يَوماً بعد يوم يَزداد إعجابي بالحيوان، وأُكبر فيه الصِّفات التي لَم يَحظَ بها بعض الناس، ولقد صَدق حكيمنا الفرنسي حِين قال: (عندما عَاشرتُ النَّاس ازداد حُبِّي لكَلبي)..! فالحيوان «كِتابٌ مَفتوح» وأتحدَّى مَن يُثبت لي أن هُناك حيوانًا قَد حَرَّض على مُشكلة أو أوجد فِتنة بين طَائفة وأخرى، بل «أقطع ذراعي» -كما يقول إخواننا في مصر- لمَن يُحضر لي حيواناً قد كفّر أو فسّق أي حيوان آخر..! حَسناً.. لنحتكم إلى كِتَاب الله -جَلَّ وعَزّ- فهو دستورنا، ونَرى ما مَدى دقّة الحيوان وطَريقة كلامه، وذكائه وجمال عبارته..! خُذ مثلاً، قصّة النَّمل مع النَّبي سليمان -عليه السلام-.. فهذه النَّملة عندما رَأت الرَّجُل قَادماً، نَبَّهت زميلاتها بكُلِّ «لُطف نَملي» وقالت: (يا أيُّها النَّمل ادخلوا مَساكنكم)، ولكن هل اكتفت السيّدة «نَملة» بهذا..؟! لا، بل التَمَسَت للنَّبي سليمان -عليه السَّلام- عُذراً جَميلاً وقَالت: (وهُم لا يَشعرون).. بحيثُ نَفت «القصدية» عن الجنود، وبيّنت أن ذلك يَتم عن طَريق الخَطأ..! والخِطاب الذي يَرسمه القرآن الكريم عن الحيوان، لم يَتوقّف عند «جماليّات النَّص» ورقّة العِبارة وحُسن الاعتذار، بل يَتجاوز ذلك إلى الذَّكاء في التَّصميم، والبراعة في البِناء، والدقَّة في اختيار الأماكن.. وهذا بيت القصيد والحديد، والجديد والمُفيد.. خُذ مثلاً قصّة النَّحلة التي لا يَتجاوز حجمها فتحة الأنف عند الإنسان، هذه السيّدة الضَّئيلة تَعرف أين تَسكن وكيف تبني بيتها..! حقًّا.. تَأمَّلوا «سيرة النَّحلة» حيثُ تَتَّخذ مِن «الجبال بيوتاً» حتَّى تَتحاشى الأودية والمُنخفض مِن الأرض..! تُرى كَم هي المَسافة بين ذَكاء النَّحلة تلك التي تَبني بيتها في «الجبال»وتلك المجاميع البشريّة التي تُقيم «مُخططاتها» و»مِنحها» و»مَساكنها» في الأودية وممرَّات السّيول..؟! كَم هي المسافة بين ذَكاء الحيوان وذَكاء الإنسان..؟! إذا عرفتم المسافة عرفتم لماذا يُعجب صَاحب هذا القَلم بأصدقائه مِن بني «حيوان»! إنَّ الأمثلة كَثيرة على بَراعة الحيوان، ولو أردتُ أن أزيد مِثالاً ثَالثاً -رغم أنَّ هناك الآلاف مِن الأمثلة -سَأقول -مرَّة أخرى-: تَأمَّلوا «النَّمل» أتحدَّى مَن يَجد نَملة «وَاقفة» تُعاني مِن «البَطالة» رَغم أنَّ النَّمل ليس لَديهم وزارة عَمل، أو صناعة، أو مَركز تَدريب مهني، ولكنَّها طموحات الحيوان وحَوافزه، التي لَم ولَن يَصل إليها الإنسان..! ألا يَحق لي بَعد كُلّ هذا أن أتقدَّم بطَلب عضويّة الالتحاق بنَادي «بني حيوان» استجابة لشيخنا «الإمام الشافعي» الذي تمنَّى «مجاورة الكِلَاب» حين قَال: ليتَ الكِلَاب لنا كَانت مُجاورةً وليتَنا لا نَرى ممَّا نَرى أحداً!! إنَّ الانتماء إلى الحيوان يُعطينا أُفقاً جَديداً، فالحيوان مَدرسة، وفي ذلك يَقول شيخنا أبو سفيان العاصي: النَّملُ مَدرسةٌ إذا أبصرتها أبصرتَ جيشاً دائمَ الأعمالِ والنَّملُ جامعةٌ، مَتى مَا زُرتها ألفيتَ شعباً مُشرقَ الأفعالِ!!! أحمد عبدالرحمن العرفج [email protected]