إذا كانت واقعة ضرب المواطن السعودي التي نقلتها قناة “العربية” ونشرتها مواقع الإنترنت، قد اعتبرها وكيل وزارة الداخلية البحرينية حادثة فردية، فإن تأكيد السفير السعودي لدى البحرين من أن هذه الحادثة مشابهة لحوادث مماثلة تقع لمواطنين سعوديين وأجانب في مملكة البحرين وغيرها، يجعل هناك ضرورة لاجتماع الطرفين السعودي والبحريني لوضع كافة جوانب هذه القضية وغيرها من القضايا والحوادث المماثلة على طاولة البحث والنقاش. فالمطلوب هنا ليس تبادل التصريحات، ولكن دراسة الحالة وغيرها من الحالات الأخرى المماثلة؛ بغية ألا تخرج عن إطارها وتسيء إلى العلاقات المتميزة بين البلدين الشقيقين. وليس المهم هنا هو اتفاق الجهات الرسمية في الدولتين بفردية الحادث والوعد باتخاذ الإجراءات الصارمة لضمان عدم تكراره كما يؤكد الطرفان، ولكن إقناع مواطني الدولتين الشقيقتين بأن انتقالهم بين ضفتي الخليج الذي يفصلهما سيلقى ترحابًا ومودة متبادلة لا يخشى فيها أحد على سلامته، وقبلها على كرامته إذا ما انتقل إلى هذه الدولة أو تلك، فهو بين أهله وعائلته أينما حط رحاله هنا أو هناك. وإذا كان ما اتخذته السلطات البحرينية من تحقيقات لمحاسبة من تورط في الاعتداء على المواطن السعودي، وكل من تجاوز واجباته ومسؤولياته وإحالتهم إلى المحاكمة العسكرية، وتأكيد الجانبين البحريني والسعودي على روابط الإخوة والمحبة ووشائج القربى التي تجمع بين المواطنين البحرينيين والسعوديين سيساعد على تصفية الأجواء، فإنني مازلت أرى عدم الاكتفاء بمعالجة هذه الحادثة وحدها، بل والتعامل مع تداعياتها على العلاقات بين الدولتين الشقيقتين. وما كشفته وأكد عليه أكثر من مصدر من أن هذا الحادث ليس هو الحادث الوحيد تجاه مواطنين سعوديين، بل إن هناك حوادث أكد السفير السعودي في البحرين على تكررها. لذا فإنني أقترح التالي: 1- ضرورة تفعيل برنامج مدروس للعلاقات العامة يحاول رأب الصدع بالقيام بحملة يقودها رجال أعمال ومواطنون سعوديون من الذين لهم علاقات مميزة مع الأشقاء في البحرين، يقابلهم مجموعة أخرى من المواطنين البحرينيين تبحث العلاقات الشعبية بين الشعبين، وتركز على السلبيات قبل الإيجابيات فيها واضعين هدفهم تعميق هذه العلاقات وتطويرها بين الشعبين قبل الحكومتين. 2- تكوين لجنة سعودية - بحرينية مُشتركة رسمية من المختصين في وزارتي الخارجية والداخلية من الدولتين لدراسة هذه الظاهرة وإيجاد الحلول العملية لعدم تكرارها. 3- وقبل هذا وذاك لابد من متابعة قضية محاكمة المسؤولين عن الحادث التي يقع على نتائج الحكم فيها قدر كبير من المصداقية للحكم على العلاقة بين البلدين الشقيقين. وأخيرًا إن العلاقات الاستثنائية التي تربط البلدين والقيادتين والشعبين بروابط الجوار والنسب والدم والدين والمصالح وغيرها من العوامل التي قل أن تتجمع في العلاقات بين الدول تحثنا على التأكيد على ضرورة أخذ ما يشوب هذه العلاقات من تعكير بالجدية الواجبة مهما بلغت درجة المصارحة والعتاب من حدة؛ لذا فعلى غير ما يعتقده البعض فقد وجدت في التصريحات المتبادلة بين المسؤولين البحرينيين والسعوديين هنا وهناك، مهما حملت من اختلاف في وجهات النظر إلى الحادث، عنصرًا إيجابيًا يحمل الشفافية اللازمة لإيجاد الحل المناسب، فإن وضع الأصبع على الجرح هو أول خطوات العلاج الصحيح.