أمانة المدينة تدشّن نفق تقاطع سعد بن خيثمة مع "الدائري الأوسط"    لأول مرة.. مبيعات التجارة الإلكترونية عبر «مدى» تتجاوز 1.000.000.000 عملية    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تباين    أدريان ميرونك يتصدر منافسات الأفراد في أول أيام بطولة "ليف جولف الرياض"    ما العلاقة بين لقاحات كورونا وصحة القلب ؟    أضرار الأشعة فوق البنفسجية من النافذة    «قيصر» السوري يكشف عن هويته بعد أعوام من تسريب صور التعذيب    ترمب يوقع أمراً تنفيذياً يفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية    لصوص النت.. مجرمون بلا أقنعة    ليفربول يسحق توتنهام ويضرب موعدا مع نيوكاسل بنهائي كأس الرابطة    إنترميلان يسقط بثلاثية أمام فيورنتينا بالدوري الإيطالي    «مجمع الملك سلمان» مسمى منطقة صناعة السيارات في مدينة الملك عبدالله    أرض الحضارات    الأردن: إخلاء 68 شخصاً حاصرهم الغبار في «معان»    سبق تشخيصه ب«اضطراب ثنائي القطب».. مغني راب أمريكي يعلن إصابته ب«التوحد»    كيف كنا وكيف أصبحنا    دور وزارة الثقافة في وطن اقرأ    يا بخت من زار وخفف    لماذا لا يجب اتباع سنة الأنبياء بالحروب..!    العالم الصلب تسيل قواه.. والمستقبل سؤال كبير !    فقط في المملكة العربية السعودية !    لا تحسد الثور على كُبر عيونه    وكيل وزارة الداخلية يرأس اجتماع وكلاء إمارات المناطق    أمانة القصيم تُقيم برنامجًا في الإسعافات الأولية مع هيئة الهلال الأحمر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس الجزائر في وفاة رئيس الحكومة الأسبق    خلال مشاركتها في مؤتمر ليب 2025.. «السعودية الرقمية».. بوابة الابتكار الحكومي للعالم    القادسية يتغلّب على الرائد بثنائية في دوري روشن للمحترفين    «أخضر 20» يخسر ودية إيران    الصناعات الثقافية والإبداعية ومستهدفات التحول الوطني    "الرياض للجولف" يحتضن أبرز البطولات العالمية للرجال والسيدات    الملك وولي العهد يُعزيان ملك السويد في ضحايا حادثة إطلاق نار بمدرسة    جسر حضاري يربط المملكة بالعالم    العلي يقدم قراءات ونماذج في أدب السيرة    وزارة الرياضة تعلن فوز مصرف الإنماء بعقد استثمار حقوق تسمية ملعب مدينة الملك عبدالله الرياضية بجدة    مصر: سنعمل مع الشركاء لإعادة إعمار غزة دون مغادرة الفلسطينيين لأرضهم    تفقد المرافق العدلية في الأحساء.. الصمعاني: خدمة المستفيدين أولوية    الحميدي الرخيص في ذمة الله    نيمار: سأرد على جيسوس في الملعب    ولي العهد يطلق تسمية "مجمع الملك سلمان" على منطقة صناعة السيارات بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية    القتل تعزيراً لمهرب الإمفيتامين في مكة    تغيير مسمى ملعب الجوهرة إلى ملعب الإنماء حتى عام 2029م بعد فوز المصرف بعقد الاستثمار    ثبات محمد بن سلمان    «8» سنوات للأمير سعود في خدمة المدينة المنورة    مستشفى سعودي يحصد المرتبة ال 15 عالمياً ويتصدر منشآت الشرق الأوسط وشمال أفريقيا    الرديني يحتفل بعقد قران نجله ساهر    لبلب شبهها ب «جعفر العمدة».. امرأة تقاضي زوجها    رعي الحفل الختامي لمسابقة التحفيظ .. أمير الرياض: القيادة تهتم بالقرآن الكريم وحفظته والقائمين عليه    النزاهة مفهوم عصري    مفتي عام المملكة يستقبل المشرف على وحدة التوعية الفكرية بجامعة الملك فيصل    آدم ينير منزل شريف    الشريف والمزين يزفان محمد    إطلاق برنامج التعداد الشتوي للطيور المائية في محمية جزر فرسان    محمود عباس: مواقف السعودية شجاعة ومشرفة    ألما يعرض 30 عملا للفنانة وفاء الشهراني    قاعدة: الأصل براءة الذمة    إقامة ورشة عمل حول " توسيع أفق بحوث العلاج في أمراض الروماتيزم " الملتقى العلمي الدولي ٢٠٢٥    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية والرئيس الألماني    الرئيس السوري أحمد الشرع يغادر جدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة.. تبحث عن موطئ قدم في ساحات القضاء..!

تفاوتت آراء العلماء والمختصين حول قضية تولي المرأة لمسؤولية القضاء، وبينما يرى آخرون إمكانية أن تعمل المرأة في هذا المجال، ويفنِّدون كل الحجج التي تزعم وجود نصوص قطعية تمنعها من ولوج باب القضاء، يقف آخرون موقفاً واضحاً، مؤكدين أن الشرع قد حسم الأمر ومنع المرأة من هذا العمل، حتى ولو كان القضاء بين امرأة وأخرى. فهل يجوز للمرأة العمل في هذا المجال؟ وهل حان الوقت لها كي تجلس على منصة القضاء وتفصل بين المتخاصمين؟ وكيف تمارس ذلك في مجتمع لا زال يستغرب الأمر؟ وهل هي صالحة للعمل في كل أنواع المحاكم بما فيها التي تحكم في الدماء والقصاص؟ أم أن هناك موانع تحول دون ذلك؟ وهل يسمح القانون والنظام بذلك؟ الرسالة حملت هذه التساؤلات ووضعتها أمام مجموعة من العلماء والمختصين فأفادوا بما يلي: ولاية خاصة بداية يوضح الدكتور خالد بن مفلح بن عبد الله الحامد الأستاذ المساعد بالمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود أن القضاء يعتبر من الولايات العامة والأصل في المرأة عدم توليها هذه الولايات، وقال: دليل ذلك ما ورد في صحيح البخاري عن النبي عليه الصلاة و السلام:(لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) فالولاية العامة كالقضاء فالأصل عدم جواز توليها المرأة بأي شكل من الأشكال. وأبان الحامد أن المرأة يجوز لها ما في الولايات الخاصة كالولاية على الأبناء، وقال:يستفاد من المرأة في القضاء وذلك في الشهادة بأن تقبل شهادة المرأة الواحدة فيما لا يطلع عليه إلا النساء، ومثل نتائج الحيض هل المرأة تحيض أم لا، وفي مسألة الرضاع يأخذ قولها وذلك حدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من أحد أصحابه أن هناك امرأة قالت أنا أرضعت هذا الرجل وزوجته فكأن الرجل قد قال أنت لم ترضعيني فأتى النبي عليه الصلاة والسلام قال دعها عنك أي: (زوجته) حيث أمره بتطليق زوجته بناء على قول هذه المرأة ولذلك أخذ قولها في مثل هذا الأمر، فهذا ليس من باب الولايات وإنما من باب الشهادة. أما الولايات فيجوز لها أن تكون والية على أولادها مثل إذا كانت هي من تتولى أمرهم إن لم يكن هناك أحد من الرجال من أقرباء المرأة، كاليتيم الذي لا يكون له أي صلة قرابة من الرجال فعندها ستكون أمه هي الوالية عليه وتقوم بمراجعة الجهات المختصة، و لكن في قضايا الزواج لا يجوز لها تزويج ابنتها. المحاماة غير القضاء وبدوره يقول الشيخ فيصل بن محمد الشيخ القاضي بالمحكمة العامة بجدة أن القضاء ولاية شرعية والعلماء ذكروا أن من شروط الولاية الشرعية للقضاء الذكورة، أما أن تصبح المرأة هي القاضية فهذا ليس صحيحاً. وبين الشيخ أن القضاء ولاية شرعية ولو كانت هناك مشكلة نسائية فإنه لا ينفع