هيئة العقار    الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    85.9% من المنشآت تعتمد على الدفع الإلكتروني    190.9 مليار ريال صافي أرباح أرامكو النصفي    مُؤتمر حل الدولتين يدْفع لإِقامة الدولة الفِلسطينية    الصمت في الأزمات الإعلامية    الأخضر تحت 15 عاماً يخسر أمام أميركا    الانضباط تغرم الهلال وتحرمه من المشاركة في السوبر المقبل    النقد السلبي    اتحاد المنطاد يشارك في بطولة فرنسا    تحويل مساحات من الواجهة البحرية في الخبر لأماكن نابضة بالرياضة والترفيه المجتمعي    لجنة الانتخابات تعتمد قائمة نواف بن سعد لرئاسة الهلال    تقليل ضربات الشمس بين عمال نظافة الأحساء    الرئيس الأميركي يهدد بزيادة الرسوم الجمركية على الهند    أسماء المقاهي العالمية حيلة تسويقية تستهدف الباحثين عن عمل    «ترحال».. قصة وطن تُروى على المسرح    "الانضباط" تحرم الهلال من السوبر السعودي للموسم القادم وتغرمه 500 ألف ريال    مجلس الوزراء : إقرار فصلين دراسيين لمدارس التعليم العام للعام الدراسي القادم (1447 / 1448ه)    إحباط تهريب (195) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر في جازان    الخليج يستقبل الجدد    الراحل تركي السرحاني    وزارة التعليم تثمن قرار مجلس الوزراء باعتماد فصلين دراسيين لمدراس التعليم العام    دواء من الشوكولاتة يواجه فيروسات الإنفلونزا    اعتماد قواعد غرفة التحكيم المختصة بمنازعات الرقابة المالية برابطة الدوري السعودي للمحترفين    أمير الشرقية يستقبل منسوبي لجنة السلامة المرورية ومدير عام التعليم بالمنطقة    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة هروب    جمعية تجهيز لرعاية شؤون الموتى تطلق مبادرة نقل المتوفين من وإلى بريدة مجانًا    نائب أمير القصيم يتسلّم التقرير السنوي لإدارة المجاهدين    الأمن العام : الصلاة في صحن المطاف تعيق حركة المعتمرين    الشؤون الإسلامية تختتم البرنامج التدريبي المتخصص للمراقبين ومنسوبي المساجد في جازان    أرامكو: التدفقات النقدية الحرة تهبط 20% إلى 57.1 مليار ريال    الاتفاق يواصل تحضيراته وديمبيلي يقترب من العودة    مستشفى د. سليمان فقيه بجدة يحصد اعتماد 14 مركز تميّز طبي من SRC    أغسطس.. شهر المناعة العالمي لحماية الأجيال    أمير القصيم يزور محافظة المذنب ويؤكد تطورها التنموي وتنوع الفرص الاستثمارية    إطلاق نظام الملف الطبي الإلكتروني الموحد "أركس إير"    12 نائبا ديمقراطيا يطالبون ترمب بالاعتراف بفلسطين    3 سيناريوهات إسرائيلية أخطرها الاجتياح الشامل لقطاع غزة    الدعم السريع منح مخيم لاجئين إلى مرتزقة    موجز    المنتخب السعودي ينافس 14 دولة في«أولمبياد النووية»    بعد الانكسار    خطوة يومية!    أكد أنه لا تدخلات سياسية.. وزير العدل اللبناني: تحقيقات مرفأ بيروت في مراحل متقدمة    ضمن كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025.. Team Falcons يمنح السعودية أول ألقابها    أم تخفي طفلتها بحقيبة سفر تحت حافلة    الدقيسي    تغيير التخصص الجامعي وآثاره السلبية والإيجابية    حفلات زفاف بفرنسا تستقبل الضيوف بمقابل    تحذيرات من عواقب خطيرة حال تفعيل آلية الزناد.. توتر متصاعد بين إيران والترويكا الأوروبية    البريد يصدر طابعًا تذكاريًا لأمير مكة تقديرًا لإسهاماته في تعزيز التنمية الثقافية والاجتماعية    إصدار معماري يوثق تطور المسجد النبوي عبر العصور    سفير سريلانكا: المملكة تؤدي دورًا عظيمًا في تعزيز قيم التسامح وخدمة الإسلام عالميًا    الحراثة التقليدية    روائح غريبة تنذر بورم دماغي    أمير تبوك يبارك حصول مجمع مباسم الطبي على شهادة "سباهي"    911 يستقبل 93 ألف مكالمة في يوم واحد    وكيل إمارة جازان يرأس اجتماع الاستعدادات للاحتفال باليوم الوطني ال 95    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حاضر العيد مع ذكرى أمسه
نشر في الرياض يوم 03 - 10 - 2008

البعض من يعيش حاضر العيد لأنه لا يعرف شيئاً من أمسه، فهو بهذا لا ذكرى لعيد الأمس في نفسه، وبالتالي لا مقارنة لديه، فعيد اليوم لا يختلف في مظهره عن أي يوم مناسبة يجتمع فيها الأقارب والمعارف والجيران، كما لا جديد فيها ولا تغيير، فثوب الحاضر لهذه المناسبة هو ثوب العمل وهو أحد ثيابه العديدة الجديدة التي تملأ خزانته، لا يكاد يلقي عليها نظرة قبل أن يلبسها في الصباح، لأنه إن لم يعجبه الثوب الأول أخذ ما بعده وإن لم تعجبه الغترة أخذ الشماغ وهذه أيضا يوجد منها العديد أمامه.
