قال الضَمِير المُتَكَلّم : في سنوات دراستي الجامعية ، كنت أبحث عن بعض الريالات ؛ من هنا وهناك ؛ لأساعد والدي الذي رغم جهده وكفاحه ؛ كان يُصنّف بأنه من ذوي الدخل المحدود أو ( المفقود ) ، فعلت ذلك بمطاردة الركاب على سيارتي العزيزة المتهالكة ( دِدْسِن غمارتين ) ، وما أجمل تلك الليالي التي نمت في حضنها داخل حُوش المرور !! ذلك أيام الدراسة أما في الإجازة فكان قَدري العمل الصيفي في مستشفى خاص لمدة ( 8 ساعات ) يومياً مقابل ألف ريال شهرياً لا أقبضها حتى أتسولها !! حينها كنت شاهداً على ربط ( صاحب المَشْفَى ) حصول الأطباء والعاملين على رواتبهم ؛ بان تكون خزينة المستشفى عامرة من نقود المرضى ( فقط ) ؛ حتى لو كانت الوسائل أو الثمن إلزام ( المرضى المساكين ) بأشعة وتحاليل طبية وأدوية غير ضرورية !! تلك الحكاية أو الشهادة تذكرتها عند قراءة تقرير ( مهم وخطير ) بثته صحيفة الحياة اللندنية ( الأربعاء 28 سبتمبر 2011م ) ومنه : ( قدّر صيادلة ومندوبو مبيعات قيمة العمولات التي يحصل عليها الصيادلة في المملكة، جراء الترويج لأدوية ومنتجات طبية لشركات معينة بنحو ( 90 مليون ريال سنوياً ) ، حيث أوضح أحد مندوبي مبيعات الأدوية : أن نظام الهدف في شركات الأدوية عبارة عن قيمة مالية محددة يجب على الصيدلي والمندوب أن يحقق (80% ) ، منها ، وتبدأ ب (100 ألف ريال ) ، وصولاً إلى ( مليون ريال ) بحسب قوة الشركة وحجم منتجاتها والسوق وقدرة الصيدلي على توزيع المنتجات ! وتبلغ حصة الصيدلي من عمولة مبيعات الأدوية 1600 ريال شهرياً تقريباً ، وتابع ذلك المندوب : ( أقوم بزيارة الأطباء لإقناعهم بالمستحضر الدوائي الخاص بالشركة التي أعمل فيها، مع تقديم هدايا لهم مثل الساعات والأقلام وغيرها، وأحياناً يستلزم الأمر دعوة مجموعة من الأطباء والصيادلة على الغداء أو العشاء في أحد الفنادق أو المطاعم لإقناعهم بالدواء الخاص بشركته، وأحياناً يطلب الطبيب بعض الهدايا مثل « لاب توب أو موبايل « ليستمر في كتابة الدواء، والبعض الآخر يطلب نسبة من سعر المستحضر ) !! ومع التأكيد على أن تلك الممارسات لا يتصف بها كل الأطباء ولا كل الصيادلة ؛ فهناك استثناء ؛ ولكن هذا التقرير وغيره يكشف أموراً خطيرة تتعلق بصحة الإنسان !! فربما كانت تلك العمولات هي الباب المفتوح الواسع لدخول أدوية يظهر بعد سنوات من التهام المرضى عندنا لها ؛ أنها تقضي على صحة الإنسان !! وفي إعلانات هيئة الدواء والغذاء وتحذيراتها المتكررة من بعض المستحضرات الطبية خير شاهد ؛ فهذا التقرير يميط اللثام عن آلية وكيفية دخول تلك الأدوية المحظورة عالمياً أحياناً ؛ فالمسألة ياعَمّ ( عمولات و 90 مليون ريال ) !! أيضاً ذلك التقرير يُفَسر ظاهرة كثرة الأدوية التي يتمّ صرفها من قبل بعض الأطباء للمرضى الغلابى ، وإصرارهم على أدوية بعينها ؛ فالعمولة والموبايل أهم من صحة المريض!! ذلك التقرير وأمثاله يدق ناقوس الخطر فالخلل في الصحة ( هلاك محقق ) ؛ فما أقسى أن يموت إنسان ؛ والثّمن مجرد هاتف جَوّال !! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة .