رغم ظروف الحياة القاسية التي كانت سائدة قبل عقود، إلا ان الناس يفرحون ويبتهجون في كل مناسبة تمر عليهم، ومن تلك المناسبات التي تُسعد الصغير والكبير أيام العيد ولياليه، الكل كان ينتظر بداية العيد بشوق ولهفة، لأن التواصل والتراحم وانشراح الصدور يسود المجتمع بأسره في مثل تلك الأيام، قبل العيد بيوم أو يومين أو أكثر من ذلك، يبدأ الاستعداد للعيد السعيد، لم يكن هناك تكلًف أو تصنًع، فكل شيء كان بسيطاً جدا، الطعام واللباس وتزين النساء، كل ذلك حسب ظروف زمانهم وإمكانية كل أسرة،والحقيقة إن المظاهر والبهرجة لا مكان لها، غير ان السعادة والرضا تكمن في أعماق إنسان ذلك الزمن الجميل، بعد صلاة العيد يذهبون لزيارة بعضهم البعض، يتناولون مايجدونه من طعام أو شراب، ويهنئ بعضهم البعض، وحتى في تبادل التهاني والأحاديث هم بسطاء، المهم إن عباراتهم تخرج من القلب إلى القلب، كانت النفوس صافية، ولم يتسلل إليها حقد أو حسد أو كراهية، ولم يغز قاموس مفرداتهم «مستعجل، مشغول ومرة ثانية» التي صارت على ألسنة الناس اليوم عندما يصادف أحدهم صديقا أو قريبا، تلك حقبة وانتهت بما فيها، وبعدها دخلنا في عصر الثورة الصناعية والتقنية الحديثة والتي مثل ما جلبت راحة ورفاهية لبني البشر في ذات الوقت لها سلبياتها وتأثيرها، فحتى المناسبات السعيدة كالأعياد صارت بالنسبة للبعض تأدية واجب، فقد ترى ابتسامة لا تتجاوز الشفاه حيث أضحى الفؤاد يئن بهموم شتى، قد غرق بها وعجز عن ترتيبها أو تجاوزها، لهذا قل التواصل حتى بين الأرحام ناهيك عن الجيران والأصدقاء، وحلت وسائل الاتصالات لتقوم بالتواصل عن بعد، حتى أن بعض الناس خاصة من جيل الشباب قد أعتاد على أن يغط في نوم عميق جل يوم العيد، وهذا نذير خطر ينبئ عن قادم الأيام، حيث ان هؤلاء هم رجال الغد، ووضع كهذا يفيد بأن التواصل والصلة في حالة انحسار، ومن أجل بقاء الألفة والوئام يفترض بخطب الجمع والأعياد إضافة للمدرسة والأسرة أن تعمل على ترسيخ مبدأ التراحم لدى النشء وتثير أهمية تواصل الجيران والأقارب خاصة وقت المناسبات. عايض الميلبي -ينبع