تفاوتت وجهات نظر المنشدين حول أسباب ونتائج تكرار أداء الأناشيد من قبل منشدين آخرين، فرأى فريق منهم أن التكرار يعبر عن ضعف ظاهر في جوانب الابتكار لدى المنشد المستعيد لأعمال غيره، وأن الإعادة بحد ذاتها تعتبر مغامرة غير محمودة، ومهما كانت جودة التقديم في الإعادة، فإن الأنشودة لا تحوز على نفس النجاح الذي صادفته في المرة الأولى، وأن سبب التكرار قد يعود إلى قلة الأشعار الجديدة، وأن التكرار لا يفيد الأناشيد الناجحة، أمّا الأناشيد غير المشهورة فمن الممكن إعادتها إذا أضيفت لها عناصر جديدة، بينما استحسن الفريق الآخر تكرار الأناشيد ونفى أن يكون له سلبيات، لا سيما إذا كان هناك تغيير في طريقة الأداء، «الرسالة» استوضحت من المنشدين أسباب استعادة البعض لأعمال غيرهم في تفاصيل التحقيق التالي: اعتبر المنشد سعيد بابعير أن تكرار الأنشودة يعد ضعفًا للمنشد قبل أي شيء، وأضاف أن الإعادة بحد ذاتها تعتبر مغامرة غير محمودة، ومهما كانت جودة التقديم في الإعادة فإن الأنشودة تكون أضعف مما كانت في عقول الناس، لأنها غالبًا ما تكون قد رسخت في عقولهم بصورتها الأولى وأعجبوا بها، وعندما يعيد تقديمها بعده آلاف المنشدين لا تصادف حظًا من النجاح، بمثل ما حققته في المرة الأولى لدى النقاد والجمهور والمتابعين، وتابع: لو أن منشدًا قال أنشودة لأول مرة وكانت قوية، وأصيبت بعيوب في الهندسة الصوتية مثلًا، ثم أعاد تقديمها مرة أخرى فلن تنجح بالتأكيد، لأن إعادة الأناشيد تكون مصحوبة حتمًا بسلبيات، منها أن المنشد لم يقدم شيئًا جديدًا، وأن الأنشودة الأولى لا تزول من ذاكرة الجمهور لأنها رسخت في أذهانهم. غير المشهورة وخلص بابعير إلى القول بأن تكرار الأناشيد الناجحة لا يفيد المنشد، أما الأناشيد غير المشهورة فمن الممكن إعادتها من قبل المنشدين بعد أن تضاف إليها عناصر جديدة، مشيرا إلى أن عيوب التكرار لا تلحق بإعادة أداء الأناشيد وحدها بل تشمل أيضا تكرار الأشعار، فإذا ألقيت قصيدة بصوت أحد الشعراء وأعجب بها الناس، وقام شاعر أو منشد آخر بتكرار الإلقاء فإن المحاولة لا تحوز على نفس النجاح الذي حققته في المرة الأولى، أما بالنسبة للمنشد الذي يقوم الآخرون بترديد أناشيده فالتكرار يعد نجاحًا باهرًا له، ذلك لأن الأنشودة إن لم تعجب الآخرين لما قاموا بترديدها، وكشف عن أنه استمع إلى الكثير من أعماله بأصوات منشدين آخرين، وكذلك استمع إلى العديد من ألحانه تتردد عبر القنوات الفضائية بواسطة آخرين استخدموها في أناشيد أخرى، وأكد أن ذلك لا يثير مضايقاته بل على النقيض يكون مدعاة لشعوره بالاعتزاز والفخر. الأشعار المبتكرة من جانبه أوضح المنشد محمد الجبالي أن سبب تكرار الأناشيد بين المنشدين يعود في الأصل إلى قلة الأشعار المبتكرة، وأضاف لو بحثنا عن القصائد الصالحة للإنشاد سنجد أنها قليلة جدا، فالمنشد قد ينتج في السنة أربعة أو خمسة ألبومات، وهذه تعتبر نسبة قليلة جدًا مقارنة بالجمهور العريض الذي يتابع هذا الفن، فهناك مهرجانات موسمية وكذلك مهرجانات مستمرة، وهناك طلب على الإنشاد بشكل كبير، والمنتج الآن أقل من الطلب الحقيقي والتكرار هو السبب الرئيسي في هذا الموضوع، وأكد أن تكرار الأناشيد من قبل المنشدين يؤثر سلبًا على النشيد، فمن مصلحة المنشد أن يكون مجددًا وأن يتحف جماهيره بأعمال جديدة، لا أن يكرر نفسه ويعيد تقديم أعمال سبق تقديمها للجمهور ونالت حظها من الشهرة والمتابعة. التلاحم والتقارب ولفت الجبالي الانتباه إلى أن قيام بعض المنشدين بترديد أناشيد غيرهم يكون سببًا في زيادة التلاحم والتقارب بين المنشدين، وأضاف: لو أنني قمت مثلًا بترديد أنشودة للزميل أسامة الصافي فان إقدامي على ذلك يكون سببًا في مزيد من التقارب بيني وبينه، ويطور العلاقة بيننا في اتجاه أن تصبح إيجابية أكثر ويزيل أي حساسيات بيني وبنيه، بخلاف ما يحدث بين المغنين حيث تتدخل العوامل المادية التي تكون سببًا في دخولهم في متاهات طويلة، واختتم قائلا: الأناشيد التي تتكرر من قبل منشدين آخرين هي الأناشيد القوية والمشهورة وليست تلك الأناشيد الضعيفة التي لا تقدم ولا تؤخر. جودة الكلمات من ناحيته يرى المنشد عبدالسلام الوابلي أن قوة الأنشودة قد تكون السبب في تكرارها من قبل عدة منشدين آخرين، وأضاف أن الكلمات الجيدة تدفع الآخرين لإعادة تقديمها، لكن الفرق كثيرا ما يتضح في طريقة التقديم، وأردف أن أسباب التكرار قد تختلف بالنسبة لكل منشد، فربما يكون أحد المنشدين قد ألقى القصيدة بطريقة تعبيرية معينة ويقوم منشد آخر بتقديمها بصورة مغايرة، وإحساس مختلف، فالأنشودة في هذه الحالة قد تكون أفضل من المرة الأولى، وأكد أن الأنشودة التي يتكرر تقديمها لا شك أنها ناجحة وقوية وإلا لما قام آخرون بتقديمها مرة أخرى، فالتكرار لا يدل على الفشل، سواء لصاحب الأنشودة أو المقلد فكلاهما يوصل إحساسه بطريقة يراها مناسبة وشبابية، فكل فنان يرصد أنشودته بطريقة إحساسه. ايجابية التكرار ونفى الوابلي أن يكون للتكرار أي جانب سلبي، قائلًا: جميع الأناشيد ناجحة وجميلة الأفكار والألحان، والمنشد قد يعجب بأنشودة ويعيدها بإحساسه، ومن خلال التغيير في طريقة الأداء، وتابع أنه من الممكن أن يكون الأداء بطريقة شبابية، لا سيما وأن الساحة الإنشادية تفتقد في هذه الفترة إلى الأعمال الشبابية، وضرب الوابلي مثلًا بأنشودة (يا طيبة) قائلًا: البعض يعتقد أنها أنشودة حديثة أو جديدة مع أنها قدمت منذ وقت طويل وهذه الأنشودة ذكرها كثير من المنشدين، فهي أنشودة سورية قديمة جدًا، وفي الفترة الأخيرة انتشرت بين الأطفال وأداها بعض المغنين والمنشدين.