على الرغم من الدور الذي ينهض به المقاولون في تنفيذ المشاريع التنموية المختلفة الا ان الاونة الاخيرة كشفت عن ثغرات كارثية في تنفيذ اغلب المشاريع مما ادى الى التوسع في الاستعانة بمقاولين من الخارج . وفي حين يرى البعض ان اداء المقاولين يمثل «طعنة» في خاصرة مسيرة التنمية نظرا لعدم تمتع الكثيرين منهم بالامكانات اللازمة التى تؤهلهم لتنفيذ المشاريع بكفاءة وجودة عالية ، يرى المقاولون ان هذه الاتهامات بعيدة عن الحقيقة ويلقون باللوم على القطاعات الحكومية التى لا تلتزم بدفع المستحقات في المواعيد المحدد بالاضافة الى ارتفاع الاسعار بشكل مفاجئ . ارتفاع الأسعار في البداية قال حمد الغانم «مقاول»: إن ارتفاع أسعار مواد البناء بنسبة 50% ومن ثم ارتفاع الحديد والاسمنت تسبب في إرباك الكثير من المقاولين ومن ثم أدى إلى تفاقم مشلكة تأخر انجاز المشاريع ، مشيراً إلى أن ذلك يمثل خطرا على مسيرة التنمية في المملكة،وقال على الدوسري «مقاول»: إن أي ارتفاع في أسعار مواد البناء يؤثر بشكل مباشر على المخرجات النهائية وقال لا يمكن ان يتحمل المقاول كلفة غلاء الأسعار الأمر الذي يجعل الكثير من المشاريع تتعثر ، وأضاف ان المقاولين يعانون كثيراً من قلة الأيدي العاملة في ظل محدودية استقدام العمالة الأجنبية مضيفا ان من العراقيل التي يواجهها المقاولون تأخر تسليم المستحقات المالية من الوزارات رغم وجود عقد ينص على التدرج في التسلم وفق الانجاز للمشروع ، ودعا وزراة التجارة للتأكد من توفير المواد الخام للمشاريع في السوق ومتابعة اسعارها بشكل يضمن سير المشاريع التنموية . وبين ان سوق البناء تحديداً يشهد تطوراً سريعاً وفي حال تجدد أزمة الأسمنت والحديد على سبيل المثال نجد انها تلقي بظلالها على الكثير من المشاريع مشكلة أزمة حقيقية للمواطن والمقاول معا . «الشورى»: يجب تغيير النمطية السابقة من جهته ارجع المهندس محمد العبدالله عميد كلية العمارة سابقاً بجامعة الملك فيصل مشكلة تأخر المشاريع الى عدم الالتزام باللوائح والانظمة والتعامل معها بانتقائية. وأضاف ان الكثير من المهندسين حديثي التخرج يعملون بدون وجود خبرات كافية داعيا الى ضرورة إنشاء لجنة تدقيق تتبع للوزارة لمتابعة المشاريع والتأكد من مدى نجاحها وان يكون هناك تصنيف حقيقي ودقيق للمقاولين ليتم التأكد من مدى قدرة المقاول على التنفيذ وفق المدة الزمنية المحددة وبالمواصفات المطلوبة . وقال د. محمد آل طالب أكاديمي بقسم القانون بجامعة الملك عبدالعزيز : ان ما نلاحظة في الاونة الاخيرة من تعثر لكثير من المشاريع الحكومية يدمي القلب ويؤرق الخاطر ويجعلنا نقف متسائلين من يتحمل المسؤولية. وبرأيي ان المسؤلية هنا تشترك فيها عوامل ثلاثة رئيسية وهامة هي قصور بعض الانظمة واللوائح المتعلقة بتنظيم العلاقة بين الجهات الحكومية والمتعاقدين والعامل الثاني قصور الجهات الحكومية ذاتها والثالث هو المقاول . واضاف عندما نتحدث عن النظام فإن الاشكالية تكمن في فهمه وتطبيقه من قبل منفذيه وليس في ذاته لان الانظمة في مجملها تعتبر جيدة وتحقق الصالح العام وتحمي حقوق الدولة . وقرر المنظم ان أي