أكثر شيء افتقدناه مع انتشار ثقافة الشفافية هو الاطمئنان ، خصوصا أننا كنا ( مدللين ) لدرجة أن يشيع بيننا أن مصلحة الأرصاد لا تريد تخويفنا بأن البرد ( جا له قلب ) و بلغ سبع درجات تحت الصفر وأنها رفعت السبعة فوق الصفر لطمأنتنا ، فكنا نعيش وهم الرغد النفسي و البرمجة النفسية الإيجابية التي تمارسها مؤسساتنا حرصا على صحتنا النفسية ، أما الآن فصرنا نعاني من متلازمات الشفافية كالإحباط و الرعب أحيانا ، آخر أخبارنا الصحية الشفافة ( المرعبة المحبطة ) تصريح يطمئن فيه الدكتور عبد العزيز الصايغ المجتمع على مقدرة الهيئة العامة للتخصصات الصحية على اكتشاف الوثائق المزورة من الشهادات والخبرات، وإخلاء المجتمع من الممارسين الصحيين غير الأكفاء ، وهي بهذا الصدد تعلن ( بسم الله ما شاء الله ) أنها أوقفت 17895 ( سبعة عشر ألفا و ثمانمائة و خمسة وتسعين ) ممارساً صحياً ومنعتهم من العمل في المملكة و كشف الدكتور عبد العزيز الصايغ عن 1442 شهادة صحية مزورة، فيما لا تتجاوز نسبة الأطباء المزورين 6 %، بينما ترتفع أعداد المزورين بين فئات الفنيين والصيادلة والممرضين ، و أتصور أن الطبيبة التي عوقبت هذا الأسبوع لعجزها عن تشخيص كسر لمسن كانت خارج هذه الحسبة ، الركن الشفاف والمطمئن في الخبر أنه لم يتضمن الفترة التي بقيها هؤلاء يعبثون بصحة الشعب السعودي و لم يتضمن عدد ضحاياهم ، و الأسئلة المحقونة بمخدر منتهي الصلاحية هي : أي نوع من الفساد كان خلف قدومهم من أصله ؟ و كم مواطنا دفع ثمن هذا الرقم الجبار ؟ و هل تعجز الهيئة الطبية عن وضع تدابير تكشف عنهم قبل التعاقد معهم ؟ و كم رخصة زائفة و شهادة مزورة تختبئ في أصقاع البلد و لم تصلها بعد عين الصحة ؟ وكم رخصة زائفة في باقي المجالات في البلد ؟ و لم لا يكون في كل وزارة مركز ( وااااتني) للقياس والتقويم كقياس ( اسم المولى حارسه ) بحيث يطمئن الشعب السعودي على أن كافة الخدمات المقدمة إليه تصدر عن مؤهلين بها ، و يطمئن سوق العمل السعودي بأنه لا يوجد به عامل مزيف واحد ، ويطمئن الاقتصاد السعودي بأن تسعين مليار ريال ( صحيحا غير مزور ) هو إجمالي تحويلات العمالة الوافدة في السعودية نحو بلدانها قد تلقت السعودية مقابلها خدمات صحيحة و غير مزورة ، ويطمئن الشباب السعودي و الكوادر السعودية المعطلة بشهاداتها غير المزورة الباقية على أرصفة الانتظار لم يحل محلهم في وطنهم إلا من هو أفضل و أجدر منهم ، و تطمئن السعودية على أن مشاريع تنميتها لم يكن أحد أسبابها العمالة المزورة التي تعيث بكل شيء في البلد . [email protected]