هزت سلسلة انفجارات ناجمة عن سيارات مفخخة وعبوات ناسفة وصواريخ كاتيوشا مناطق متفرقة من العاصمة العراقية بغداد امس ما تسبب في مقتل العشرات واصابة نحو 150 آخرين، فيما ضرب اعنف تلك الهجمات محيط السفارة الايرانية الكائنة في منطقة الصالحية والتي تبعد أمتارا معدودة عن المدخل الرئيسي للمنطقة الخضراء المحصنة أمنيا، حيث مقرات الحكومة والبعثات الديبلوماسية الاجنبية. وبحسب شهود عيان كانوا يتواجدون قرب مواقع الانفجار في حي المنصور الراقي(غرب بغداد)، فإن فارقا زمنيا بسيطا تمثل بدقائق قليلة فصل بين الانفجارين اللذين حصلا في المنطقة، وكذلك لم يفرق بينهما سوى أمتار معدودة، حيث وقع الانفجار الاول بالقرب من مطعم كباب نينوى الذي يرتاده الزبائن في فترة الظهيرة، والثاني حصل في ساحة الرواد وهي عبارة عن (تقاطع مروري) مزدحم باستمرار. وأكد أكرم التميمي، شاهد عيان يعمل في مركز تجاري يقع بالقرب من ساحة الرواد ل”المدينة”، ان الانفجارين نجما عن سيارات مفخخة كان يقودهما انتحاريان استهدفا مقر البعثة الديبلوماسية الالمانية القريبة من المطعم، والقريبة من السفارة السورية ايضا، والاخرى كان يقودها انتحاري فجرها بالقرب من احد المقرات التي تستخدمها البعثة الديبلوماسية المصرية. وأضاف: قامت القوات الامنية بفرض طوق امني مشدد حول اماكن الانفجار ومنعت المارة من الاقتراب، لكن يمكن مشاهدة حجم الخسائر التي خلفها الانفجاران، خصوصا في الممتلكات العامة، وتحديدا في مقرات البعثات الديبلوماسية”. ووقعت هذه الانفجارات في وقت الذروة حيث تعتبر منطقة المنصور مركزا تجاريا كبيرا يرتاده زبائن من مختلف انحاء العاصمة وكذلك موظفون يعملون في دوائر حكومية قريبة، فضلا عن المطاعم الراقية المنتشرة فيه. وفي منطقة الصالحية، انفجرت سيارة مفخخة في محيط السفارة الايرانية، خلفت وراءها خسائر في الارواح غالبيتهم من الموظفين الذين يعملون في المصرف العقاري الذي تقع بنايته ملاصقة تماما للسفارة الايرانية، وكذلك المباني القريبة من موقع الانفجار، حيث تضررت بناية المصرف بشكل كبير جدا وكذلك مقر نقابة الصحافيين العراقيين، فضلا عن مقر السفارة الايرانية وما يحيط بها من عقارات سكنية. وأعلن مصدر في الشرطة كان متواجدا في مكان الحادث، بأن عددا كبيرا من القتلى يعملون في المصرف العقاري. وشوهدت سحب الدخان السوداء تتصاعد من مكان الانفجار الذي يقع بالقرب من بناية مجلس محافظة بغداد الذي تم استهدافه العام الماضي، وهرعت على الفور سيارات الاسعاف التي بدأت بنقل المصابين الى المستشفيات القريبة، فيما قام عناصر الامن المتمركزون قرب السفارة بإطلاق النار في الهواء وسط ازدحام حركة المرور، بحسب شهود عيان. وأعلنت وزارة الداخلية أن التفجيرات الثلاثة التي وقعت في بغداد أمس نفذها انتحاريون يستقلون سيارات مفخخة وأسفرت عن سقوط ما يقارب من (200) شخص بين قتيل وجريح. الى ذلك، اعلن اللواء قاسم عطا الناطق الرسمي باسم خطة فرض القانون في بغداد ، ضبط سيارة مفخخة والقبض على سائقها الانتحاري الذي كان ينوي تفجيرها في منطقة المسبح ببغداد. وقال عطا في تصريح صحافي، ان»الانتحاري كان ينوي تفجير السيارة في نفس موعد الانفجارات الثلاثة التي حدثت في مناطق متفرقة من بغداد.. كما ان الانتحاري الذي كان يقود السيارة، كان يرتدي حزاما ناسفا». واتهم عطا تنظيم القاعدة بتنفيذ هذه العمليات، وقال، إن »اسلوبهم واضح وصريح، وهم يبحثون عن التركيز الاعلامي، ويحصلون على دعم خارجي للتعكير على الاجواء الديمقراطية، والتأثير على تشكيل الحكومة». من جانبه أكد رئيس لجنة الامن والدفاع في البرلمان المنتهية ولايته، هادي العامري ل(المدينة)، بأن »هذه التفجيرات والمجزرة التي حدثت قبل يومين في قرية زراعية تقع جنوب بغداد، وراح ضحيتها مواطنون ابرياء، تقف خلفها الجماعات الارهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة، وتهدف من خلالها لزعزعة الامن والاستقرار المتحقق، وبالتالي القضاء على حالة الهدوء الذي تعيشه البلاد». ورجح محافظ بغداد صلاح عبد الرزاق ان تكون الخلافات السياسية هي من يقف وراء التفجيرات التي شهدتها العاصمة بغداد قائلا : »هذه التفجيرات جاءت لارادات سياسية تريد ان تعطي صورة بأن الامن لايزال غير متحقق وهي تندرج ضمن الجرائم البشعة التي تستهدف المواطنين الابرياء . وقال عبد الرزاق في تصريحات صحافية، “ان المعلومات الاولية تشير الى خرق امني واضح وان العملية مدبرة من خارج منطقة الصالحية وان هناك ارتخاء او تواطؤا من قبل العناصر الامنية المتواجدة في محيط المنطقة”. واضاف “المحافظة سوف تطلب اجراء تحقيق سريع مع الاجهزة الامنية المسؤولة عن حماية المناطق التي وقع فيها الانفجار”،محملا اجهزة كشف المتفجرات التي وصف بعضها بالفاشلة اسباب هذه الخروقات. وتشكل هذه الانفجارات ضربة لجهود الحكومة العراقية في اقناع الدول العربية والاجنبية التي لم تفتتح سفارات لها في بغداد بمعاودة نشاطاتها الدبلوماسية الذي كانت سلطاتها اكدت اكثر من مرة التزامها بحماية مقار البعثات الدبلوماسية والعاملين فيها.