كتابة العدل أو في غيرها، واعتقد أن المسؤولين وفي مقدمتهم الوزير وغيره من المعاونين عليهم أن يتفهموا هذا الأمر جيدا لأنه يصب في مصلحة وتحقيق أمن الحقوق ومنع حيل المحتالين وتزوير المزورين وكذب الكاذبين، وأضاف أن الهدف المطلوب لا ينبغي الاعتراض عليه ويجب على المسؤولين في وزارة العدل وفي صدارتهم الوزير أن يسعوا لتطبيع النواحي المفيدة التي تؤمن الحقوق وتمنع التزوير والكذب سواء في كاتبات العدل أو في غيرها. موافقة الشرع وذهب إلى أنه لا يوجد أي مانع من تولية المرأة في منصب ووظيفة كتابة العدل من الناحية الشرعية، مبررًا ذلك بأن المرأة مع المرأة اقدر على إيضاح الحق وعلى تحقيق العدل وعلى ضبط القضايا، وقال: فلا يمنع أن يأتي يوم من الأيام أن تنظر وزارة العدل في وجاهة هذا الاقتراح أو غيره من الأمور النافعة، فالمرأة منذ الماضي تولت التعليم والإدارة، وتولت الأمور التفتيشية والمتابعة فإنها هذا أمر إن شاء الله سيكون متاحًا يوما من الأيام بعد النظر، ودراسة هذه القضية. خطوة إيجابية من جهته قال المحامي الأستاذ عبدالعزيز القاسم: إن كتابة العدل هي في أساسها وظيفة شرعية، وتعيين المرأة في وظيفة كتابة العدل، لا يجابه بأي موانع أو أي قيود شرعية، وقال لا يوجد أي مانع شرعي يذكر، فالمرأة هي أدرى بالنساء في مصالحهن ومتطلباتهن، وأقدر على التعامل مع أخواتها من الرجل، اعتبر التفكير في مقترح تولية المرأة كتابة العدل خطوة إيجابية للغاية، وأكد أن تطبيقها سيؤدي إلى تحقيق فوائد إيجابية جمة للمرأة وللمجتمع. تعيين الرجال من جهته أشار القاضي بالمحكمة الجزئية بالمدينة المنورة الشيخ فيصل آل الشيخ إلى أن المتعارف عليه أن «كتاب العدل» هم من أعوان القضاة ويأخذون حكم القاضي ولا بد من تعيين الرجال في مثل هذه المجالات، وقال: ان المسألة من الناحية الشرعية يجب أن تمشي وفقًا للحكم الشرعي لأن هذه الأمور يفترض فيها تعيين الرجل، ومن المعروف أن المحاكم يحضرها رجال ونساء، والرجل عليه الأخذ والرد والمرأة من طبعها الحياء، فالأولى أن تكون للرجل فقط كتابة العقود وذلك لأن المحاكم لا تفرق بين الرجل والمرأة في الحضور. وأضاف آل الشيخ أننا في بلد مرجعه الشرع وأقوال العلماء وبالنسبة لهذه المطالبات من تعيين كاتبات عدل فإن العلماء أوصوا بأن يكون الذكور هم المسؤولون في هذه المسائل، ولكن من الممكن أن توجه الوزارة إلى دراسة هذه الحاجات في بعض الأقسام كالصلح وأن يستعينوا بالنساء فيها، وأكد على أنه لا بد أن كتابة العقود للرجل أولًا وأخيرًا. المفاسد الواقعة من ناحيته قال الشيخ علي الجابر: إن للمرأة حاجات لدى كتابات العدل، وهي عند مراجعتها لكتابات العدل قد تختلط وربما تحتك بالرجال في المحكمة عند المداخل والمخارج، وأنه من حقها الشرعي وحماية لحشمتها وعرضها أن تكون هناك أقسام مستقلة بطواقم نسائية فقط، تستقبل المرأة وتقضي ما تحتاجه من استعلام وإحالة ومطابقة هوية. وأضاف الجابر أنه لا يوجد ما يمنع وجود كاتبات عدل مستقلات من النساء في المستقبل، حتى لا تضطر المرأة لمزاحمة الرجال في مراجعاتها لكتابات العدل، وأوضح أن توفير هذه الأجواء للمرأة سيحقق الكثير من المصالح الشرعية، وسيمنع الكثير من المفاسد الواقعة، وقال: توجد الكثير من المتخرجات في كليات الشريعة المؤهلات لهذه المهمة، وفي الإمكان الاستعانة بهن في هذه الأعمال فيستفيد المجتمع من توظيف هاتيك المتخرجات وكذلك يستفيد من