خلاف يثور بخصوص هذه العقود الادارية مرده ديوان المظالم للفصل فيه بصفتها الجهة ذات الاختصاص. الا ان هناك من المسؤولين من تسول له نفسه التلاعب بطريقة او اخرى بالنظام بحيث تشعر انه يفصل ويكيف النظام ليتناسب مع من تجمعه به مصلحة معينة بحيث يستعصي على من هو اهل او لديه القدرة والامكانيات والتكنلوجيا ان يرسي هذا العقد عليه وبالتالي فإن من يدفع ثمن هذا التأخير في إنجاز المشاريع هو المواطن المغلوب على امره، ولذلك باتت الشركات التي تتقدم بعروضها لتنفيذ المشاريع معروفة ومحددة سلفا، في حين ابتعدت الشركات ذات التقنيات العالية عن التعاقد مع الجهات الحكومية ما جعلها تدفع مبالغ كبيرة لتقنيات رديئة أقل كفاءة بالعمل وأقل عمراً، عدا الأزمات التي تقع بها بعض الجهات الحكومية في قطاعات مثل الصحة والكهرباء والصناعة والصرف الصحي وغيرها من المشروعات. وهذا امر خطير ومخالف ويستوجب تطبيق العقاب على من يثبت عليه ذلك. ولذلك نجد ان معظم المشاريع التي تنفذ يثبت فشلها بعد فترة وجيزة من تجربتها . واوضح ان نظام المنافسات والمشتريات يفتقد الى الرقابة كما يجب ان يحتوي على آلية معينة تكشف المتلاعبين به حتى يتم تطبيق العقوبة عليه موضحا ان النظام يجب ان يحتوي على آلية تمنح العقد لمن تتوفر فيه الكفاءة حتى نسدُ الطريق على من يريد استغلاله لخدمة اغراض شخصية او لترسيته على من تربطه به علاقة ايا كانت كما ان النظام يخلو من اجراءات تتعلق بالضمانات البنكية التي تقدم فمثلاً في بوليصات التأمين والضمانات البنكية فقد ورد في اللائحة التنفيذية بعض الملاحظات التي تعد ثغرة يمكن استغلالها، حيث تضمنت المادة الثالثة والأربعون فقرة (ت) اشتراط تقديم بوليصة التامين عند التوقيع وللتأخر في استلام المباني والمشروعات الحكومية، ولذا أرى أن ينص على تطبيق اشتراط التأمين عند استلام المقاول، وان يشترط على المقاول عند تقديم الضمان النهائي أن يكون ضمانه ساريا حتى تصفية المشروع ولا يفرج عنه إلا بخطاب رسمي من الجهة المستفيدة منعا للتلاعب في تنفيذ المشاريع . كما لا بد أن ينص النظام على أهمية استجابة البنك للتمديد للجهة الطالبة سواء كان ابتدائي- نهائي، وان ينص في اللائحة بألا يلغى الضمان النهائي أو يمدد أو يتخذ أي إجراء فيما يخص الضمان إلا بخطاب رسمي من الجهة المستفيدة من الضمان. قوانين منصفة وعن مدى انصاف القوانين الحالية في إبرام العقود لجميع الأطراف أكد آل طالب ان القوانين المعمول بها الان في مجملها منصفة للطرفين اذا طبقت بشفافية وصدق لكن الواقع يقول ان الخلل الحاصل الان ليس بسبب النظام ولكن فيمن يسيء تطبيقه لخدمة مصالح خاصة لا تتفق مع ما يجب ان يكون عليه المسلم الحق. وشدد على اهمية حسن اختيار من يكلف بمهام ابرام العقود وترسيتها مع ايجاد نظام رقابي صارم لمن تسول له نفسه العبث بالمال العام. نقص العمالة وأشار عبدالله العمار رئيس لجنة المقاولات بالمنطقة الشرقية إن الكثير من المشاريع الحكومية تستلزم عددا كافيا من العمالة المنفذة للمشاريع وهو ما يعانيه العديد من المقاولين مشيرا ان تأخر بعض المقاولين في عدد من المشاريع سبب حرجا