الإصلاح الإعلامي والتطوير الذي تتطلّع إليه وزارة الثقافة والإعلام يتطلّب أن تكون هناك أهداف مرسومة وخطط موضوعة لتحقيق تلك الأهداف. واختيار الصحفيين والإعلاميين والمذيعين والمذيعات وتدريبهم وتطوير أدائهم وجعله مواكبا للطموحات أمور لا يمكن الاكتفاء بالحدّ الأدنى من تحقّقها. فلا بد أولا من الاهتمام بالأخلاقيات والقواعد والسلوك الخاص بالصحفيين الإعلاميين. والتركيز على هذا الجانب لأن كثيرا ما يتسبب الصحفي والإعلامي الباحث وراء (فرقعة) إعلامية في إحداث بلبلة وإساءة للمجتمع أو لبعض الشخصيات. كما أن الاهتمام بانتقاء المذيعين والمذيعات الذين يطلّون على الجمهور في القنوات الفضائية أمر مهم ينبغي وضع معايير عالية له. فتطوير التلفزيون ببرامجه لا يعني أن نوكل العملية لشركات . لأن العديد من البرامج التي ظهرت على شاشة التلفزيون السعودي مع بدء حركة التطوير هي برامج مستنسخة .. ضعيفة .. يفتقر المذيعون والمذيعات فيها إلى أدنى مهارات المذيع وأدنى المتطلّبات المهنية. فالمظهر الأنيق للمذيع والمذيعة والاهتمام بالجمال والأزياء ليس هدفا إعلاميا بحد ذاته. وبرامج البث المباشر . وحتى تلك المصوّرة يفتقر مذيعوها ومذيعاتها إلى أدوات المهنية وأخلاقياتها. !! فالعشوائية والارتجالية غير المدروسة واضحة بشكل مستفز في أداء معظم المذيعين والمذيعات. وهذا للأسف الشديد واجهة سيئة للإعلام في بلادنا. فمعظم المذيعين في البرامج التلفزيونية على شاشاتنا السعودية تكاد تنعدم لديهم مهارات التعامل مع فريق الإعداد خاصة أن للإعداد فريقا وللتقديم فريقا آخر) كما يفتقدون إلى التخطيط السليم لإدارة الحوار مع الضيف لمرحلة ما قبل التصوير ومرحلة أثناء التصوير وهي مراحل لا يأتي العمل فيها بهذه العشوائية المستفزة التي تظهر بشكل لافت للنظر وتسيء للضيف وللقناة والبرنامج. فكل مرحلة من مراحل الإعداد والتقديم هي مرحلة مهمة ولها خصوصيتها وتحتاج إلى دقة لأن لها مساهمتها في خروج البرنامج بشكل جيد ومتوازن ومحترف. فوظيفة المذيع التلفزيوني أو الصحفي المكلفين بإجراء المقابلات والحوارات ذات الطابع التخصصي بالذات هي وظيفة بالغة الأهمية وتتطلب إلى جانب التخصص المزيد من التدريب والثقافة والاطلاع في مجال التعامل مع الضيوف. ومن أهم أدواته الخبرة و الألمعية والقدرة اللاقطة للمعلومات وحسن الإنصات وليس الاستماع فحسب. والتقدير والاحترام للضيف والإعداد الجيد للحوار والتركيز في حديث الضيف لفهم ماذا يقول كي لا نجد الضيف يقول شيئا والمذيع يعلّق في فلك آخر كما يحدث في كثير من برامجنا ومن العديد من المذيعين والمذيعات الذين لا نملك أمام أدائهم السيئ إلا أن نتساءل : كيف وقع الاختيار عليهم؟ وكيف سُمح لهم بالظهور أمام المشاهد؟ البرامج الحوارية في تلفزيوننا السعودي تفتقر إلى المذيع الذي يمتاز بثقافة عالية وأسلوب مرن مع الضيوف .. وقدرة حوارية لبقة وذكية خفيفة على نفس المشاهد.. كما تفتقر إلى المذيع الذي يحترم ضيوفه ويجتهد لأن يخرج اللقاء للمشاهدين بصورة مرضية ونخرج من اللقاء ونحن مستمتعون بالحوار الذي دار بينه وبين الضيف .. إننا نتطلّع إلى تطوير حقيقي في التلفزيون السعودي .. يقوم على اختيار البرامج الجيدة والموضوعات المهمة والشخصيات. كما نتطلّع إلى انتقاء عالي المعايير للمذيعين والمذيعات لأن الجيدين منهم قلّة نادرة .. والمتطفّلين على العمل الإعلامي والمفروضين على المشاهد كثيرون. حتى أصبح العمل كمذيع .. مهنة من لا مهنة له!!!