أثارت رغبة بعض القنوات الفنية بتبني بعض المنشدين، وإنتاج الألبومات الإنشادية ردود أفعال واسعة وسط المنشدين وجمهورهم، فالبعض يرى أن هذا التعاون من شأنه أن يثري النشيد ويزيد من جماهيريته ويطور من هذه الصناعة، نسبة لما تملكه هذه الشركات من خبرات متراكمة وإمكانات تقنية ومادية هائلة، ويشدد بعضهم على أن بث الأناشيد الإسلامية على فضائيات ما كانت تقدم الأغاني والموسيقى هو في حد ذاته تطور إيجابي، لأنه سيقلِّل من تلك الأعمال مما قد يكون مقدمة نحو سيطرة النشيد الإسلامي على تلك الفضائيات مستقبلاً. وعلى الضفة المقابلة يقف آخرون يرفعون شعارات المعارضة والممانعة، متكئين على أن مشاركة المنشدين في تلك الفضائيات الغنائية هو تعزيز لها وتقوية لمكانتها، وأن وجود المنشدين على تلك القنوات يستلزم بالضرورة أن تقوم الأسر المحافظة بإدخال هذه الفضائيات إلى بيوتها. الرسالة عرضت القضية على بعض المنشدين والعاملين في مجال إنتاج الأناشيد والجمهور فأفادوا بالتالي: لا نخشى الشركات بداية يقول عبد الله العجم مدير المشاريع في مؤسسة العين للإنتاج الفني: لا نخشى من دخول هذه الشركات على خط المنافسة، بل إننا نجد تواصلاً مستمراً بين الشركات والفنانين لنشر إصداراتهم الدينية في المملكة وفي باقي العالم. وذلك لأن صناعة الترفيه التي يعملون فيها تختلف عن صناعة الفن الهادف الذي نهتم به، وإن كانت نتقاطع معها في بعض المناطق التسويقية. وأكد العجم أن ترحيب المنشدين بهذا التعاون يمثل طموحاً منهم لإيصال الرسالة لشرائح أكبر، مع ما تملكه هذه الشركات من إمكانات، وتساءل قائلاً: هل لدى هذه الشركات رغبة حقيقية في خدمة هذا اللون من الفن؟ وهل لديها الاستعداد لمساعدة المنشدين؟ ويستدرك العجم قائلاً: شخصياً أرى أن هذه الرغبة في التعاون سوف تقتصر على بعض المنشدين الذين لهم أسماء معروفة في السوق، كونوها بعد سنين من التعاون مع الشركات التي عملت معها. وختم العجم بالقول: نعترف أن إمكانات إحدى الشركات الفنية الكبرى تفوق إمكانات الشركات العاملة في المجال الإسلامي مجتمعة، وخاصة الإمكانات المادية وما تملكه من شبكة إعلامية متكاملة تشمل القنوات والمجلات والإذاعات، ومع ذلك فقد حققنا بإصرارنا الكثير من النجاحات ووصلنا إلى منافذ بيع مختلفة. مع التأكيد على رغبتنا الحقيقية في التعاون مع كل من يرغب في إيصال رسالة الفن الهادف، ولذا فقد ساهمنا بتوزيع بعض الأعمال في دول مجاورة إضافة إلى بعض قطاعات من السوق السعودي، كالمحلات الغنائية. دليل على النجاح من جهة أخرى أوضح أيمن اليوسف مدير مؤسسة بارقة للإنتاج الإعلامي أن دخول الشركات الغنائية إلى مجال الإنشاد هذه دلالة على نجاح هذا الفن، وقال: لو لم يكن ناجحاً لما ولجوا إليه. دخولهم إلى هذا الميدان لا يسحب البساط من تحت أقدامنا بل يشعل المنافسة مما يعود بالفائدة على الإنشاد والمنشدين. كما أن الشركات الفنية الكبرى متخصصة بهذا المجال مما يزيد النجاح ويؤدي إلى تميز الأعمال. وأضاف اليوسف: من المؤكد أن هناك قصور منا كمنتجين وذلك لكثرة الضغط علينا، ولقلة المؤسسة المتخصصة وعدم تفرغها، لذلك جعلت بعضها الإنشاد هواية وليست عملاً متخصصاً. من الممكن أن يكون هناك تعاون بيننا وبين تلك المؤسسات لصالح الإنشاد، وسبق لنا التعاون معهم في صناعة "ماستر" الشريط ليكون بجودة عالية، وكذلك تعاونا في الاستوديوهات لإخراج الأنشودة بدقة عالية وكل ذلك لمصلحة الجمهور الذي يريد سماع تلك الأنشودة . نعم للإنتاج لا للظهور وبدوره أشار المنشد ياسر حلس إلى إيجابيات مشاركة الشركات الفنية في إنتاج الأعمال الإنشادية، وقال: لا مانع من دخول أي مؤسسة فنية أو أي قناة فضائية كجهة منتجة للنشيد الإسلامي، ولكن يجب على هذه الفضائيات أن تخضع للضوابط التي يحددها المنشد، وألا تفرض عليه أشياءً تمس رسالة النشيد. أعتقد أن هذا التطور ستكون له إيجابيات إن شاء الله فالكل يعرف هذه الشركة ومدى انتشارها في العالم العربي. واستدرك حلس قائلاً: أوافق على دخول هذه الشركة كجهة إنتاجية فقط، لكني أسجل اعتراضي على أن تقوم هذه الشركة ببث الأناشيد على نفس القنوات التي تبث فيها الأغاني، لأن ذلك يسبب تناقضاً في نفسية المشاهد. إذا كان التعاون يشمل الظهور على تلك القنوات الغنائية فأنا أول المعترضين وجمهوري لن يقبل مني ذلك. هناك ضوابط ومن جانبه يقول المنشد موسى العميرة: أرى أن هذا الأمر له جانبان: الأول: هو أنه ليس هناك تعارض في أن نتعاون مع أي شركة على مستوى العالم، وإن كانت هذه الفضائيات الغنائية قد أبدت اهتمامها بالإنشاد فهذا يدل على أن النشيد يلقى قبولاً في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي. أما الجانب الثاني: فهو أنه لا بد من أخذ الرأي الشرعي ورأي علمائنا لأنهم لهم رؤية حكيمة في مثل هذه المسائل. ومن وجهة نظر شخصية يؤكد العميرة أنه لا يرى بأساً في هذه التعاقدات إذا تمت حسب الضوابط التي يريدها المنشد من المؤسسة الإنتاجية: وقال: هذه تطورات إيجابية فإذا دخلنا في مثل هذه القنوات شغلنا جزءاً من وقتها في أعمال مفيدة نكون قد حققنا فائدة للمجتمع. نحن في الأول والآخر مسلمون علينا واجب دعوي ينبغي القيام به، والمنشد الملتزم ليس له جمهور معين وينبغي عليه مخاطبة كل شرائح المجتمع. وأضاف العميرة: النجاح في كل عمل وفي المجال الفني على وجه الخصوص لا يرتبط بالمؤسسة أو القناة المنتجة، لأن التوفيق في الأول والآخر من الله عز وجل، لكن هذه الفضائيات يمكن أن تفيد الإنشاد بما تملكه من إمكانات فنية ووسائل تقنية متقدمة وبالخبرات المتراكمة لديها.