شنت تركيا هجمات برية وجوية على المتمردين الأكراد في العراق اليوم الاربعاء وتوعدت "بانتقام شديد" بعد مقتل 24 جنديا تركيا في أحد أعنف الهجمات الكردية منذ عقود.وقال مسؤولون أتراك إن نحو 100 مقاتل من حزب العمال الكردستاني شنوا هجمات في وقت واخد في جنح الليل على سبعة مواقع نائية للجيش في اقليم هكاري على حدود تركيا الجنوبية الشرقية مع العراق.وأكد متمردو الحزب أنهم شنوا الهجمات وقالوا إن خمسة من مقاتليهم لاقوا حتفهم فيها.وقالت تركيا إنها قتلت 15 متمردا في الهجمات.وذكرت مصادر أمنية تركية أن قوات كوماندوس تركية توغلت مسافة تصل إلى ثمانية كيلومترات في الاراضي العراقية لملاحقة المقاتلين الاكراد وأن طائرات حربية ضربت أهدافا حول معسكر للمقاتلين على نهر الزاب.وقال الرئيس التركي عبد الله جول للصحفيين "يجب ألا ينسى أحد هذا.. إن من من ألحقوا بنا هذا الألم سينالهم ألم اشد بكثير .. من يعتقدون أنهم سيضعفون دولتنا بمثل تلك الهجمات أو يعتقدون أنهم سيجبرون دولتنا على الخضوع سيرون أن الانتقام سيكون شديدا للغاية وسيكون أضعافا مضاعفة."وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في مؤتمر صحفي نقله التلفزيون إن 24 جنديا قتلوا وأصيب 18 آخرون في الهجمات المفاجئة وأعلن بدء عمليات واسعة بما في ذلك عمليات مطاردة حثيثة.وكانت وسائل إعلام تركية قد قالت في السابق إن 26 جنديا قتلوا في الهجمات.وألغى اردوغان زيارة خارجية كان على وشك أن يبدأها وعقد اجتماعا طارئا مع وزيري الداخلية والدفاع وقادة المخابرات وكبار القادة العسكريين. كما ألغى وزير الخارجية أحمد داود أوغلو زيارة مقررة للخارج أيضا.وذكر مسؤولون أمنيون لرويترز أن القوات التركية قتلت 15 متمردا كرديا في اشتباكات لاحقة. وضربت طائرات هليكوبتر حربية بعض الاهداف في المنطقة وكان هناك نحو 500 جندي في الاراضي العراقية جرى نقل بعضهم جوا.وقال بيان لحزب العمال الكردستاني على الانترنت "شن مقاتلونا هجمات متزامنة بدءا من الساعة الواحدة صباحا (2200 بتوقيت جرينتش) على أفواج عسكرية في وسط مقاطعة جوكورجا وفي منطقة بيليجان ومواقع عسكرية قريبة ... سقط نحو 100 من الجنود وقوات الشرطة الخاصة بين قتيل وجريح."وأدان مسعود البرزاني رئيس اقليم كردستان العراق الغارات بوصفها "عملا إجراميا". وقال "هذا العمل أولا وقبل كل شيء ضد مصلحة شعب كردستان. ندعو إلى وقف فوري لتلك الهجمات."واضاف "العنف والصراع ليسا حلا."ويقول المسؤولون العراقيون إن من الصعب عليهم السيطرة على المنطقة الوعرة التي يقيم فيها حزب العمال الكردستاني معسكراته ويلتقي مسؤولون أتراك وعراقيون وأمريكيون بشكل متكرر في كردستان العراق لبحث المخاوف المتعلقة بالأمن والحدود.وندد اندرس فو راسموسن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي الذي تمثل القوات المسلحة التركية أكبر قوات فيه بعد الولاياتالمتحدة بالغارات قائلا "أدين بأشد العبارات الممكنة تلك الهجمات الأخيرة ... التي قتلت وأصابت العديد من الجنود وأفراد الشرطة والمدنيين الأتراك وبينهم طفل."واضاف "لا مبرر لأعمال العنف تلك. أعضاء الحلف متضامنون في الحرب على الإرهاب."ويمكن أن يزيد الهجوم والرد التركي عليه التوتر في المنطقة مع اقتراب موعد اتمام انسحاب القوات الأمريكية من العراق بنهاية العام ووسط تصاعد العنف في سوريا حيث يقوم الرئيس بشار الأسد بحملة على المحتجين المطالبين بالاطاحة به.ويتصاعد التوتر أيضا بين تركيا وإيران بسبب قرار تركيا استضافة رادار مضاد للصواريخ لحلف الأطلسي.واتهمت تركيا العراق مرارا بعدم فعل ما يكفي ضد قواعد حزب العمال الكردستاني وقامت بعمليات جوية وبرية عبر الحدود عدة مرات في الماضي.وكان آخر هجوم كبير في 2008 عندما أرسلت عشرة آلاف جندي بدعم جوي. وسرت تكهنات بأن من المرجح أن تشن هجوما جديدا عبر الحدود.وحمل المتمردون الأكراد السلاح ضد الدولة التركية عام 1984 سعيا لاقامة وطن مستقل للأكراد وقتل أكثر من 40 ألف شخص في الصراع.ويعتبر الاتحاد الاوروبي وتركيا والولاياتالمتحدة حزب العمال الكردستاني جماعة إرهابية. وعدل الحزب مطالبه إلى حكم ذاتي أوسع ومزيد من الحقوق للأكراد الذين يقرب عددهم من 15 مليون شخص من بين نحو 74 مليون نسمة يعيشون في تركيا.وجاءت الهجمات بعد أن قال عبد الله اوجلان زعيم الحزب المسجون إن استئناف محادثات السلام يتوقف على نهج تركيا.وقال بيان للحزب أمس إن اوجلان بعث برسالة من خلال شقيقه الذي زاره في زنزانته بسجن في جزيرة تقع جنوبي اسطنبول.وقال اوجلان في أول رسالة له منذ شهور "الكرة في هذه المرحلة في ملعب سلطات الدولة (التركية) وليس ملعبنا. المفاوضات ستستمر وقد يتغير كل شيء في العملية المقبلة إذا فتحوا (الاتراك) الباب."وأقرت حكومة حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه اردوغان إصلاحات ثقافية وسياسية لصالح الاكراد بهدف إنهاء العنف الذي تؤججه مشاكل الاكراد كما أجرت الحكومة التركية محادثات سرية مع اوجلان.إلا أن الحكومة تبنت نهجا أشد عقب تصاعد العنف الذي قتل خلاله حزب العمال الكردستاني أكثر من 50 من أفراد الأمن الأتراك منذ يوليو تموز.وفي الأسبوع الماضي قالت وسائل إعلام تركية إن إيران اعتقلت الرجل الثاني في قيادة حزب العمال الكردستاني مراد كارايلان لكنها أطلقت سراحه بعد ضربات جوية تركية للقاعدة التي كان يعمل انطلاقا منها.