* اليوم الثلاثاء هو يوم الوداع الأخير للروح الطيبة للجسد الطيب، الذي كان يحمل على عاتقه أحلام البسطاء ومتاعب المساكين، حيث كانوا يستفيدون من سلطان الخير ومؤسساته، التي تهتم بهم وتقدم لهم ما يحتاجونه، وكم تألمت كثيرًا وأنا استمع للأحاديث الإعلامية عن صاحب السمو الملكي الأمير سلطان، الذي كان حضوره بعد رحيله حضورًا لا يختلف عن حضوره في الحياة التي عطرها بالفعل الجميل؛ والأعمال الخيرية، وكل الوطن يذكره بخير، وكل الوطن يبكيك يا سلطان الخير، فقد أسكنت في القلوب حبك وسيبقى للأبد، وسيبقى اسمك في جسد الكون كله حكاية لرجل عاش كريمًا وقدم للإنسانية كثيرًا، ولا أجمل من أن يترك الإنسان خلفه سيرة جميلة، وحكايات أروع ما فيها أنه بنى لنفسه باليمين مكانًا في قلوب البسطاء، ومنحهم ما يُمكّنهم من الحياة الكريمة، أليست هذه هي الحقيقة التي يحملها الإنسان هنا، ويشهد عليها الإنسان هناك، نعم أقولها وأنا على يقين أن للمغفور له بإذن الله في كل مكان في العالم لمسة حب وحنان؛ من رجل اعتاد على الخير، ومن صدر حمل على عاتقه همّ المعوزين، وعذابات المتعبين، فليرحم الله هذا الوالد الأمير، الدمث الأخلاق، الكريم بإنسانيته، والعظيم ببساطته، والكبير ببسمته..!!! * اليوم نودعك والدعاء خلفك لله الخالق، الواحد الأحد، الرحمن الرحيم، الذي خلقنا وهو يعلم أننا إليه راجعون، ونسأله وأيادينا مرفوعة للسماء بأن يرحمك اللهم رحمة الأبرار، ويسكنك جنات تجري من تحتها الأنهار، ولا حول لنا سوى الرضا بالقضاء والقدر، خيره وشره، ولأن حزني لا يزال جاثمًا على صدري قررت أكتب اليوم كما كتبت لكم قرائي الكرام بالأمس عن رحيل سلطان الخير، ويشهد الله أنني لست وحدي من يبكيك، بل يبكيك المساكين كلهم، وتبكيك الأيامى والأرامل المحزونات، والفقراء والفقيرات في كل مكان أنت كنت فيه تمشي، ويمشي الخير معك، فكم كنت رائعًا في كل إنسانيتك، وكم كانت بساطتك وكلماتك تهدي لكل من يعرفك عن أنك كبير جدًا، وأنيق جدًا في كل شيء، في أسلوبك وفي حنانك وفي طيبتك وفي كل تصرفاتك، التي أنا عشت بعضًا منها في تدشين مطار الدوادمي، وأخرى يوم تدشين أسطول الخطوط الجوية العربية السعودية في العاصمة الرياض، وعاشها معي بعض زملائي الإعلاميين من إدارة العلاقات العامة بالخطوط الجوية العربية السعودية، ولا أخفيكم أنني عشت هذه اللحظة التي كانت بدايتها مخيفة بالنسبة لي، ومن ثم تلاشى هذا الخوف بعد لقاء الوالد الإنسان سلطان، الذي قدم لي إنسانيته قبل اسمه، ومكانته فكان رجلًا كبيرًا يحمل في صدره قلبًا كبيرًا وروحًا عذبة، تخاطب الناس ببساطة وتحاكيها بلغة تشعرك بأنك في حضرة والدك الذي يخاف عليك، ويتمنى لك السلامة، ولي حق أبكيك وأبكي رحيلك، مثلي مثل كل أبناء هذا الشعب الذين كانوا يغنّون دائمًا (من لامني في حب سلطان غلطان).. فكم هي حسرتي وحسرتهم وحسرة كل المحزونين على فراقك أبا خالد، فليرحمك الله يا عظيمًا فقدناه، وليخلف علينا فراقك بالخير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. إنا لله وإنا إليه راجعون..!!! * (خاتمة الهمزة).. القبر هو الحد الفاصل ببيننا وبينك، لكن حبّنا سيبقى رغم أنف الفراق الذي يشبه في مساحته مدينة أخرى من الحزن والتعب، رحمك الله سلطان الإنسان.. هذه خاتمتي ودمتم.