المرحلة الحرجة هي التصنيف الذي اطلقه الخبراء على وضع الاقتصاد المصري حاليًا مرجعين ذلك إلى الظروف الطارئة التي صاحبت ثورة الشباب يوم 25 يناير والتغيرات التي أدت إلى خسائر تتخطى 100 مليار جنيه وعلى رأسها توقف البورصة والسياحة وتعطل البنوك وانخفاض رحلات الطيران المدني والاستثمار الأجنبي المباشر داخل مصر وتحويلات رأس المال الأجنبي للداخل وانخفاض عدد السفن العابرة لقناة السويس وتدمير وحرق ونهب المنشآت العامة والخاصة. ويرى الخبراء أن علاج الأزمة لن يتحقق إلا بالاسراع في تشغيل عجلة الإنتاج بكامل طاقتها في جميع القطاعات.. وضخ الاستثمارات الحكومية والخاصة في قطاعي الزراعة والصناعة وتقليل الفوارق الكبيرة بين دخول العاملين وتحديد حد ادنى للأجور يتناسب مع الأسعار. ويقول عصام رفعت رئيس تحرير الأهرام الاقتصادي السابق أن الاسراع بتهياة الوضع السياسي وتحقيق الاستقرار من شانه أن يساعد على تعافي الاقتصاد المصري كما أن تطبيق القانون على الجميع يجب أن يكون في المقدمة ليعطي ثقة للمستثمرين ويضيف أن الفترة الماضية شهدت أخطاء كبرى في الاداء الاقتصادي وفي مقدمتها الفساد ويكفي القول إن الفساد بلغ حجمع في المتوسط ستة مليارات جنيه سنويا وكانت هناك أكثر من 70 ألف قضية فساد كل عام كما كانت هناك شبه اتاوات تفرض على المستثمرين الأمر الذي جعل الاقبال على الاستثمار في مصر ضعيفا ويرى ضرورة إعادة النظر في الاداء الاقتصادي برمته حتى يمكن جذب المستثمرين. كما يجب اعادة النظر في أداء المؤسسات المالية التي تضم الجهاز المصرفي، وسوق الأوراق المالية، وشركات التأمين وينبغي أن يعاد النظر في دور كافة هذه المؤسسات في ضوء إستراتيجية تنموية جديدة. فالجهاز المصرفي الذي يضم ودائع تبلغ أكثر من تسعمائة مليار جنيه، ويبحث عن مصادر لتوظيف نحو 48% منها ولا يجد، عليه أن يتجه لتمويل مشروعات إنتاجية مدروسة بشكل صحيح، وأن يقلل من سياسته الحالية المعتمدة على التجزئة المصرفية. وكذلك الابتعاد عن الائتمان السياسي واسترداد قروض رجال الأعمال الذين حرصوا على عدم السداد، أو السداد من خلال تدوير القروض، وتهريب أموالهم للخارج. كما يتطلب الأمر عملية تمويل حقيقية للمشروعات المتوسطة والصغيرة. وفيما يخص سوق الأوراق المالية، التي يبلغ رأسمالها السوقي في آخر أيام التداول قبل إيقافها نحو 445 مليار جنيه مصري، فهناك مجموعة من الإجراءات والسياسات التي تعمل على تحويل البورصة المصرية إلى بورصة للاستثمار وليس للمضاربة، فيكبر فيها سوق الإصدار ويتضاءل سوق التداول، ويتم التوجه نحو الشفافية في التعاملات لجميع المتعاملين على حد سواء، وأن تلغي بعض التعاملات مثل البيع في نفس الساعة أو اليوم، وكذلك إلغاء بيوع المشتقات وأن تكون هناك ضرائب تصاعدية على أرباح المتعاملين بالبورصة وإن كانت بمعدلات صغيرة. وقال د. باهر محمد عتلم- رئيس قسم الاقتصاد بجامعة القاهرة الأسبق: إن الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الوطني منذ بداية ثورة 25 يناير والتي تعدت 100 مليار جنيه هي خسارة زهيدة وتعتبر ثمنًا للتغيير والخروج من عصر الفساد الذي رجع بالبلاد للخلف عشرات السنين.. لأن الفساد معروف أنه العدو الأكبر للاستثمارات الأجنبية والمحلية. عن كيفية استعادة الاقتصاد لعافيته قال إن ذلك لن يتحقق إلا بالعدالة في توزيع الدخل بين العاملين في قطاعات الدولة المختلفة فلا يعقل أن يحصل موظف على مليون جنيه راتبًا شهريًا وآخر يحصل على 400 جنيه.. هذا بالإضافة إلى الاهتمام بالاستثمارات المحلية والأجنبية لأنها الكفيلة بخلق فرص عمل .