مات سلطان، ولكنه عاش، وارتحل، ولكنه أقام. هو فينا في ضمائرنا، في عروقنا، في دمائنا، في قلوبنا، في عيوننا، في الأبطال، في الرجال، في الأطفال. فالشعر لا يفيه حقه حتى ولو قال: فكيف تذهب يا من حبّه أبدًا في كل قلب وهل للحب من أجل؟ سلطان الحزم عند ورود القلق، والعزم مع طائف التردد واقتناص الفرصة قبل أن تدبر، قوي حتى تضعف صولة الباطل، شديد حتى لين قناة الزور. صعب حتى تسهل طريق النجاح، همه تحقيق العدل، ورسوخ المساواة، وحفظ الحقوق، وكسر أنف الأنفة، وقمع صولة الجبروت. عنده حكمة للقلوب، ودرة للأكتاف. وسيف للرقاب المخلة بالأمن والطامعة في الحدود. طبت يا سلطان حيًّا، وطبت ميتًا. لبست جديدًا، وعشت حميدًا، ومتّ حبيبًا للكل، وُلدت مبتسمًا، وعشت ومت مبتسمًا، وهنا نواصل العهد الذي قطعناه جميعًا أبًّا عن جد، وجيلاً بعد جيل للملك المؤسس، صانع التاريخ، وزارع الخير، ورافع لواء التوحيد عهدًا موصول اليمين، وولاءً لا تفتُّ في عضده السنين، بل يزداد مع الأيام توهجًا بفضل الله أولاً، ثم بفضل هذا الوفاء. لهذه الأرض المباركة من أبناء المؤسس أجمعين، الذين شبّوا وترعرعوا في كنفه الكريم، وتخرجوا في مدرسته ملوكًا، وأمراء حتى غدوا نماذج رائعة للقيادة الرحيمة، وللمسؤولية الأمينة، فانطلق الناس معهم، ومن خلفهم يبنون المملكة مدنها وقراها، وصحاريها، ليحولوا الصحراء رياضًا خضراء، ومروجًا وأنهارًا تكتسي حلة الأصالة حتى بلغت المملكة في عهدها الحاضر الزاهي بقيادة خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الراحل أرقى مراتب المجد. وهنا نرفع أكف الضراعة لله عز وجل أن يرحم ولي العهد سمو الأمير سلطان، ويلهمنا جميعًا الصبر والسلوان. (إنا لله وإنا إليه راجعون).