يا خالد ... يا خالد ... هكذا نادى الفتى الصغير الذي لا يتجاوز الحادية عشرة أستاذه ... نظر إليه الأستاذ بذهول وقال له : يا ولدي .. خالد .. هكذا دون أستاذ ... ! رد عليه الفتى : نحن لسنا في المدرسة حتى أناديك بأستاذ...! ليتها كانت قصة من نسج الخيال ولكنها قصة صديق شقيقي الذي روى لي القصة وهو يضحك!! والسؤال الذي أخذ صداه يتردد في جوانحي ... لماذا تصرف هذا الصغير على هذا النحو..؟! أيعقل أن يصل أبناؤنا إلى هذه الدرجة من عدم الاحترام للمعلم ...؟!! ثمّ بغض النظر عن المعلم .... أين احترام الكبير بشكل عام..؟!! لقد ضاع الاحترام .... وبدأ يتهاوى مع مرور الأيام.. ولا أظنّ أنّ هذه القيمة تأخذ حيزًا كبيرًا عند الأهالي إلا في حدود ما يمسهم من سمعة فقط ... أما كتنشئة فهي لا تحظى باهتمام عند البعض ... ونجد ذلك بشكل واضح في أروقة المدارس التي تكتظ بطلاب وطالبات على هذه الشاكلة وربما أسوأ .... وحين ننادي ولي الأمر سواء» أب أو أم « ينظر بدهشة ويقول : هذا طفل كيف تحاسبونه على مثل هذا الكلام والتصرف ...؟!!! ويبدأ بوضع اللوم على أصدقاء ابنه فهم أفسدوه ... أو أنّ المعلم هو المذنب لأنه لم يستطع أن يجعل الأطفال يحبونه ..!! شيء غريب يحدث في مجتمعنا ... فقد أصبح التعاطف والتدليل يغلب على التربية..التي من شأنها أن تنشئ جيلا يرقى بالأسرة ومن ثمّ المجتمع ومن ثمّ الأمّة ... هل يعقل أنّ التقنية والتطور الذي نعيشه لم يرق بنا إلى الأفضل سلوكيًا وفكريًا ...؟!! فنحن نعيش راحة وترفًا يجعل من الآباء يتفرغون لتربية أبنائهم بشكل جيد ... ولكن الأمر أصبح معكوسًا مقارنة بالماضي ... فبالرغم من شظف العيش والشقاء والعمل المستمرّ في ذلك الوقت إلا أنهم تميزوا في تربية أبنائهم... والآن ماذا يحدث ؟!! فالآباء يعيشون فراغًا في أكثر الأحيان فأغلب المنازل لا تخلو من الخادمة والسائق ... ومع ذلك نجد جفافًا في أخلاق أبنائنا..!! ربما الترف والدلال الزائدان عن الحاجة جعلا من الأبناء يستهترون بمن هو أمامهم . من المؤسف أن نرى هذا الأنموذج السيئ بدأ يكتسح عالمنا الإسلامي بشكل فظيع ... ومن العاجل جدًا أن نضع شعااار « قيمنا الإسلامية في خطر « نعم إنها حقيقة علينا أن نسلّم بها ... حتى نستطيع أن نعالج هذه المشكلة.. لذا إلى كلّ أب وأم ومرب يسعى لأن يكون أبناؤه من خيرة شباب المجتمع.. فلنتكاتف جميعًا من أجل إعادة التوازن في التربية ... وليكن الدلال بمقدار... والشدة بمقدار ... وليكن هناك وقفة حازمة في المواقف التي تتطلب ذلك وأن لا نُغفِل أبسط الأمور التي تتعلق بالسلوك ليس تعنتًا ولا فظاظة ... ولكنها التربية الراقية من أجل إنشاء مجتمع صالح يقدّر الكبير ويحترمه ولا يتجرأ عليه حتى لو كان مخطئًا ... وأعني ما أقول حقًا ... حنان سعيد الغامدي-جدة