يكاد يتفق معظم أهالي مدينة جدة اليوم على سوء حركة السير في مدينتهم وما تشهده من ازدحام وارتباك مروري كثيف في ظل استمرار تنفيذ عدة مشاريع متأخرة منذ سنوات وغياب شبه تام لرجال المرور الذين كانوا يومًا ما لا تخطئهم الأبصار في مختلف المواقع التي تشهد ازدحامًا متكررًا، حيث كنا نراهم ينظمون الحركة بدقة متناهية، وكان لحضورهم الميداني دور مهم في ردع المخالفين خاصة قاطعي الإشارات وعاكسي الاتجاه. وقال عدد من الأهالي: إنهم استيقظوا ذات يوم، فلم يجدوا أثرًا لرجال المرور لتصبح شوارعنا ومياديننا في (حيص بيص)، وباتت الحركة المرورية في جدة همًا يحمله السائقون في الغدو والآصال، وخير دليل على ذلك ما تشهده طرقنا في أوقات الذروة عند ذهاب الطلاب والطالبات والمعلمين والمعلمات إلى مدارسهم، والموظفين والموظفات إلى أعمالهم، من إرباك مروري يصل في أحايين كثيرة إلى العراك، ومن خامره الشك في ذلك فالميدان هو الشاهد وقديمًا قيل: «من رأى ليس كمن سمع». إلا أن المقدم زيد الحمزي مدير العلاقات العامة بإدارة مرور جدة نفى تمامًا ما ذكره عدد من المواطنين عن غياب المرور ميدانيًا، مؤكدًا «رجالنا موجودون في الميدان على مدار الساعة في مختلف المواقع، ويتم تكثيف هذا التواجد في أوقات الذروة، خاصة في المواقع المعروفة بكثافة حركة المركبات فيها». (المدينة) فتحت هذا الملف الشائك عبر سلسة من الحلقات من قلب الحدث، حيث خاطرت وتوغلت داخل الزحام ورصدت بعدستها الوضع المأساوي للحركة المرورية بمدينة جدة.. بعض السائقين أطلقوا صيحات الأمل في الصحافة من على مقاعد سياراتهم علها تكون المسمار الأخير في نعش الزحام المروري، فيما تندر آخرون عندما شاهدوا كاميرا (المدينة) ظنًا منهم أنها كاميرا (ساهر) جاءت تتربص بهم على حين غرة!! واشتكى عدد من سائقي سيارات الخصوصي والأجرة على السواء في الميادين والشوارع العامة من الغياب شبه التام لرجال المرور وعشوائية حركة السير وبطئها.. فهذا سمير سالم ما أن شاهد عدسة «المدينة» في شارع بني مالك حتى طالب المصور بسرعة التقاط المشهد قائلًا: «خلي الناس تشوف وتتفرج على هذه الزحمة» مبديًا استغرابه من عدم تواجد رجال المرور في الميدان خاصة في الأحياء الشعبية التي تشهد زحامًا كثيفًا أوقات الذروة. وأضاف: «لا أدري ما هي وظيفة رجال المرور بعد (ساهر)، فرحم الله ذلك الزمن الذي كنا نشاهد المخلصين منهم يقفون عند الإشارات وقد ركن الواحد منهم دراجته النارية بعيدا لينظم حركة السير». ويشاركه الرأي زكريا أحمد بقوله:» منذ أن انطلقت من منزلي بمدائن الفهد عند الساعة والنصف صباحًا وأنا الآن بجانب دوار الفلك، لم أشاهد أي رجل مرور في الميدان طوال هذه المسافة». وزاد متندرًا:» ومن شدة الزحام الواحد ما يقدر يتنفس». شارع بني مالك أما فوزي الشريف والذي كان يحجب شعاع شمس الظهيرة عن عينيه بنظارة سوداء فيقول «عملية تنظيم الحركة المرورية في ميادين جدة سيئة جدًا، حيث أمكث في شارع الأربعين المتقاطع مع شارع بني مالك 45 دقيقة، فأنا أسكن في حي النسيم وهذا هو الشارع الوحيد الذي يمكنني من دخول الحي، أما الخط السريع فإنني أتجنبه وقت الذروة لما يشهده من زحام كثيف». وعند سؤالنا له عن اقتراحاته لرجال المرور لتطوير الحركة قال:»أنا لا أشاهد رجال المرور في الأصل حتى اقترح عليهم»! وأطل رجاء الله السلمي من نافذة سيارته قائلًا:» للأسف اكتفى المرور السري في الخط السريع (طريق الحرمين) بملاحقة بعض المخالفين، فيما يتركون سائقي الشاحنات يسرحون ويمرحون على الطريق السريع في الأوقات الممنوعة دونما رادع مكتفين بالتفرج عليها» مؤكدًا أن «سبب الزحام على الطريق السريع هو سير الشاحنات في الأوقات الممنوعة أي أوقات الذروة». إغلاق بعض الطرق أما محمد أحمد عسيري فأبدى امتعاضه من الوقوف طويلًا في طابور السيارات وبالتحديد تقاطع شارع فلسطين مع شارع بني مالك ليفاجأ في آخر المطاف بإغلاقه من قبل الشركة المنفذة للمشاريع العاجلة لتصريف مياه السيول دون إيجاد تحويلة أخرى لذات الطريق، الأمر الذي يكشف ضعف التنسيق بين الأمانة وإدارة المرور، وقال: «لم أشاهد أي دورية لتنظيم حركة السير هناك». المرور عند المدارس العم الحسن الأسمري تحدث ل «المدينة» والعرق يتصبب من جبينه: «أطالب بتكثيف التواجد المروي عند المدارس لتسهيل حركة خروج الطلاب والطالبات، فأنا وجميع أولياء الأمور نجد معاناة شديدة عند أخذ أبنائنا وبناتنا من مدارستهم، علما بأن مدرسة ابنتي تقع على شارع أبها في حي الكندرة والذي يقع على امتداده أكثر من أربع مدارس ما بين بنين وبنات». ضعف التخطيط وانتقد خالد صالح عبدالعزيز سوء تخطيط الشوارع وخاصة مشاريع الدوارات والتي تأخذ مساحة من الطريق، وطالب بإزالة دوري الدراجة والفلك، وتوسيع مسارات طريق الستين أو إنشاء جسور وأنفاق لتسهيل حركة السير. وأضاف: «هناك بعض الإشارات المرورية لم يعد لها أي أهمية، بل تسبب زحامًا غير مبرر، فعلى سبيل المثال إغلاق إشارة تقاطع الستين مع شارع ذو النورين أدى إلى انسيابية الحركة، كما أن تصرفات بعض السائقين الخاطئة تمثل أحد الأسباب أيضا، وهذا مرده إلى عدم وجود رادع لهم»، مستشهدًا في ذلك بطريق المدينة الذي لا توجد به إشارات ومع ذلك يشهد زحامًا كثيفًا». وفي جنوبجدة وبالتحديد عند دوار النجوم فالأمر مختلف جدا، حيث ينطلق منذ ساعات الصباح الأولى الطلاب والطالبات والمعلمون والمعلمات نحو مدارسهم، والموظفون والموظفات نحو أعمالهم حيث يحدث زحام كثيف، خصوصا مع مرور أرتال الشاحنات ذهابًا وإيابًا دون وجود أي دورية تابعة للمرور تنظم حركة السير في تلك المنطقة التي تشهد حركة دائبة كونها متاخمة للمنطقة الصناعية.. المجلس البلدي: تصدينا للمشكلة بالتعاون مع المرور قال الدكتور طارق فدعق عضو المجلس البلدي في دورته الأولى ل»المدينة»:» موضوع ازدحام الطرق في جدة كان من أولويات عمل المجلس في دورته السابقة، حيث كنا في معظم الجلسات نثير مشكلة الزحام وإغلاق بعض الشوارع والإشارات الصغيرة، وذلك بهدف إيجاد حل لهذه لأزمة، والأهم من هذا كله سلامة البشر سواء السائقين أو المشاة، وقمنا بتكوين لجنة متخصصة في هذا المجال، واستضفنا من خلالها مجموعة من الخبراء بالتنسيق مع إدارة المرور بجدة». وزاد:»ما تشاهدونه اليوم من جسور وأنفاق هو حصيلة تلك الاجتماعات، لكن للأسف عندما يقام مشروع لمواجهة الزحام تتولد عنه أيضًا مشاكل مرورية أخرى، وذلك بسبب إغلاق بعض الشوارع وتضييق أخرى، وكان ذلك ضمن الموضوعات التي شغلت المجلس خلال الفترة الماضية». ودعا فدعق إدارة المرور إلى بذل جهود أكبر في هذا الاتجاه من بينها إقامة برامج توعوية وبروشورات للسائقين تبين موعد إغلاق الشوارع قبل فترة طويلة، وأخرى تبين أماكن الازدحام في مختلف شوارع المدينة لتفادي دخولها في أوقات معينة والأخذ بالبدائل المتاحة. وأضاف: «رجال المرور يقومون بدور مهم، لذلك أتمنى أن تكون لهم ميزانية ومعدات وموارد بشرية ومعدات أكبر مما هي عليه الآن، وبالتالي سيكون لهم دور أكبر لأنهم وببساطة يعملون حاليًا وفق الإمكانيات المتاحة لهم». الأمانة: إزالة «ميادين الستين» مطلع العام مستشار وكالة التعمير والمشاريع بأمانة جدة المهندس حسني كلكتاوي علق على هذه المشكلة بقوله: «هناك تعاون كامل بين الأمانة والمرور وإدارة النقل من أجل تحسين حركة المرور على طرق جدة» وأشار إلى أنه تم إعداد دراسات مرورية وتقرر طرح مشاريع لإزالة دوارات (ميادين) الفلك والدراجة والجواد الأبيض مطلع العام المقبل، حيث سيتم إزالتها وبناء أنفاق وجسور في مواقعها لتسهيل الحركة المرورية». المرور: رجالنا في الميدان على مدار الساعة نفى المقدم زيد الحمزي مدير العلاقات العامة بإدارة مرور جدة ما ذكره عدد من المواطنين عن غياب المرور ميدانيًا. وفي ما يخص الميادين، أكد أن هذه المواقع حيوية ويسلكها أكثر الناس، وهي مهمة لوجودها على شارع رئيسي (الستين) ولا بد من التواجد المروري وهو حاصل بالفعل على مدار الساعة، ويتم تكثيف هذا التواجد في أوقات الذروة بزيادة عدد رجال المرور والدوريات هناك لتسهيل حركة السير وتنظيمه. ورفض رفضًا قاطعًا أن يكون هناك غياب مروري في أي موقع.