أن تحكمها امرأة بل الرجل هو المسؤول عن الحكم وهذا من شروط القضاء، وقال: الوزارة وافقت على أن تمارس المرأة مهمة المحاماة والترافع أمام المحاكم. الوكالات هو أمر معمول به في محاكمنا و قد تأتي امرأة وكيلة عن زوجها المريض أو وكيلة عن والدها ووالدتها أو أخواتها فهذا الموضوع مقبول عندنا ولا يوجد أي إشكالية في أن تنوب امرأة عن رجل بوكالة شرعية. القضاء دون الرئاسة! وبدوره يرى الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية أن الشريعة الإسلامية لا تجيز للمرأة أن تتولى رئاسة الدولة، لكنها لا تمانع أن تصبح قاضية، ويقول: بحسب مبادئ الشريعة لا يجوز للمرأة أن تكون رئيساً للدولة لأن من سلطاته إمامة المسلمين في الصلاة شرعاً وهي لا تكون إلا للرجال، أما إذا كانت الحقوق السياسية بمفهومها الشائع تشمل حق الانتخاب والترشيح وتولي الوظائف العامة فان مبادئ الشريعة لا تمانع في أن تتولى المرأة هذه الأمور ومنها القضاء وعضوية المجالس البرلمانية ما دامت تستطيع التوفيق بين العمل في هذه المجالس وبين حق زوجها وأولادها وأصحاب الحقوق عليها إن وجدوا، وما دام كان ذلك في إطار أحكام الإسلام الأخلاقية بعيداً عن السفور والتبرج والخلوة غير الشرعية. ويضيف:يجوز للمرأة المشاركة في الحياة العامة اجتماعية كانت أم سياسية، طالما كانت هذه المشاركة في حدود الآداب الشرعية ولم تؤد إلى إهمال في حقوق بيتها وأسرتها، وجمهور الفقهاء يشترط في القاضي الذكورة لقوله تعالى "الرجال قوامون على النساء". لكن هناك آراء مخالفة لفقهاء كبار مثل أبي حنيفة الذي يرى "جواز تولي المرأة القضاء" وابن جرير الطبري الذي لا يشترط الذكورة في ولاية القضاء لأن المرأة يجوز أن تكون مفتية فيجوز أن تكون قاضية وهذا الرأي هو ما نتفق معه ونؤكد أنه لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية ومبادئها السمحة. شروط خاصة ومن جانبه يبين القاضي بمحكمة التمييز بالرياض الدكتور إبراهيم الخضيري أن أهل العلم جميعاً وجمهورهم يرى بأن المرأة لا تتولى أعمال القضاء بأي حال من الأحوال، ويقول: القضاء ولاية سيادية من الولايات التي لا تتولاها المرأة، وللأحناف قول بجواز تولي المرأة القضاء في ما يتعلق بأمور النساء، ولكن الصحيح خلافه وذلك لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا يقضي قاض بين اثنين وهو غضبان)، ومعروف بأن المرأة ذات مشاعر عاطفية وقدرتها على تحمل ما يجري أمام القضاة من مشاهد مأساوية ومشاهد مؤلمة وكلمات جارحة وضبطها لنفسها تختلف عن قدرة الرجل تماماً، فهناك فرق شاسع في الغالب، نعم قد تكون هناك امرأة نادرة و تتحمل مثل هذه المشاهد ولكن العبرة بالعموم. والنادر لا حكم له. واشترط الفقهاء أن من يتولى القضاء لا بد أن يكون من الذكور سواء أكان قضاءً عاماً أو خاصاً، جنائياً أو مدنياً كما يسميه البعض. وحول وجود قاضية في ما يتعلق بقضايا المرأة يقول الخضيري: في الغالب يكون من النادر جدا حضور قضية بين امرأتين في شأن نسائي، صحيح قد تحدث قضية بين امرأتين في بيع وشراء وفي مواريث ذات حقوق مالية ولكن يندر أن تكون هناك قضية نسائية بين امرأتين في شأن نسائي خاص، فعلى فرض وجوده فإنه لا يبرر وجود قاضية من النساء. الفتوى والقضاء من جانب آخر يستعرض الدكتور هشام بن عبد الملك بن عبد الله بن محمد آل الشيخ عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية آراء الفقهاء في المسألة، ويقول: آراء العلماء تصنف على ثلاثة أقوال: الأول: هو قول جمهور أهل العلم أن المرأة لا تتولى القضاء. والثاني والذي ذهب إليه الحنفية هو: أن المرأة تتولى القضاء في غير الدماء و الحدود. والثالث: هو قول شاذ لابن جرير الطبري أنها تتولى القضاء في كل شيء، لكن قوله هذا مردود عليه وهو غير صحيح. وبيَّن الشيخ أن من ذكر قول الحنفية وأدلتهم يتضح أن الحنفيين ذكروا شروطاً للمرأة لتوليها القضاء في غير الحدود والعقوبات والأحوال الشخصية، ولو طبِّقت هذه الحدود فإننا نذهب إلى القول بعدم تولي المرأة للقضاء، وذلك لاختلاف طبيعة المرأة عن الرجل من ناحية جيولوجيا جسم المرأة واختلاف طبيعتها فهي لا يمكن أن تتولى القضاء في مثل هذه المسائل التي بها دماء وخصومات لأن طبيعة المرأة لا تخولها لمثل هذه الأعمال من ضعف وبعض الظروف التي تأتيها كل شهر فهنا تقل قدرتها على النظر في مثل هذه القضايا. فهذا الموضوع يحتاج إلى كثير من النظر، خاصة من الفقهاء المعاصرين، ولكن أكثر ما استدل به الجمهور هو الحديث الذي يقول: (لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) فالقضاء من الولايات العامة، وقضية تولي المرأة القضاء، خاصة في مسائل الدماء هو جناية فلا أقول أنها جناية على القضاء، بل هي جناية على نفس المرأة. شدة ومشقة ولا يختلف الشيخ سليمان بن إبراهيم الفعيم القاضي في وزارة العدل بمنطقة عسير عما قاله سابقوه، حيث يقولك القضاء فريضة محكمة، وسنة متبعة، به يجتمع الشرع والحكم، وتقوم الدنيا والدين، ويُلزم الناس بالحق المبين، وهو مسلك وعِرْ ومركب خَطِر، بل روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين"، وهذا بيان منه صلى الله عليه وسلم لصعوبته وخطورة أمره، وقد ذكر أهل العلم في معنى هذا الحديث أن القاضي لا بد له من المشقة أو العذاب؛ فالمشقة في الدنيا حين يتقي الله ويبذل الوسع في تحري الحق أو عذاب الآخرة حين يقصر ويتهاون و يتبع الهوى ويميل عن الحق. يقول ابن الصلاح رحمه الله في شرح هذا الحديث: المراد ذبح من حيث المعنى لأنه بين عذاب الدنيا إن رشد، وبين عذاب الآخرة إن فسد، لهذا كره تولي القضاء كثير من السلف والخلف، وهذا كله يدل على أن القضاء يحتاج الأشداء من الرجال لا كل الرجال فكيف بالمرأة التي فطرت على الرأفة والرحمة والعاطفة وكتب عليها الحمل والولادة والعناية بالأطفال وهذا كله يبعدها عن الموضوعية والتجرد والحياد بالتالي عدم الوصول إلى الحق وإقامة العدل الذي هو مقصود القضاء. ويضيف الفعيم: طبيعة المرأة توجب عليها التخدر والقرار في البيوت فهل نتصور أنها ستجلس بين المجرمين لتقضي بينهم؟ أم هل ستصدر حكم القتل والرجم وقطع اليد على من يستحقه؟ من هنا ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا يجوز تولية المرأة القضاء لقوله تعالى: "الرجال قوامون على النساء" وفي تولية المرأة قوامة على الرجال وهذا يتعارض مع الآية الكريمة. ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة" وهذا النهي في جميع الولايات العامة والتي منها القضاء؛ وأما ما نسب للحنفية من جواز تولي المرأة للقضاء في الأمور التي يصح أن تشهد فيها فغير دقيق لأن حقيقة مذهب الحنفية أنهم يتفقون مع الجمهور في القول بعدم جواز تولية المرأة القضاء، لكنهم زادوا على ذلك أنها لو وليت أثم من ولاها لكن قضاءها ينفذ. ونبه الفعيم بالقول إلى أمر يقع فيه بعض الإعلاميين وهو أنهم يفتقدون إلى الجانب التطبيقي والواقعي في طرحهم ويعتمدون على التنظير المجرد، فمثلاً في بعض المسائل القضائية يطرحها أناس بعيدون عن السلك القضائي وقد يكونون لم يدخلوا المحاكم ولو لمرة واحدة وهذا نوع من الخلل المنهجي والعلمي. جواز مشروط ومن جانبه يرى الدكتور نصر فريد واصل مفتي الديار المصرية الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر أن الشريعة الإسلامية تجيز تولى المرأة منصب القضاء في كل ما يجوز أن تشهد عليه، كالأحوال الشخصية، أما أمور الحدود والجنايات فلا يجوز شرعاً، راصداً أقوال الفقهاء والأئمة الأربعة في حكم تولي المرأة منصب القضاء ويقول: الفقهاء الأربعة الشافعية والمالكية والحنابلة والأحناف اختلفوا في حكم تولي المرأة القضاء، وخلاصة القول في ذلك أن الشافعية والمالكية والحنابلة قد قالوا بعدم جواز تولي المرأة القضاء، أما الأحناف فقد قالوا بجواز تولى المرأة منصب القضاء ولكنهم لم يطلقوا القول في ذلك، بل قيدوه بأنها يجوز لها أن تتولي القضاء فيما يجوز لها أن تشهد فيه أي في كل مجالات القضاء فيما عدا الحدود والقصاص، واستدلوا في ذلك بتولية الخليفة عمر بن الخطاب امرأة تسمي "الشفاء" وهذا ما يرجحه كثير من العلماء المعاصرون وأنا منهم. كفاءة المرأة ويؤكد الدكتور أحمد عبد الرحيم السايح أستاذ العقيدة بكلية أصول الدين جامعة الأزهر أن تولى المرأة المناصب العامة والقضاء قد ناقشه الفقهاء قديمًا ولم يرد فيه سوى اجتهادات وأن المسائل الاجتهادية غالبًا ما تخضع لعرف الزمان والمكان والظروف الاجتماعية السائدة في كل عصر، وقال: يجوز للمرأة تولى جميع المناصب القيادية حتى رئاسة الدولة طالما أنها تناسب هذا المنصب وتستطيع إدارته بشكل جيد ومناسب، فهي بذلك من باب أولى أن تتولى القضاء، والمرأة ليس فيها ما ينقصها أو ما يجعلها غير أهلٍ لتولى المناصب ولها دورها المهم في الحياة كما الرجل، فلها أن تتولى القضاء فيما اتفق عليه العلماء في ذلك وحديث "لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة" لا يعيب المرأة ولا ينتقص منها ولا من حقوقها وإنما هو اختصاص وتوزيع للعمل المناسب الذي يوائم تكوينها ويتفق مع وظيفتها في الحياة. الإفتاء .. لا القضاء من جانبه يضيف المحامي المعروف الدكتور خالد الطويان أن القضاء أشرف المناصب الدينية و أعلاها قدرا ولذلك حكم العلماء بأنه منصب ولاية ولا يصلح أن تتولى المرأة الولاية العامة التي منها الإمارة والقضاء وإمامة الناس في الصلاة، ففي هذه الأمور لا يصح أن تتولاها المرأة بإجماع العلماء المعتبرين لقول النبي صلى الله عليه وسلم في بنت ملك كسرى لما ولوها على الملك قال: "لا يفلح قوم ولوا أمرهم
امرأة" والحديث في البخاري ومعنى ولوا أمرهم يعني في أمورهم العامة، وعلى ذلك لا يجوز للمرأة أن تتولى مهما بلغت في علمها وكفايتها وعقلها القضاء، فإن زوجات النبي عليه الصلاة والسلام كان منهن العالمات والفقيهات ولم تتولى امرأة منهن القضاء. ونوَّه الطويان إلى أن الإفتاء يجوز للمرأة أن تتولاه لأنه غير ملزم ولأن الإفتاء تعليم، أما القضاء فلا يصلح أن تتولاه سواء أكان عاماً أم خاصاً، لكن يرجع للمرأة على أنها مستشارة في أمور النساء فيسمع قولها وتقدم شهادتها على