منذ اللحظة الأولى لإعلان وفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، والألسنة كلها تلهج بالدعاء للفقيد الغالي بالرحمة والمغفرة، ويشمل ذلك كل محبيه داخل المملكة وخارجها، وإن كان كل محبيه ليدعون، فإن العاملين في المؤسسات والمنظمات الخيرية قد خصوا سموه بالكثير من خصائص الدعاء؛ لأنهم يعلمون علم اليقين، ما لسموه الكريم من أيادٍ بيضاء على الفقراء والمحتاجين، ولعل أبلغ وصف لشخصية سموه الكريم هو ما أطلقه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض على سموه بقوله: (إن الأمير سلطان بن عبدالعزيز بطبعه منذ خُلق، وهو مؤسسة خيرية بذاته، وصاحب خير، ويسعى للخير، وكل مكان يكون فيه لا بد أن يكون فيه عمل خير). ومن مؤسسات سموه الكثيرة العاملة في المجال الخيري (مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية) التي تعتبر من المؤسسات العالمية الرائدة في مجال العمل الإنساني، وأعمال هذه المؤسسة لا تقتصر فقط على تقديم خدماتها الإنسانية في التأهيل والرعاية الصحية للمرضى والمسنين والمعاقين، بل تمتد إلى أكثر من ذلك. حيث تساهم في كل ما هو مفيد في خدمة المجتمع، فهي تهدف إلى تقديم الرعاية الاجتماعية والصحية التأهيل الشامل لذوي الاحتياجات الخاصة، والمسنين، وإيجاد دور للنقاهة والتأهيل والتمريض لتقديم خدمات طبية متخصصة ومتطورة، وتسهم بشكل فعال في توعية المعاقين والمسنين للاستخدام الأمثل لوسائل الرعاية المنزلية والاجتماعية. وكذلك التوعية بمظاهر الشيخوخة المبكرة، والعجز البدني والعقلي، والعمل على التقليل منها بالوسائل المتاحة ومن المشروعات الكبرى للمؤسسة (مدينة سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الإنسانية) التي تعتبر أكبر مدينة تأهيلية من نوعها في العالم، لأنها تضم في جنباتها خدمات لا توجد في مكان واحد في العالم أجمع، إذ أنها تحوي مركزًا متكاملًا للفحوص الطبية والمخبرية والإشعاعية، إضافة إلى عشر غرف عمليات صغرى، ومركزًا للتأهيل الطبي يضم مائتين وخمسين سريرًا، ومركزًا للتأهيل الطبي للمسنين يشمل مائة وخمسين سريرًا، ومركزًا لتنمية الطفل يستوعب مائة وخمسين طفلًا في آنٍ واحد من سن الولادة إلى سن السادسة؛ يهدف إلى التدخل المبكر لمساعدة الأطفال ذوي الإعاقات على الانخراط في المدارس العامة، ومن إنجازات سموه الكبرى كذلك (برنامج سلطان بن عبدالعزيز للاتصالات الطبية والتعليمية) الذي يقوم بتقديم خدمات الاتصالات الطبية والتعليمية ونشر التعليم الصحي من خلال استعمال وتطبيق تقنيات متطورة لنقل البيانات الطبية وخدمات التعليم عن بعد باستغلال التقنية الحديثة كعقد المؤتمرات والاجتماعات عن طريق الأقمار الصناعية واستخدام الإنترنت، ومن الإنجازات المهمة للبرنامج نقل عملية جراحية لفصل توأم ماليزي، عبر الإنترنت حيًا على الهواء إلى كافة الأوساط الأكاديمية والعلمية في العالم. ولا يغيب عن البال (مركز سلطان بن عبدالعزيز للعلوم والتقنية بالخبر)، الذي يهدف إلى نشر مبادئ المعرفة، وابتكارات العلوم والتقنية لأفراد المجتمع مع التركيز على النشء عن طريق غرس روح الحماس والمتعة، وتلقي العلوم الحديثة بأسلوب شيق ممتع، كما لا يغيب عن البال أيضا (مشاريع مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية للإسكان)، التي تم من خلالها تنفيذ مشاريع إسكان خيري في المنطقة الجنوبية وتبوك وحائل، ويتكون كل مشروع من مائة فيلا مستقلة مزودة بالخدمات اللازمة ومؤثثة تأثيثًا كاملًا، إضافة إلى مباني الخدمات كالمساجد والمدارس والمراكز الصحية والاجتماعية، وتملك هذه الفلل للأسر المحتاجة، ومن المراكز العالمية التي مولتها مؤسسة سموه الخيرية (مركز النطق والسمع بالبحرين الذي أقيم على مساحة 4900 متر مربع، ويهدف إلى تأهيل ذوي الإعاقات السمعية، وهو ثمرة من ثمرات التعاون بين المؤسسة والجمعية البحرينية لتنمية الطفولة ولسموه باع طويل في دعم الدراسات الإسلامية في الغرب. ومن ذلك (مركز الملك عبدالعزيز للدراسات الإسلامية) بجامعة بولونيا بإيطاليا، الذي يعنى بدراسة العلوم الإسلامية خاصة الشريعة الإسلامية والتاريخ والفلسفة واللغة العربية واللغات الشرقية ومن ذلك أيضًا: (برنامج سلطان بن عبدالعزيز للدراسات العربية والإسلامية) بجامعة بيركلي بكاليفورنيا بالولايات المتحدةالأمريكية الذي يضطلع بتعليم اللغة العربية والشريعة الإسلامية ودعم الباحثين الزائرين والخريجين وطلبة الدراسات العليا والمهتمين بدراسة موضوعات تهم العالمين العربي والإسلامي. بما في ذلك اللغة والتاريخ وعلم الاجتماع، وعلم الجنس البشري، وغير ذلك، كما يهدف البرنامج إلى التعريف بمبادئ الإسلام السمحة لتقريب وجهات النظر بين الشرق والغرب. وأمام هذا السيل العرم من أعمال الخير التي أحصينا بعضها، وما لم نحصه أكثر بكثير، حُق لنا أن ندعو لسلطان بالرحمة والمغفرة وأن يدخله الله فسيح جناته.