سهولة تعامل المرأة في مرفق القضاء. آل الشيخ: المرأة تمتلك صلاحية العمل في مجال التوثيق أسوة بالرجل وبدوره أوضح الأستاذ المشارك بالمعهد العالي للقضاء الدكتور هشام آل الشيخ أن المرأة تمتلك صلاحية العمل في مجال التوثيق أسوة بالرجل سواء بسواء، غير أنه أكد على ضرورة الفصل في مجال العمل بحيث لا تكلف المرأة سوى بالتعامل مع النساء فقط، وقال: يجب أن يكون تعامل المرأة في مجال كتابة العقود وتوثيقها والوكالات وغيرها مع بنات جنسها فقط، وتستطيع كتابة هذه العقود بحيث تتعرف على المرأة وتتعرف على الشاهدة وعلى جميع أطراف التوثيقات الأخرى من النساء. تبني الفكرة وأعرب عن اعتقاده بانتفاء المانع الشرعي الذي يحول بين المرأة واضطلاعها بهذه الوظيفة، أو في مجال كتابة الضبط وغيرها، ولفت الانتباه إلى ضرورة توافر كافة الشروط التنظيمية والإدارية التي تفتح المجال لخوض المرأة لهذا المجال، الذي رأى ضرورة الإشراف عليه من قبل وزارة العدل، وأن يفتح مجال التوظيف فيه للمتخرجات في الكليات الإسلامية مثل كلية الشرعية، ودعا وزارة العدل إلى تبني الفكرة والعمل على تحقيقها، معتبرًا أنها ستصب في مصلحة المرأة بالدرجة الأولى حيث ستوفر لها الاستقلالية في قضاء شؤونها عن الاختلاط بالرجل، الذي تضطر في الوضع الحالي إلى كشف شخصيتها أمامه، وقال أنه سيكون من الأفضل للمرأة أن تجرى كافة معاملتها من هذا النوع مع امرأة مثلها، وعلى الأخص في مجال عقود الأنكحة. المحاماة النسائية وطالب آل الشيخ بفتح المجال للمحاماة النسائية، بحيث تكامل الخدمات التي تحتاجها المرأة في الحصول على حقوقها الشخصية، وقال: سيتسنى للمرأة التي ترغب في رفع دعوى الذهاب إلى امرأة مماثلة، وتقوم بتوكيلها في دعواها وتقوم المحامية بدورها بالترافع عند القاضي، ومحاولة الحصول على حقوقها، وأضاف أن المرأة تواجه صعوبات شديدة عندما تتعلق الدعوى بالزوج أو الأخ وانخراط المرأة في مهنة المحاماة سيزيل كثير من هذه الصعوبات وسيزللها. المالكي: وزارة العدل إذا أرادت تطبيق هذه الخطوة فعليها دراسته من جميع النواحي من جانبه أوضح الشيخ فيصل المالكي أنه عرف منذ القدم أن القضاء من اختصاص الرجال فقط وأنه ليس للنساء نصيب فيه، ولكن هذا الأمر يختلف نوعا ما عن كتابة العدل بين النساء، فالبعض شبه كتابة العدل بالقضاء ولكن آخرون بينوا أن هناك فرقا فيما بينهم، ولكن في حقيقة الأمر أن النساء عندما يقعن في مشكلة وخاصة مع ولي أمرها أو محرمها ولم تجد من يعاونها في هذا المجال فقد تلجأ للإدلاء بصوتها عند الرجال، ولكن أرى من وجهة نظري الخاصة أنه عندما ننشئ كاتبات عدل في المحاكم والمختصات فقط بين النساء والنساء وهذا لحفظ المرأة من مزاحمتها للرجل وحفاظا لها من كل مكروه ولسمعتها. منوهًا أن الأهم من هذا أن وزارة العدل إذا أرادت هذه الخطوة فعليها دراسة هذا الأمر من جميع الجوانب وهي نقطة إيجابية في حالة دراستها بأكمل وجه، ولكن أن تجعل المرأة كاتبة للعدل في جميع الأوقات ففي هذه الحالة يكون الأمر ليس إيجابيًا، مع أمنيتي بأن تكون هذه الخطوة في نطاق محدود وألا تفعل في جميع الأوقات وإنما تكون مختصة كما ذكرت سابقا بين النساء فقط. ملفتًا أن هناك أمرًا يجب تداركه ألا وهو تولي المرأة للقضاء فالبعض قد لا يفرق بين كاتب العدل والقاضي، ولكن القضاء به اختلاف كبير عن كتابة العدل فالأول بإمكان النساء المشاركة فيه وليس حكرًا على الرجال بخلاف الثاني.