كبيرا للشركات المنفذة للمشاريع . ولم يخف العمار وجود بعض المقاولين غير المؤهلين في تنفيذ بعض المشاريع الأمر الذي ينتج عنه تعثر بعض المشاريع الحكومية لذلك لابد من شروط وضوابط خاصة للمقاولين عند ترسية أي مشروع تفاديا للتعثر في المشاريع الحكومية . وأكد العمار ان قطاع المقاولات قادر تماما على تنفيذ المشاريع بكل اقتدار وحسب الشروط والمواصفات وفي الاوقات المحددة متى ما وجدت البيئة الصحية لعمله ومتى ما اعطي الثقة الكاملة ومتى ما ذللت كافة المعوقات. صرف المستحقات وذهب ناصر الهاجري رئيس لجنة المقاولين بغرفة الشرقية إن اكثر ما يعاني منه المقاولون تأخر صرف المستحقات من قبل بعض الجهات الحكومية على الرغم من صدور قرارات توصي بتعجيل صرفها وهو الأمر الذي يؤدي إلى تأخر تسليم المشاريع في الوقت المتفق عليه . وأكد الهاجري إن المقاولين يسعون جاهدين إلى الانتهاء من تسليم مشاريعهم في الوقت المحدد بل قبل الوقت اذا توفرت جميع السبل الكفيلة بانجازها مشيرا الى وجود معوقات لا زالت تقف أمام تنفيذ قطاع المقاولات لالتزاماته. الجودة في إدارة المشاريع وحمل المحلل الاقتصادي فضل أبو العينين الوزارات الخدمية مسؤولية تأخر تنفيذ المشاريع الاقتصادية التي تخدم المواطنين وطالب بمحاسبة من يثبت عليه التقصير لان ذلك يؤدي الى الضغط على الاقتصاد وبطء عملية نموه عملية التطوير . واضاف لو عقدنا مقارنة بين المملكة وبين بعض دول الخليج مثل قطروالامارات في المشاريع الحكومية نجد ان الفارق كبير في عملية التنفيذ والانجاز فضلا عن التكلفة المبالغ بها لدينا ومع ذلك لا يتم الانجاز في وقته المحدد ونحصل على مشاريع اقل مستوى وبمبالغ ضخمة. ----- عضو ب «الشورى» : غالبية الشركات لا تستطيع تنفيذ المشاريع بجودة عالية دعا عضو مجلس الشورى د. خالد العواد الى ضرورة الخروج عن النمطية في التعامل مع المشاريع لتجاوز مشكلة التعثر مبينا ان غالبية المشاريع الحالية يقوم بتنفيذها شركات متوسطة غير قادرة على مواصلة العمل بجودة عالية خاصة في حال تأخر التمويل وقلة العمالة الماهرة . وأضاف ان 40% من المدارس الحكومية مستأجرة مما يستدعى بذل جهد اكبر من اجل مواكبة التنمية التعليمة مؤكدا ان المشكلة تبرز بشكل اكبر في مجالات المياه والصرف الصحي . واشار الى اسباب عديدة ادت الى تفاقم المشكلة ومنها الأخذ بنظام أقل الأسعار في المنافسات والمناقصات دون النظر إلى جودة وسرعة التنفيذ، مشيراً إلى أن هذا النظام قد يوحي وكأنه اقتصاد واستثمار وتوفير على اعتبار ان المقاول قادر على تغطية احتياجات المشروع ومواصفاته الفنية ويحقق له في الوقت نفسه الربح، لكن المحتمل الذي قد يغيب عن الذهن هو أن تحقيق المشروع الأرباح، جاء على حساب جودة تنفيذ، وقال ان شركة ارامكو على سبيل المثال لا ترسي مشروعاتها بنظام أقل الأسعار في المنافسة وإنما على أجود العطاءات المقدمة من المتنافسين على أساس السرعة والجودة معاً في التنفيذ. ----- «الصحة» تنفي تعثر المشاريع أكد مدير عام الشؤون الصحية بالمنطقة الشرقية د. طارق السالم عدم وجود مشاريع متعثرة بالمنطقة مشيراً إلى أن المشاريع الكبيرة تتولاها عادة الوزارة في كافة النواحي . وأشار إلى أن المشاريع الحالية في المنطقة تسير وفق الخطط المعدة مسبقاً في ظل متابعة ومراقبة دائمة لأعمال المقاولين، وحول عملية سحب المشاريع قال انها تتم من قبل الوزارة بناء على ما يتم رفعه ، وعن الصعوبات التي تواجه المديرية حاليا في تنفيذ المشاريع الصحية في المنطقة الشرقية قال الدكتور السالم بالنسبة لمشاريع المراكز الصحية فنحن دائما نعاني من عدم توافر الأراضي الصالحة لتنفيذ المشروع مشيرا الى شراء 12 أرضا خلال الأشهر الماضية لتسهيل البدء في تنفيذ تلك المشاريع. ----- «المهندسين»: فريق مؤهل لمتابعة إنجاز المشاريع اقترح المهندس كمال آل حمد مدير عام هيئة المهندسين بالمنطقة الشرقية تكليف فريق مؤهل لإدارة المشاريع تابع للجهة صاحبة المشروع من اجل تلافي تعثر المشاريع التي يتسبب تعثرها بأضرار كبيرة على الاقتصاد والمجتمع و النهضة التنموية في المملكة ، وأكد ان هذا الفريق يبدأ عمله من بداية التخطيط للمشروع ودراسة الجدوى مرورا بأعمال التصميم وإعداد وثائق المنافسة واختيار المقاول والمشرفين المناسبين للتنفيذ وانتهاءً باختيار طاقم التنفيذ والإشراف على أعمال التشغيل والصيانة للمشروع. واضاف يجب على فريق إدارة المشروع بالتنسيق مع الجهات المختلفة مثل البلديات والعمل و الكهرباء والمياه وغيرها تذليل الصعوبات التي يتعرض لها المقاول المنفذ وذلك استكمالا للتنسيق المفترض ان قام به فريق ادارة المشروع قبل طرح المنافسة . ----- «ديوان المراقبة» يطالب بإعادة النظر في ترسية المشاريع على أساس أقل الأسعار خالد المطوع- الرياض طالب ديوان المراقبة العامة بضرورة إعادة النظر في نظام تصنيف المقاولين ليتواءم مع حجم ومواعيد تنفيذ المشروعات والقدرة المالية وعدد العمالة. كما اوصى بإعادة النظر في ترسية العقود على أساس أقل الأسعار، وانما تكون المفاضلة في العطاءات على اساس الجودة في التنفيذ والسرعة في التسليم. ودعا الديوان في ورقة عمل تقدم بها الى الندوة التي اقامها مؤخرا في الرياض حول المشاريع الحكومية إلى اطلاق برنامج الكتروني لمتابعة المشاريع التي تنفذها الجهات الحكومية والتقليص قدر الامكان من إسناد المقاولات من الباطن وان تقترح نسبة محددة لا يجوز للمقاول الرئيسي تجاوزها لمقاول من الباطن والتوسع في الاستعانة بشركات المقاولات العالمية. وارجع الديوان تعثر المشاريع الى الاخذ بنظام الاقل سعرا في المنافسات وليس بالأكفأ فنيا ومحاولة اجهاض الجهة المالكة ادراج اكبر قدر ممكن من المشاريع ضمن ميزانية السنة وقلة المخصصات من وزارة المالية بالاضافة الى الارتفاعات الكبيرة التي شهدتها مواد البناء والحديد وعدم صرف مستحقات المقاول اولا بأول وضعف الضمانات المقدمة من المقاول. وشدد الديوان على أهمية تقديم المقاول برنامج زمني يتضمن ترتيب سير العمل والمدة اللازمة لانجاز كل بند لانهاء المشروع في الوقت المحدد حسب العقد وتطبيق المادة رقم 13 لها أهمية قصوى حيث تمكن جهاز الاشراف من متابعة سير المشروع وتوجيه الانذارات اللازمة في حالة عدم تطابق سير العمل بالمشروع مع التنفيذ بالموقع.