مشكلة المنهج الغيبي ، أو بمعنى آخر المنهج الذي لا يعتمد على العلم كأداة معرفية ، هي انه متخصص في تقديم الإجابات والتفسيرات ، لكنه لا يعبأ بالأسئلة وغير قادر على تقديم الحلول ولا حتى البحث عنها . بالنسبة للمنهج الغيبي هناك تفسير لكل شيء في الحياة ، ابتداء من الظواهر الطبيعية التي ترتهن - حسب مقتضيات هذا المنهج - لعاملي الرضا والغضب الإلهي .. وانتهاء بالأحلام التي تراود الإنسان أثناء نومه ، والتي يتعامل معها المنهج الغيبي بوصفها إحدى المؤشرات المساعدة لمعرفة القدر او المستقبل أو الجزء المحجوب من الواقع نفسه. لكن ماذا عن طبيعة الظواهر نفسها ، وماذا عن القوانين والسنن التي تحكم العلاقات بين الأشياء وتنظم حركة المجتمعات والأفراد ..؟ المنهج الغيبي طبعا ليس مسؤولا عن كل ذلك ، ولهذا فإن نوعية أو طبيعة المعرفة التي يقدمها لمتبعيه ، تبقى غير ذات تأثير في مجال الواقع . والنتيجة المباشرة لكل ذلك هو ترسيخ واقع التخلف العلمي لدى الأمم التي تنظر إلى الحياة من منظار غيبي صرف ، وكأن مهمة الإنسان تنحصر في إيجاد التفسيرات لظواهر الكون والحياة وليس في محاولة فهم هذه الظواهر والارتقاء بتلك الحياة ! الإنسان مخلوق مكلّف ، وهو الكائن الوحيد الذي نفخ الله فيه من روحه واستأمنه على القيام بدور خلافته في الأرض . وهذا يعني ان الإنسان مطالب بإعمار الأرض حسب الوسائل التي حباه الله بها . وأولى هذه الوسائل هي العقل الحر غير المقيد بالانطباعات المسبقة . ولو راجعنا آيات القرآن الكريم لوجدنا أن الله سبحانه وتعالى قد استخدم كلمة ( يعقلون ) 22 مرة ، اما كلمة ( تعقلون ) فقد وردت 24 مرة ، و( يتفكرون ) وردت 11 مرة . ولو تأملنا عدد المرات التي ذكرت فيها هذه الكلمات ، ولاحظنا في نفس الوقت خلو القرآن من كلمة مثل ( يحفظون ) ، لأدركنا المكانة الرفيعة التي حظي بهما العقل الحر غير المقيد بالانطباعات المسبقة والإجابات الجاهزة . اما إذا تأملنا ربط القرآن الكريم بين الضلال وبين اتباع الآباء ، فإننا سنتأكد أكثر من تأكيد القرآن الكريم على ضرورة تحرير العقل وإطلاق قواه في عالم الأسئلة وفي دنيا الاستكشاف . المنهج الغيبي ليست لديه أية حلول عملية . [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (7) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain