كلّما نشطت تدابير توطين الوظائف، تنفيذًا للأوامر الملكية الكريمة، استفزز بعض التجار بخيلهم، ورجلهم، وتصريحاتهم غير المسؤولة المجتمع السعودي، والشباب السعودي -في تخلٍّ بغيضٍ، وأنانيةٍ مفرطةٍ- باتّهامهم بالكسل، وضعف التأهيل، وهم يعلمون -قبل غيرهم- أنّهم ببساطة كاذبون. فالسعوديون أثبتوا جدارتهم، وعلو كعبهم في مجالات عدّة، وما خاضوا مجالاً إلاّ وهم أبرع الناس فيه، ويعلم هؤلاء التجار المتاجرون بالوطن، وأبنائه، وثرواته أن العمالة التي يقدّمونها على السعوديين ليست أفضل، بل إنها تأتي لتتلقى تدريبها في المشاريع السعودية، وفي الأرض السعودية، وبالأموال السعودية، وهؤلاء ينطبق عليهم القول (لا يرحمون، ولا يريدون أن تحلّ رحمة الله بالناس)! ففي حين يغلقون منشآتهم في وجوه السعوديين، ويفتحونها على مصراعيها لجنسيات بعينها، ولأسباب معلومة، يتبجحون في الفضاء، ومنابر الغرف التجارية بالقول بأن الدولة ليست مسؤولة عن توظيف أبناء البلد، ولا يجب أن تفرض على التاجر أن يوطّن الوظائف في مشاريعه، وأن الشباب السعودي ترك مهن آبائه وأجداده في سوق الخضار والسمك، في حين الكل يتساءل عن مهن آباء هؤلاء وأجدادهم، وماذا استفاد البلد والمواطنون من هذه الشاكلة من رجال الأعمال غير تصدير الأموال للخارج، ومكافحة البطالة في الدول السياحية التي يفضلون تنميتها بالأموال السعودية؟ وعلى رأي المثل المصري (القرع يمد لبرا)، ماذا استفدنا منهم غير دعم فكر الاحتكار، والإرهاب الاقتصادي؟ هؤلاء يعلمون أن لو تسنّت للشباب السعودي مجتمعين فرصة واحدة من الفرص التي أثرتهم لما وقف شاب بملفه على الرصيف سنوات ينتظر أن يخجلوا، أو يشعروا برسالة يؤدّونها غير تنمية أموالهم، وتغيير سيارتهم وقصورهم، ولو مُنح الشباب السعودي مجتمعين أرضًا عرضها آلاف الكيلومترات بسعر رمزي زهيد، وباعوها بالملايين، كما يفعل هؤلاء لعاش الشباب، كما يعيش هؤلاء وأبناؤهم الذين (شيّختهم) الأموال، وصاروا لا يطيقون أن يعمل السعوديون (أهل البلد) لديهم، الحق أن تصريحات هؤلاء تجلب المرض، وينبغي أن يلزموا حدود الأدب مع الوطن ومواطنيه، وأن يضبطوا تصريحاتهم بالقليل من الوفاء للبلد الذي سهّل عملهم، ودعم تكوينهم لإمبراطورياتهم، والشعب الذي استهلكوه حتى اعتادوا الثراء، وفضلوا التمدد للخارج، وليت أن الدولة تفرض على تجارتهم الفلكية ضرائب مستحقة ونظامية تستخدم في خدمة مشاريع التوطين، والتنمية بدل أن يمنّوا علينا بأموالنا وتسهيلات حكومتنا. [email protected]