للصداقة معانٍ سامية وعظيمة تتجلّى في تصرفات الأخوّة التي نحتاجها في حياتنا كحاجة البحر للشمس في لحظات المغيب، فهي الصدق في الأقوال والأفعال، والمحبة في الله ممزوجة بالإيمان، ومقرونة بالتقوى، ولا أعتقد أن ثمة كلمات قادرة على وصفها. فقد قالوا: «الصداقة كلمة ثمينة لا تُقال لكل إنسان»، وقالوا أيضًا: «الصديق وقت الضيق». إن الصداقة من أثمن العلاقات وأعمقها، بل هي حلقة الوصل في جميع علاقاتنا بمن حولنا. كم هو جميل لو بقي معنىً للصداقة! وما أعظمها عندما تكون كاملة للنهاية.. فهي كالبذرة توضع في الأرض، فإن صادفت تربة صالحة، وتعهدها صاحبها بالوفاء والرعاية كبرت وصارت شجرة خضراء يانعة، أشبه بالتحفة التي تزداد قيمتها كلّما مضى عليها الزمان. فالصديق هو الذي تكون معه، كما تكون وحدك، أي أنه هو الإنسان الذي تعتبره بمثابة النفس بقلب مخلص مفعم بالود والاحترام. فكل شيء جميل له معنى، ولكن الأجمل أن تعطي للأشياء معانيها. فالصديق الحقيقي لا يمكن أن تنفصل عُرى صداقته، وقد يكون ألصق بصديقة من أخيه، ولكن البعض للأسف ألفوا معاني الصداقة وجعلوها مجرد شعارات جوفاء، يشتعل بريقها وينطفئ بورقة المصالح. هؤلاء الذين باعوا الصداقة بثمن زهيد، ونسوا مصداقية الواقع الذي يعيشونه، فطغى عليهم حب الذات والأنا، واتّخذوا من أعمالهم عذرًا لتقصيرهم، نريد صداقة نقية أساسها متين، مبنية على الود والاحترام؛ ليكون للصداقة عمر مديد لا يعكر صفوها حادثة عارضة، هكذا ينبغي أن تكون مقومات الصداقة بالإخلاص وكلمة الشرف.