لست أدري أيّ هواجس تطلّ علي بعد رحيلك أيها العام 1432 ه .. أهو الفرح بانقضاء عام عاصف ...؟!! أم هو الألم بانقضاء سنة من أعمارنا ... أم هو الأمل ببداية مشرقة .. ؟!!هواجس وأفكار انتابتني ..لا أدري كيف أصفها فاليوم الأخير منك أيها العام كان كرجل عجوز يحاول السير بسرعة لتنقضي ساعاته دون حدوث كارثة جديدة ...!! هكذا كان شعوري وإحساسي تجاهك أيها الراحل ... فقلبي يقول لك بقوة ... ارحل دون عودة ... فأيامك كانت ذات طابع شتوي وخريفي ... بالرغم من أنّ بعضهم يراه ربيعيا ... ولكن الأكيد هو أنّ ساحات أيامك امتلأت دماءً ... امتلأت آلامًا ... وشعورًا رهيبًا بالغربة الإسلامية أكثر من ذي قبل ...!! مع أننا كنا نأمل بعام مختلف ... وقد حدث .. لقد دخلَتْ أيامك التاريخ من أوسع أبوابه ... سواء على مستوى السياسة .. أو على مستوى الأحداث الاجتماعية .والاقتصادية ... حتى خِلْتُ أنّ مجلدات العالم لن تكفي لتسطّر أحداثك ... ومع ذلك بالرغم من المآسي والأحزان الممزوجة بقليل من أيام الصفاء واستجداء الأمل في أحضانك ... تظلّ عامًا أخف من وطأة أعوام مرّت على الأمة الإسلامية في سابق عهدها ... وهذه حقيقة سطرها التاريخ لا تخفى على كلّ مثقف يجد في تاريخه مستقبل حاضره .. وليس فيما ذكرته مواساة لك أيها العام الراحل ... بل هو مواساة لنفسي التي أشفقت عليها من أن ترى اليأس يحاول أن يكون بديلا عن الأمل ...!!! وأي حياة ترى فيها الألم في كلّ مكان يحيط بنا ... وكأنّ الألم لا يرى سوانا فريسة ينهش في جسد وحدتنا حتى باتت أشلاء متناثرة ليس تشاؤمًا ولكنها نظرة متعب يريد حلا ... !!! أيّها العام الراحل ... ارحل فلن أستوقفك ... ولن أقلّب صفحاتك ...إلا من أجل أن أعاتب نفسي على أيام كان التقصير وعدم الإنجاز فيها حليفي ... أو من أجل أن أتعلم من تجاربي ... أما أنت العام الوليد ..1433 ه فأرجو من الله أن تكون أفضل من سابقيك ... وأن تكون عام أمل تشرق فيه انتصارات الأمة الإسلامية في كلّ الميادين ...وعلى مختلف الجبهات ... أقبل أيها العام الجديد ..إقبال الربيع بعد الشتاء ودعنا نتذوق فيك طعم الهدوء بعد العاصفة ... دعنا نر في صفحاتك أيامًا خالية من اللون الأحمر .. خالية من الفقر والألم والحزن .... دعنا نرى المحبة والودّ ترفرف بين جوانح قلوبنا ..دعنا نقفل صفحاتك ونحن نبتسم .. نريد أن نرى أيامك في كلّ عام جديد يولد .. عام هجري جديد ... مكلل بآمال النفوس العظيمة... حنان سعيد الغامدي-جدة