لنقرأ مرة ثانية في كتاب الصحفي الأمريكي توماس فريدمان عن الفساد المالي في العالم العربي. إنه يعبّر عن واقع مؤلم تكشف عنه اليوم بصورة جليّة الأحداث التي تجري حولنا، والسرقات المالية لرؤساء، ووزراء، وكبار المسؤولين، إنها صورة مهينة أن يظهر مَن حملوا الأمانة، بملابس السجن في قفص الاتّهام، بتهم الفساد، ونهب المال العام. والقصة التي يرويها فريدمان، تتداولها الأوساط وكأنها نكتة: أن مسؤولاً إفريقيًّا زار نظيره الآسيوي في بلاده، وفي نهاية اليوم اصطحبه للعشاء في منزله، كان المضيف يعيش في منزل أشبه بالقصر، الأمر الذي جعل الضيف يسأله: كيف يتحمّل مرتبك مثل هذا المنزل؟ فيصحبه المضيف إلى نافذة تطل على فضاء، ويشير إلى جسر جديد على البُعد سائلاً ضيفه: هل ترى ذلك الجسر الموجود هناك؟ فيرد الضيف: نعم.. بعدئذٍ يشير المضيف بأصبعه إلى نفسه هامسًا عشرة في المائة، بما يعني أن عشرة في المائة من تكلفة إنشاء الجسر ذهبت إلى جيبه، وبعد مضي عام ذهب الآسيوي لرد الزيارة لنظيره، الذي دُهش حين وجده يعيش في منزل أكثر فخامة، فسأله: وأنت كيف يتحمّل مرتبك مثل هذا المنزل؟ وفي الحال يجذب المضيف ضيفه نحو نافذة في غرفة المعيشة تطل على خليج، وهو يشير نحو الأفق سائلاً: هل ترى الجسر الموجود هناك؟ فيرد الضيف كلا، لا يوجد جسر هناك، فأشار الإفريقي إلى نفسه، وقال هذا صحيح.. مائة في المائة، أي أنه لهف كامل الاعتماد المخصص للمشروع. ومثل هذا يحدث في بلاد كثيرة!!