اشتقت إلى أن أناديك يا أمي... فكيف لي أن أنسى أمًا وهبتني حياتها وحبها وعطفها ... كيف لي أن أنسى أمًا كانت أول من يستيقظ وآخر من ينام .. كيف لي أن أنسى أمًا تبقى جائعة لنأكل ... تبقى عارية لنلبس... . كيف لي أن أنساك يا أمي... أسوأ ما تلقيته في حياتي هو خبر وفاتك يا أمي ... وأفضل ما حصل لي في هذه الحياة أنك أنت أمي يا امي الحبيبة كلنا مشتاقون لك مكانك ما زال فارغا وما زلت في نفوسنا في قلوبنا في روحنا أمي لقد مر عام على وفاتك وكأنه مر يوم ليس عاماً يا أمي لقد اشتقت لك ، لقد زرت قبرك ، وكلمتك ولكنك لا تردين عليَّ والحمد لله على هذا القدر يكفيني ويكفيني انك راضية عني ، هذا كنزي وثروتي في هذه الدنيا أين ما ذهبت أين ما اتجهت الله يوفقني ، واعذريني يا أمي الحبيبة هذه كلمتي لان مدامعي ستشاركني الكتابة عذرا يا قلبي ويا روحي وكل عام وأنت في قلوبنا يا أمي في مثل هذا اليوم.. وبعد انقضاء آخر ساعة من ساعات شهر رجب من العام الماضي 1430 ، وفي الساعة الخامسة عصرا انتقلت روحها الطاهرة إلى بارئها و أخذ الله امانته وتوفيت أمي.. أعظم من رأت عيني.. وأحنّ من لمست يديّ.. اليوم.. مضى عام منذ وفاتها.. ولم أزل وسأظل أبكي على فقدها.. أُكابر أمام أعين الناس من أن أبكي عند ذكر اسمها.. لكن في البكاء عندما أختلي مع نفسي فإنّي أعود كما ودّعتها يوم وفاتها.. أعود طفلاً وأجهش عام مضى أمي، وها نحن نمضي، نغوص في تفاصيل أيامنا، نغرق بها، ننسى ونتناسى، لنصحو على وجع فقدك ...... أمي.. لاشيء يعوض علاقتي بك ذكرياتنا...أسرارنا الأبجدية ..... كل مصيبة تبدأ كبيرة تصغر إلا الموت فهو المصيبة التي تبدأ صغيرة ثم تكبر شيئا فشيئا حتى تكون كالجبل وها آنذا أعيش مصيبة فقدك الأكبر يعذبني اليتم خلّص العزاء مضت سنة، يسألني صديق: ألن تحضر عرس ابنة أخيك؟ حضور أي عرس ذلك الذي أقوى عليه ،أي دفوف ستعلو على إيقاع دفوف فجيعة يتمي أمي لا يزال رقم هاتفك النقال مخزناً في هاتفي وفي أجندتي ، فأضغط عليه يوما لأبلغك أني قدمت من السفر ثم أصحو فجأة أنك قد ذهبت ولن تعودي فأقفل النقال وأبكي أقول : مرة أخرى ومرات عديدة ، وبعد مضي عام : تركت أمي بعد رحيلها لي الحياة ليلة عزاء طويلة ، فلم تعد النجوم على الأرض إلا مصابيح عزاء أقيمت بليل ، ولم يعد للحياة معنى إلا أن تكون القبر ، ولم يعد للقبر معنى إلا أن يكون الحياة، لو كنت أملك من عمري شيئا لأعطيت أمي ما يجعلني لا أفارقها ساعة ، هي ابتسامة الزمن ومسجل التاريخ ، وطبيبة نفسي ، وروح روحي ،أمي هي المرأة التي علمتني الرجولة ، فحين رحلت .. أصبحت أحيا ببعض نفس وبعض روح وبعض عقل ولا زلت ، سبحان ربي الذي جعل من قلب الأم دنيا من خلقه هو ، وأسكن فيها معاني من سره هو، يد لا تعرف إلا العطاء ، وقلب لا يعرف إلا الحب والصفح والغفران ، ووجه لا يعرف إلا الإقبال والابتسام ، سهولة كل صعب ، ويسر كل عسير، حين رحلت أمي .. لم يعد بعدها قلب يضخ الحب والعفو بلا حساب ، ولا صدر يحتوي فينفث عطر الأمن والأمان بلا مقابل ، ولا وجه يُعرف بإشراق من نور الله . هي المعنى الذي صنعه الله من رحمة خالصة ومن حب خالص ومن غفران خالص ، لا يغيره كدر ، ولا يبدله عقوق ، إذا رحلت الأم أظلم المكان ، ملكت مفاتيح نفسي ، فإذا ضحكت .. ضحكت الدنيا بأسرها ، وإذا بكت .. بكت الأرض والسماء ، فقدت سر أسراري ، ودليل حيرتي ، وترجمان كياني ، العالم كله على صدر أمي ، فإذا وضعت فيه رأسي كنت ملكا متوجا ،أمسك بمفاتيح العالم بأسره . أماااه .. لم تعد الحياة حياة......... تساوى العسل بالمر ، والنور بالظلام ، ما عدت أرى شيئاً . أي طعم للحياة بلا أمي؟