غيرها في أمور النساء كالرضاعة والحضانة وما يتعلق بهذه الأمور الخاصة. ولاية خاصة وبدوره يرى الدكتور عبد السلام الشويعر عضو هيئة التدريس بكلية الملك فهد الأمنية أن أهل العلم تكلَّموا في مسألة تولي المرأة للولايات وهي على ثلاثة أنواع: الولاية العظمى وفي هذا يقول النبي عليه الصلاة والسلام: "ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" وهذا الحديث وإن كان بصيغة الإخبار إلا أنه بمعنى الأمر كما قرر الأصوليون عند الحديث عن دلائل الألفاظ وصيغ الأمر وهذا الأمر قد يكون إجماعاً عند أهل العلم. وبيّن الشويعر أن النوع الثاني من الولايات هي التي ليست في معنى هذه الولاية ولا تحتاج إلى إنابة من إمام أعظم فيها، فهنا قالوا إن هذا النوع يجوز للمرأة أن تتولاه باتفاق أهل العلم ومن أمثلته الحسبة. وقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولى الشفاء حسبة السوق ومن ذلك ما ذكره أهل العلم في ولاية التوثيق وهو كتاب العقود بوكالة أو غيرها فقد ذكروا أنه يجوز للمرأة الولاية والولايات متعددة وقد ذكرها كالقاضي أبي يعلى والماوردي وغيرهم عندما تكلموا عن الولايات. ومضى الشويعر قائلاً: النوع الثالث من الولايات هي المترددة بين النوعين الأولين فمن أهل العلم من يلحقها بأحدهما دون الآخر بناء على قوة الظهور في المسألة ومن المعلوم أن الإلحاق في غلبة الأشباه معتبر في كثير من الصور والجزئيات الفقهية ومن هذه الولايات فإن جمهور أهل العلم أجمعوا على عدم جواز تولي المرأة للقضاء لأن القاضي نائب عن الإمام. مسألة وقت ويوضح المحامي المعروف الأستاذ خالد أبو راشد أن مسألة تولي المرأة للقضاء هي مسألة فقهية وقال: أتمنى من العلماء أن يفتوا، لأنه يوجد حديث شريف (ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) وهل هذا المقصود به القضاء أو غيره فالمسألة فقهية والذي يفتي فيها أصحاب الفضيلة وبالتحديد القضاة. وأضاف قائلاً: علماؤنا حرموا مسألة تولي المرأة القضاء، ففي هذه الحالة لا يمكن أن نقول أن الوقت حان لو لم يحن لأن المسألة محرمة مدى الحياة. هناك فرق بين المحاماة والقضاء وهو فرق بسيط حيث أن المحامي يطالب بحقوق موكله، في حين أن القاضي يحكم ويجب أن تتوفر فيه شروط وصفات معينة قد تختلف عن الصفات والشروط التي في المحامي فهناك فرق كبير ولا رابط بين المحاماة والقضاء. فتوى شرعية من جانب آخر يقول المحامي عبد العزيز عبد الرزاق الغامدي: المسألة تحتاج إلى فتوى شرعية ليس من فرد بل من مجمع الفقه الإسلامي أو أن يكون هناك تنظيم سيادي بقرار من مجلس الوزراء أو ولي الأمر يتيح للمرأة أن تتولى القضاء. وعن إمكانية أن تتاح لها الفرصة لتولي القضاء على غرار السماح لها بالعمل في المحاماة، يقول: لم يتم بعد إقرار عمل المرأة في المحاماة، هناك مشروع دراسة لتوليها الوكالة عن المرأة. وكالة المرأة عن المرأة موجودة وتعمل كموكلة ولكن لا يسمح لها بأكثر من ثلاث وكالات. هناك فرق بين عملها كمحامية وعملها في الوكالة فكلاهما مختلف عن الآخر. فالمحامي لا بد أن يكون ذا خبرة في مجال المحاماة. وختم الغامدي بالقول: قضايا المرأة ليست زوجية فقط فهناك قضايا جنائية وأخرى تجارية وأسرية وغيرها كثير. تولي المرأة للقضاء هو مسألة شرعية لا يمكن لأي شخص أن يتخذ فيها قراراً.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.