هذه كلها من النعمة ولله الحمد، وهي نعمة مشكورة مذكورة غير مستغنى عنها ولا مكفورة، وهي من دواعي الارتياح والسعة وصاحبها لم يمر عليه ذلك اليوم الذي لم يكن يملك فيه الواحد سوى ثوبه الذي عليه طيلة العام، وسيأتي عليه العيد ولا جديد عنده إلا أن يقوم بشراء قماش وتفصيله وليس عنده غترة سوى القديمة التي لا يجاري بها أقرانه إلا أن يبدلها بجديدة فقد أكل عليها القدم وشرب، ولم يكن لديه طاقية سوى واحدة باتت تميل للصفرة من طول الفترة.
والعيد يوم الجديد والفرح والكل يريد أن يظهر بالمظهر اللائق المناسب، وإلا عاش منكسر الخاطر منفرداً عن البقية مختلفاً عنهم وهو يريد أن يفرح معهم ويشاركهم مظهر العيد بكل مكوناته، من الصلاة في مصلى العيد إلى تقديم الطعام والسلام والاجتماع معهم في الطريق وتبادل الأحاديث وإعلان الفرحة وتبادل الزيارات، والطفل يزيد على ذلك باللعب بكل أنواع الألعاب حتى أن الأطفال في العيد هم بهجة الكبار عندما يرونهم في أتم الفرح والسرور، فما أجمل أن يرى الأب أولاده في اندماج مع البقية والفرح والسرور يعلو محياهم وينعكس عليه أثر اليوم البهيج بما تم توفيره فيه من مكملات الفرح من ثوب ولباس وطعام وغيره.
ولهذا يعم البلدان في وقت مضى وفي هذا الوقت إشراقة العيد قبل حلول موعدة بل منذ ترقب هلاله.
فقبل العيد بعدة أيام كان الناس يعدون عدتهم، والكل يشتغل في كل ما يجعل للعيد بهجته ويظهر فرحته، فالمرأة تهتم بزينتها لتسلم على رفيقاتها وجاراتها وقريباتها وهي في مظهر حسن، فتستعد بتأمين الثياب الجديدة وتخيط قماشها بنفسها أو عند بعض النساء التي تمتهن الخياطة، والغالبية يخطن بالأبرة باليد لا آلة يتم الخياطة بها ولا ماكينة، ولهذا يأخذ الثوب الواحد وقتاً طويلاً في إعداده.
كذلك الرجال والأطفال يسعون في إعداد ما يلزمهم يوم العيد ن وقمة السعادة عند الطفل أن يكون ثوبه قد جهز قبل ليلة العيد واطمأن على أنه مقاسه وأنه سيلبسه في صباح العيد.فينام قرير العين يحلم بلحظة لبسه في الصباح، حيث يستبعد القديم الذي بات على جسده سنة كاملة وفيه ترقيع في كل جهة.
