اعتقال الجنرال الصربي السابق راتكو ميلاديتش Maldic بعد 16 عاماً من ارتكابه جرائم إبادة بشعة بحق مسلمي البوسنة حيث قتل حوالى 8 آلاف رجل وشاب وطفل في بداية التسعينيات الميلادية وتحديداً ما بين عامي 1992-1995م، فتح الباب مجدداً أمام محاكمة الزعماء الذين يتسببون في قتل المدنيين وإبادتهم حيث سيتم نقل الجنرال الصربي لمحكمة الجزاء الدولية في لاهاي، ومع أن مأساة مسلمي البوسنة احتلت فصلاً مروعاً في أحداث جزيرة “البلقان” إلا أن قضية المحاكمة تخفي وراءها كثيراً من البواعث والعوامل السياسية الصرفة. بداية فإن السعي لإنشاء امبراطورية صربية كان يلاقي دوماً معارضة اوروبية وأمريكية شديدة ولهذا نشأ ما يشبه الحلف العسكري الثنائي داخل المنظومة الغربية بين بريطانيا والولايات المتحدة وتحديداً بين رئيس الوزراء العمالي الأسبق توني بلير والرئيس الديمقراطي الأسبق بيل كلينتون، وكان “بلير” بعد انتخابه رئيساً لوزراء بريطانيا في عام 1997م، رفع مع وزير خارجيته الراحل روبن كوك Cook،شعار ما أسماه بالتوجه الأخلاقي في السياسة الخارجية، وكان نجاح القوات البريطانية في العملية العسكرية لحماية المدنيين في “كوسوفو” عام 1999م قد مهد لتدخل بريطاني متفرد وناجح في “سيراليون” بإفريقيا، ولكن الذي أفسد هذه السياسة هو انجرار “بلير” خلف جورج بوش الابن في غزو العراق سنة 2003م، من دون موافقة دولية وعلى خلفية بواعث ثبت بطلانها فيما بعد، وهذا الانجرار الأعمى هو الذي دفع بخلفه “جورج براون” للابتعاد عن المحور الأمريكي ولكن الزيارة الأخيرة لأوباما للمملكة المتحدة وإلقاءه خطاباً في اجتماع مشترك لمجلسي العموم واللوردات دون معارضة عمالية يثبت أن الحلف الأمريكي/البريطاني الممتد من أحداث الحرب العالمية الثانية قد عاد من جديد بين الزعيم المحافظ “كميرون” والديمقراطي “اوباما” وقد تحدثت الصحافة البريطانية أن أحداث الصرب السابقة واللاحقة تفتح الطريق أمام مصير مشابه في “ليبيا” وربما آخرين وذلك ربيع غربي جديد.