في صبيحة يوم الجمعة الموافق للخامس عشر من الشهر الثالث من عام الف واربع مائة واثنين وثلاثين شب حريق في منزلي والحمد لله على قدره. رب يوم قد كدت فيه أحار حين شبت في الصباح في البيت نار يا لطيفًا بالخلق أنت ملاذي ومعاذي إذا سطت أقدار فزماني أراه أضحى عبوسًا وأمانيَّ شأنها الاندثار نحن من نحن يا إلهي لولا فيض لطف فامنن أيا ستار كيف أنسى اللهيب أذكى بقلبي حسرات وفي الحنايا استعار تاه عقلي وضل منه رشاد ومن الهول خطو رجلي عثار سكنت في الفؤاد لوعة محزون فأغضيت والفؤاد انكسار مدت النار كفها فأبادت كل شيء ودأبها إسعار وتمطت تجول في كل صوب بلظاها والموقد التيار أسقف البيت قد كساها سواد وخدود الحيطان فهين قار لم تدع من أريكة أو حشايا أو سرير إلا وفيها انصهار هي غرثى وليس تقنع بالنزر وفي جوفها لظي وأوار لا تبالي من غلظة ما حوته أحديد في جوفها أم نضار قد محت كل نضرة وجمال وتولت والإرث منها الدمار أهو بيتي لا ولا ليس بيتي إن بيتي له الجمال شعار إن للبيت في خيالي طيوفًا كيف أنسى وحالي الادكار فهنا فاح أنسنا وانتشينا في هناء وما بنا أكدار وهنا يركض الصغار بلهو ولكم يبهج الحياة الصغار كل شيء هنا له ذكريات عطرت قد ضمها الأمس دار هذه المحنة التي علمتني معدن الناس والحياة اختبار يهب الروح في الملمة جار في سراع منه ويندس جار وأناس أكلتهم في إناء فتولوا وبعضهم نكار أنا لا ابتغي من المال شيئًا قول لا بأس منهم إعذار عش كما شئت فالأمور سجال وزمان الورى بهم دوار لا تظنن أنه سوف يصفو لك دومًا وما به أكدار إن تراءى في أفق عمرك صحو فارتقب قد تهب فيه الغبار وأناس لهم مودة قلبي ولهم من مشاعري إكبار وهم في الأنام نعم رجال (1) وهم في خصالهم أخيار فقهم يا إله كل شرور وأنلهم خيرًا فهم أبرار وإذا قدر المهيمن أمرًا ما لنا في الحياة إلا اسطبار ----------- (1) المقصود برجال رجال أفذاذ ومشايخ فضلاء واساتذة نبلاء وقفوا معي في محنتي فلهم مني جزيل الشكر وخالص الدعاء.