و يتراءى الناس الهلال في موعدة وكلهم فرح وبهجة بتمام شهر رمضان وعون الله لهم على صيامه، فيترقبون فرحة العيد وخبره، وقد لا يرونه في حينه، أو يغم عليهم، لكنهم في اللحظة تلك الكل يسكنه السرور والبهجة وتعلوه الابتسامة، ولأنه لا وسائل اتصال ولا مواصلات سهلة قد يتأخر خبر العيد إلى منتصف الليل أو بعده، ثم يأتي خبره مؤكد أن غدا هو أول أيام العيد.
فما أعذب الخبر بعد الترقب والانتظار، فيقوم الجميع بجولة في البلدة ينبهون الناس ويخبرونهم أن يوم غد هو العيد، حتى لا يصوم أحد أو يستعد للصيام، بينما الغالبية من النساء يسعين في مكونات طعام العيد الذي سيقدمونه في الصباح.
فقد جهزوا له من اللبن والبهارات والدهن وغيره من الخلطات السرية الشيء الكثير منذ عدة الأيام وبما يكفي وفي كل مرة يتفقدون المكونات وكأنها تتغير في كل لحظة لكنه الاهتمام لا أكثر وتبادل الخبرات والاهتمام مع الجيران.
وبهذا يكون الجميع قد أعطوا اهتمامهم كل ما يعنيهم في العيد ولكل منهم اهتمامه بالطبع، فالصغير همه كله في ثوبه الجديد، والجميع أعطوا استعدادا لفرحتهم مع بقية أهل البلد، والكل منهم لا يريد أن يكون أقل من غيره في شيء مما يقدر عليه، لكن دون إسراف ولا تبذير ولا بذخ ولا تعالي على أحد.
ومما يلاحظ عليه أن هناك تقارب كبير بين فقير الناس ومسكينه وبين الغني وصاحب المال، فلا يكاد يظهر أحد بمظهر مختلف جداً، ذلك نهم تعدوا الانصهار في أسرة واحدة هي أسرة بلدتهم التي تتقارب في طريقة عيشها وحياتها العامة.
وفي صباح العيد وبعد الصلاة، يبدأ أهل البيوت بالفرش في الطريق من حصير وبساط ثم يقدمون طعامهم الذي أعدوه لهذه المناسبة ليأكل منه الجميع وربما كان اليوم الذي ينفرد عن غيره في كونه يشبع فيه الجميع من بادية وحاضرة، وساكن في البلدة، وعادة يكون الطعام من الجريش بنسبة كبيرة، ثم صار من الرز واللحم، لكن الغريب أنهم لا يقدمون القرصان ولا المرقوق في العيد، ربما لأنه كان طعامهم اليومي في الأيام العادية، ولهذا يريدون تقديم طعام في العيد مختلف.
وبعد تناولهم للطعام يبتهج الكل ويثني الرجال على نسائهم للجهد المبذول في إعداد الطعام وهو من باب رد الجميل والشكر أيضا، ولأن الرجال يرون انعكاس ذلك على أهل البيت بسعادة ظاهرة فالكل يحب أن يسمع كلمات الثناء بعد تقديم جهده، كما أنها نوع من رفع المعنويات لأعوام قادمة حتى تشعر النساء بأنهن يقدمن الأفضل وأن الرجال يقدرون المجهود ولا يجحدون المعروف.
ولعل الجوع في ذاك الزمان هو الذي جعل كل أنواع الأطعمة طيب المذاق وليس بالضرورة مهارة النساء، وإن كان بعضهن يتمتعن بمهارة فائقة.
وللأطفال متعتهم التي ينهمكون فيها طيلة النهار، في اليوم الأول، فلا يكاد الطفل يدخل دار أهله إلا وقد بلغ منه التعب كل مبلغ، على أن ألعابهم كلها تعتمد على المجهود البدني، أما الكارثة التي ربما تحصل فهي أن ينشق الثوب لسبب وعارض خارج عن الإرادة، فهذه لا يعادلها مصيبة عندهم والسبب أنه لا يوجد في ثوب غيره، ويقولون في الأمثال الشعبية :
"طق النجدي ولا تشق ثوبه"
فالطق وهو الضرب أهون عليه من أن ينشق الثوب الذي لا بديل عنه.
وأخيراً فإن عيد اليوم وعيد الأمس هما فرحتنا والحمد لله على نعمة جعل الله منها أيامنا كلها أعياد بمنه وجودة وكرمه.
تحياتي للجميع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.