تقوم تركيا «العثمانيون الجدد» بالكثير من المبادرات والمواقف السياسية من قبل الدولة الرسمية ورموزها الكبار كمثل رئيس وزرائها طيب رجب أردوغان الذي فاز بجائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام هذا العام 2010 م بعد أن شهد العالم مواقفه العظيمة في دعم الإسلام والمسلمين التي كان من بينها موقفه من قتلة الأطفال بمنتدى دافوس 2009م من رئيس دولة الكيان الصهيوني بل ومن المنتدى الذي صفق للرئيس الإسرائيلي على جرائم إسرائيل ضد الإنسانية التي ترتكب بحق الفلسطينيين العزل. وكذلك مواقف الشعب التركي الذي يؤكد على هويته الإسلامية وانحيازه الواضح لها ومن قبل منظمات المجتمع المدني التركية. مواقف كلها جرأة تسمي الأشياء بأسمائها بدلاً من مغالطات ما يسمى بالنظام العالمي الجديد، مواقف أقل ما يقال عنها إنها مغايرة للنمط الانهزامي والاستسلامي الذي استمرأ انتهاجه البعض من دول العالم الإسلامي على مدى العقود الأخيرة مما جعل من تركيا اليوم محط آمال الكثيرين لإعادة صناعة التاريخ الإسلامي استمراراً لدور تركيا العظيم في حمل لواء الإسلام والذود عن حياضه على مدى ثمانية قرون ونصف القرن من الزمان على ما اعترى ذلك الدور العظيم من أخطاء في آخر سنوات الدولة العثمانية. من آخر المواقف التركية العظيمة تنظيم منظمة حقوق الإنسان التركية لأسطول مكون من ثماني سفن عالمية ثلاث منها تركية والبقية يونانية وبريطانية وسويدية أطلق عليه مسمى أسطول الحرية، الهدف الرئيس من تسيير الأسطول هو كسر الحصار الإجرامي ضد الإنسانية المضروب على غزة، وتحمل سفنه على متنها 10,000 طن من المواد الإغاثية والمعدات والمواد الطبية ومواد البناء إضافة لقرابة 800 ناشط عالمي وسياسي وإعلاميين وشخصيات اعتبارية من 40 دولة، في مشهد تاريخي مهيب ضد العدوان الصهيوني الجائر الظالم الوحشي واللاإنساني لمليون ونصف مليون من بني الإنسان هم سكان غزة الذين يعيشون فصول أكبر حصار مفتوح لأطول فترة عرفها التاريخ، والذين ترى فيهم إسرائيل إرهابيين يجب إزالتهم - لو خلا لها الأمر - من الوجود ويعينها في ذلك تحت ذرائع شتى عدد من دول العالم التي تدّعي زوراً وبهتاناً الحفاظ على حقوق الإنسان وسيادة قيم الحرية والديموقراطية بل وبعض من يفترض فيهم أنهم أشقاء في الدين والدم واللغة والتاريخ المجيد المشترك. المنظمون الأتراك ومن يشاركهم هذه المبادرة السياسية العالمية ماضون في مسيرتهم البحرية نحو ضفاف غزة لا مبالين بالتهديدات الإسرائيلية باعتراض السفن في طريقها لغزة بعد انطلاقها المتوقع يوم السبت إلى غزة، ولا بالتهديدات بإلقاء القبض على منظمي الأسطول البحري واعتبارهم مساندين للإرهاب الفلسطيني. من الجدير بالاعتبار أن تمويل هذه الحملة جاء من التبرعات الخاصة لمواطنين عاديين ضاربين عرض الحائط بالخرافة الأمريكية - الإسرائيلية عن دعم الإرهاب. لا تلقي تركيا «العثمانيون الجدد» بالاً للتدهور المتوقع في العلاقات بين البلدين المتوقع بسبب محاولات القوات البحرية الإسرائيلية التي تهدد بها إسرائيل لإحباط مسعى الأسطول التركي - العالمي لكسر الحصار الإسرائيلي الإجرامي المضروب على غزة منذ 2007 م وقد بادر رئيس الوزراء التركي طيب رجب أردوغان بتوجيه نداء إلى إسرائيل بالسماح للأسطول البحري بالعبور لغزة وعدم اعتراض سبيله، بينما ردت إسرائيل بإصدار توجيهاتها الخميس إلى الجهات الأمنية المختصة والجيش الإسرائيلي بمنع مرور قافلة السفن الدولية التي تحاول كسر الحصار المفروض على قطاع غزة، وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أنه سيسمح بنقل حمولة السفن إلى القطاع عبر إسرائيل - وهو الأمر الذي رفضته تركيا رسمياً - بعد تفتيشها أمنيا، أما السفن نفسها فستوعز إليها قوات الأمن بالعودة أدراجها وإذا حاول أفراد طواقمها مقاومة قوات الأمن الإسرائيلية فسيتم اعتقالهم، وقد قامت البحرية الإسرائيلية بإجراء تدريبات تحاكي الاستيلاء على هذه السفن واعتقال ركابها، كما استبق الكيان الصهيوني الحدث بقصف غزة وقتل المزيد من الفلسطينيين ولسان حالها يقول للعالم: إن حياة هؤلاء لا قيمة لها عند إسرائيل، فلماذا محاولات كسر الحصار ؟! ألا يذكّرنا هذا الأسطول التركي-العالمي الذي سيقوم بأكبر محاولة كسر للحصار الإجرامي الجائر على غزة وهذه المواجهة التاريخية الوشيكة بواجبنا دولاً وأفراداً ومؤسسات مجتمع مدني في مساندة أسطول الخير هذا بكسر الحصار على عقولنا بأكاذيب دعم الإرهاب التي تحول بيننا وبين مناصرة إخواننا في العقيدة والدين والدم واللغة والمصير، وأن تنبذ كل الدول العربية والإسلامية ترهات محاربة الإرهاب، وأن تتحرك منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية بالتزامن مع قافلة الشجعان هذه لاتخاذ خطوات عملية لإيصال التبرعات التي قدمتها دول كالسعودية وقطر وسواهما من الدول العربية والإسلامية إلى غزة، وإلى جمع المزيد من المساندة المالية من عامة الناس بهدف كسر أوهام دعم الإرهاب من العقول بالتزامن مع مسيرة الأسطول البحري، وقيام دعاء القنوت بالمساجد من جاكرتا وحتى الدارالبيضاء لأهل غزة ولوصول القافلة البحرية إليها، وسوى ذلك من التجاوب الإيجابي مع مسيرة كسر الحصار، وحتى لا نكون ممن ينطبق عليهم قول الله تعالى ( وإن تتولّوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ).