قد تكون لدينا كميات وافرة من الشجاعة في مواطن ومجالات عديدة ، ولكننا ربما نفقدها أو جزءا كبيرا منها في مواطن أخرى ، لسنا بحاجة إلى تعداد ما لدينا منها فيكفي إحساسنا واعتزازنا بها ، لكننا بحاجة ماسة إلى تحريك المياه الساكنة والتعرف على الزوايا المخفية والتي نخبئ فيها شجاعتنا أو نلغيها وهي التي قد تكون أكثر أهمية لحياتنا وتوجيه دفة مسيرة التطور والتنمية عامة و في قضية السعودة خاصة وتشغيل الشباب وتوفير مجالات أعمال لا نجد فيها أحدا منهم ، ولذلك دعونا نتساءل هل لدينا من الشجاعة ما يكفي للإجابة على هذا التساؤل !! فهل لدينا منها ما يكفي لنعرف أن أحدا من أبنائنا لا يمكن أن يقف في الشوارع والطرقات وفي عز الشمس أو قبيل الفجر ليكنس الشارع ويجمع بقايا القمامة المتناثرة حول البراميل المخصصة لها( الله لا يحوجهم ولا يحوجنا ) ، وهل لدينا من الشجاعة لنضع أحدا من أبنائنا في موقع عامل بناء أو حدادة أو نجارة ضمن شركة مقاولات أو على الأقل يعمل لنفسه وبنفسه ولا يستعين بأحد من العمال « الأجانب « الذين نهبوا مواردنا المالية وباتوا يصدرون الملايين منها إلى بلادهم – هكذا نقول ونصرح وللأسف - !!؟؟ إن كانت العمالة الوافدة – التي استقدمناها نحن بأيدينا وبكامل وعينا وإرادتنا - تكد وتشقى لكسب لقمة العيش بعرق جبينها ليل نهار – وأغلبهم مسلمون مستضعفون - و المواطنون السعوديون الكفلاء أصحاب اللوحات ( غالبا ) نائمون في غرف مكيفة وثيرة الفرش مرخية الستائر ، ثم نصرخ بأعلى صوتنا أن هؤلاء العمال ضيقوا علينا مصادر الرزق ، واستنزفوا الاقتصاد الوطني ، بل ونؤكد أن كثيرا منهم يتحكم في أمور معظم المؤسسات السعودية التجارية خاصة من يجلس على كراسي التحكم والإدارة ، في الوقت الذي لا يثبت معظم شبابنا قدراتهم ويبرزون خبراتهم ومهاراتهم ، ويطالبون الجهات المختصة في الدولة بحمايتهم وتهيئة كل الظروف ليعملوا ويكسبوا لقمة العيش بكرامة !! قد يكون في بعض الأسطر السابقة نسبة من الحقيقة لكنها ليست كل الحقيقة ، لأن أصحاب المؤسسات السعوديين لو وجدوا حماسا وتقبلا وتحملا للمسئولية لدى معظم الشباب الذين حاولوا توفير فرص عمل متنوعة لهم حسب مؤهلاتهم وتخصصاتهم لما اضطروا إلى تحميل غيرهم تلك المسئوليات والمهام ، وكمتابع لمجموعات من الشباب السعودي الذي أتيحت له فرصة العمل كمعلمين في مدارس التعليم العام الحكومي والأهلي فقد خيب معظمهم الظن فيهم بعدم اهتمامهم وانتظامهم وتصرفاتهم غير المسئولة كمعلمين وليس حراس أمن أو عمال نظافة ولذلك اضطر بعض ملاك تلك المدارس إلى الاستغناء عنهم بكل أسف كما يتمنى مسئولو المدارس الحكومية ذلك ، وقد كان بإمكان هؤلاء الشباب إثبات قدراتهم واكتساب كثير من الخبرات والمهارات في مجال التربية والتعليم الذي وجدوا أنفسهم فيه إذ لا خيار أمامهم في المنظر القريب سواه !! هل لدينا الشجاعة الكافية لنسأل أنفسنا إلى أي مدى وإلى متى نريد من الدولة _ أعانها الله _تهيئة وتكييف ظروف العمل وإجبار القطاع الخاص على تشغيل الشباب دون أن يبدي معظمهم ما يؤكد حرصهم وتجاوبهم مع الجهود المبذولة من أجل توفير مجالات كسب لقمة العيش لهم بكل يسر ، أخشى أن تذهب معظم الجهود هذه مهب الرياح إن لم يشعر الشباب السعودي بضرورة التعامل بجدية إلى أقصى درجة مع تلك الجهود ، وأن لا يتكلوا على الدولة ولا على آبائهم ومؤسسات المجتمع والقطاع الخاص حتى لا يتحول الاهتمام بهم إلى دلال مضر بصحتهم النفسية والعقلية والاجتماعية و الاقتصادية !!