يعاني سكان المنطقة حول مقبرة الكيلو 14 في شارع الوادي خلف عين العزيزية بمحافظة جدة من ظاهرة المياه الجوفية التي تملأ خزانات مياه الشرب وبيارات الصرف الصحي من وقت لآخر، ومن ثم تختلطان معا، وتطفح في عرض الشوارع مؤذية عيون المارة وتزكم أنوفهم برائحتها الكريهة. وقال عدد من السكان إن هذه المشكلة مستمرة منذ حوالي العام والنصف في أعقاب كارثة السيول، مشيرين إلى أنهم تعبوا من وايتات الشفط، حيث يعود الوضع إلى سابق عهده في كل مرة بعد ساعات قليلة من شفط المياه المتجمعة، فضلا عما يسببه هذا الواقع من أضرار صحية وبيئية. «المدينة» رصدت واقع المشكلة ميدانيا والتقت عددا من السكان الذين تحدثوا عن معاناتهم المستمرة منذ فترة طويلة مع هذه المياه، ومنهم عبدالله جعفر الذي قال: المشكلة بدأت مع كارثة السيول وتفاقمت هذه الأيام بعد أن أصبحت المياه الملوثة تملأ خزانات البيوت حتى الطفح، مما يضطر السكان لاستعمال خراطيم المياه لإفراغ هذه المياه «الضارة» وضخها إلى الخارج. وذكر حسين السفياني أنه يذهب بأبنائه إلى المستشفى مرتين أسبوعيا بسبب مياه البيارات الطافحة التي تجرى في الشوارع ك «الأنهار» وما تسببه من آثار ضارة على صحة الناس، مضيفا أن المشكلة مستمرة منذ عام ونصف، إلا أنها زادت حدة هذه الأيام، ولم يعد ينفع حضور وايتات الصرف الصحي المستمر لشفط مياه البيارات، لأن المشكلة باتت أكبر من الحلول المؤقتة.واتسع نطاق المتضررين من مشكلة المياه الجوفية في هذا الحي ليشمل أصحاب المحلات التجارية وخصوصا العجلاتية وأصحاب البناشر، يقول أحدهم: «منذ شهر ونصف بدأت حفرة تغيير الزيوت والتي لا غنى لي عنها في مجال عملي، بالامتلاء بهذه المياه «القذرة»، وبمجرد انتهائي من شفطها تعود للامتلاء خلال يوم واحد، مما اضطرني للتوقف عن عمليات الشفط»، مضيفا: «لقد أوقفت هذه المياه حالي». الأمانة تخلي مسؤوليتها «المدينة» عرضت المشكلة على مسؤول ملف المياه بالأمانة مساعد الأمين المهندس محمد قطان الذي أكد صدور توجيهات سابقة من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة بتسليم ملف المياه الجوفية إلى شركة المياه الوطنية بمحافظة جدة لتتعامل معه، مضيفا أنه ومنذ ذلك الحين انتهت مسؤوليات الأمانة بهذا الخصوص. .. و«الوطنية» لا تجيب «المدينة» أجرت اتصالات متكررة بالمسؤول المختص في الشركة الوطنية للمياه في محاولة لمعرفة أسباب استمرار المشكلة كل هذه المدة (18 شهرا) رغم معاناة السكان، وهل يوجد ضمن خطط الشركة حلول عاجلة لإنهاء هذه الظاهرة التي تنغص عيش المتضررين وتهدد صحتهم وسلامتهم، إلا أننا وبكل أسف لم نتلق أي جواب حتى إعداد هذا التقرير.
------------------------------------------------------------------------ عاشور: 40% من شبكة جدة مهترئة وتساهم في تلوث المياه أرجع وكيل الرئيس العام لحماية البيئة السابق الدكتور أحمد عاشور سبب تلوث المياه الجوفية بمحافظة جدة إلى تسرب مياه الصرف الصحي من البيارات، مضيفا أن إنشاء البيارات في المحافظة بالماضي جاء نظرا للنقص الشديد في شبكة الصرف الصحي وهو ما لم تتم معالجته حتى الآن. وعن أهم أسباب تسرب المياه الجوفية الملوثة إلى خزانات المياه قال: إن إنشاء خزانات المياه من مادة الأسمنت وبدون حماية جدرانها بالمواد العازلة، يساهم في ترشح المياه الجوفية إليها، وسبب آخر هو اهتراء ما يقارب من 40% من مواسير شبكة المياه، وتسرب المياه الجوفية الملوثة المحيطة بها إليها نتيجة لزيادة الضغط خارج هذه المواسير عن داخلها، آخذة طريقها بعد اختلاطها بمياه التحلية إلى الخزانات. واستشهد د. عاشور على تلوث مياه الخزانات بحادثة وقعت عام 1418 خلال عمله في مستشفى الملك فهد، حيث جاءت للمستشفى أكثر من 60 حالة تسمم من حي الرويس كان المصابون فيها يعانون من إسهال قوي، مضيفا أن الفحص الطبي أثبت وجود بكتيريا الشقلة، وبالكشف على خزانات مياه بيوتهم وجدنا البكتيريا فيها وبالمواسير أيضا، واكتشفت الشركة وجود تسرب من مياه بيارة إلى أنابيب المياه المجاورة نتيجة لكسر فيها، وتم إصلاحه وتعقيم الخزانات. وأوضح د. عاشور أن هناك ثلاثة مصادر رئيسة للمياه بمدينة جدة، الأول مياه التحلية ولا غبار عليها، والثاني ويمثل 20% من احتياجات مدينة جدة وتمدها فيه مدينة خليص وهي أيضا جيدة، أما الثالث فهو وايتات مياه عين العزيزية وهي مصدر كبير للمياه الملوثة، مشيرا إلى أن أكثر من 200 بئر موجودة بجدة داخل أحواش وبعضها على طرق رئيسة، مضيفا أن نوعية هذه الآبار رديئة ولا تصلح للاستخدام الآدمي بل للزراعة والصناعة فقط، لكن في أوقات الأزمات وشح المياه يتربح منها بعض المستفيدين ولو على حساب الصحة العامة.