مرت المملكة العربية السعودية بتجربة نوعية ذات مدلول اجتماعي تنموي له أبعاده، وقد أفرزت هذه التجربة حراكًا عمليًا مساندًا للعمل البلدي، ممثلًا بما أفرزته أول انتخابات يشارك فيها المواطن ليفعل دوره في العمل الخدمي ميدانيًا، وحرصت الجهات المختصة أن يكون أعضاء المجالس البلدية نصفهم من الفائزين في الانتخابات، والنصف الآخر يتم اختياره من قبل الجهات المعنية ممن يتوسم فيهم الكفاءة لتقديم الخدمات المؤملة من المجالس البلدية. وقد بدأت المجالس البلدية في محاولة ممارسة الدور المطلوب منها، وتفاوت التفاعل عمليًا ونظريًا حسب إمكاناتهم الشخصية ومدى انسجامهم مع توجهات أمناء ورؤساء البلديات الذين يتعاملون بموجب أنظمة ولوائح تحدد الصلاحيات الممنوحة لهم. فبعض هذه المجالس اصطدم ببيروقراطية دفينة في دهاليز بعض البلديات حالت دون تطلعات المجالس، وآخرون اكتفوا بالاجتماعات وتقديم المقترحات والظهور في المناسبات وتسلم المكافآت، والقليل من أعضاء هذه المجالس تفاعلوا مع هذه المهمة الوطنية بقدر استطاعتهم وحققوا بعض وعودهم للمجتمع الذي كسبوا ثقته وهم قلة. إلا أن البلاد خرجت بتجربة أهدافها سامية ومجمل نتائجها دون المتوقع، لأسباب متنوعة منها تلاشي الوعود التي أطلقها المرشحون ومنها اندفاع بعض المجالس بطلب تحقيق مشروعات لم تكن من صلاحيات البلديات بالإضافة إلى وضع نتوءات من بعض البلديات أعاقت كثير من مطالب المجالس البلدية. وبما أن الدورة الأولى أوشكت على الانتهاء وانطلقت سفينة الانتخابات منذ اليوم التاسع عشر من شهر جمادى الأولى لعام 1432ه ببدء تسجيل الناخبين على مستوى المملكة للدورة الثانية محاطة بلوائح مدروسة سددت الثغرات التي تخللت لوائح الانتخابات في الدورة الأولى وأوجدت تباين في التفسير، ولتسيير الانتخابات بصورة مرضية وحرصًا على تطبيق لوائح مجالس البلدية الجديدة فقد شكلت الوزارة لجنة محلية في كل منطقة تتكون من جهات رسمية ومن الأهالي وترتبط هذه اللجنة بلجنة عليا بالوزارة تعالج أي عوائق قد تطرأ على سير الانتخابات في حينها. ومن المسلم به أن المواطن السعودي استفاد من الانتخابات الأولى ونتائجها سلبًا وإيجابًا وأدرك جسامة المسؤولية للذي يرغب أن يرشح نفسه لخوض غمار الدورة الثانية، وللناخب الذي يتحمل مسؤولية نتائج اختيار مرشحه، فدور المواطن مهم في هذه النقلة التي يتوقع المتفائلون أنها ستكون أفضل من سابقتها التي غلب على بعضها ما يسمى (بالمهايطات) إذا تم حسن اختيار الناخب للمرشح بالتجرد عن دور العلاقات الشخصية والفئوية وجعل المصلحة العامة فوق كل اعتبار فهو مؤتمن على اختيار الأفضل لتتحقق الأهداف المؤملة من المجالس البلدية التي تتطلع لها القيادة الحكيمة لخدمة المواطنين في إطار الخدمات البلدية. والله المستعان. [email protected]