أكد معالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء أن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ليست دعوة تكفيرية ولم تأتِ بمذهب جديد على المذاهب الإسلامية المعروفة، وقال: نطالب من يدعي ذلك أن يبين لنا ما هو المذهب الجديد وأما رمي التهم جزافاً فكلٌ يستطيعه، وأنا أتحدّاه أن يأتي لنا بأن الشيخ انفرد بمذهب جديد عن العلماء قبله، بل عن المذهب الحنبلي الذي هو من جملة علمائه، والذي يقول إنه يكفر المسلمين نقول إن كتب الشيخ موجودة فهات لنا نصاً من كتبه أنه يكفر المسلمين، إنما يكفر من كفره الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وأجمع المسلمون على تكفيره، أما أن يستقل بمسألة ويكفر بها دون أن يكون مسبوقاً إلى ذلك من أهل العلم وبغير دليل من الكتاب والسنة فهذا اتهام باطل، وأنت لا تسمع الكلام الذي يقال في العلماء دون أن ترجع إلى كلامهم ومؤلفاتهم ،ومؤلفاتهم والحمد لله موجودة، وأيضاً انظر إلى آثار دعوة الشيخ وقد ظلت على هذه البلاد مدة طويلة وهي تعيش في ظلها الوارف وامتدت إلى الأمصار ولو كانت دعوة فاسدة على غير هدي الكتاب والسنة لم تنجح مثل ما فشل غيرها من الدعوات وما أكثر الدعوات ولكن أين هي؟ وما السبب في ذلك؟ السبب الأصل الذي تقوم عليه الدعوة. جاء ذلك في محاضرة لفضيلته بعنوان "واجب طالب العلم بعد التخرج" في الجامعة الإسلامية، وشهدت ازدحاماً وتدافعاً شديداً وامتلأت الممرات والساحات بالطلاب كما نقلت المحاضرة إلى مسجد الجامعة لمن لم يتمكن من دخول القاعة. و شهدت المحاضرة حواراً مع الطلبة وأساتذة الجامعة، ففي رد على سؤال حول كيف يمكن للخريج أن يتعامل في بلاده مع الحكام غير المسلمين أو المخالفين له في المنهج، قال الفوزان: لا شك أن الخريج وغيره ممن يريدون الدعوة إلى الله سيواجهون عقبات في طريقهم ولكن عليهم التحلي بالصبر والحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن والآية واضحة: (ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)، وإن اتبعت هذه الطريقة فقلّ من يعترض طريقك وإن اعترضك فإنه على الأقل يخفّ شره عنك وقد يهديه الله سبحانه وتعالى، والنبي صلى الله عليه وسلم أول ما بعث واجه من قومه الشيء الكثير ولكن بالصبر والحكمة والموعظة الحسنة وعدم اليأس والاستمرار على الدعوة في النهاية هدى الله الذين وقفوا في طريقه وصاروا يجاهدون معه وصاروا يدافعون على الإسلام ومن أصرّ فهذا حسابه على الله وما أفلح، ولا ضر الدعوة بمعارضته ولا منع الرسول صلى الله عليه وسلم أن يستمر، فعليكم بالصبر وقولوا للناس حسناً بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن ولا تيأسوا فإن الله تعالى معكم ومن كان الله معه فإنه سينصره وليس بلازم أن ينتصر في الحال أو عاجلاً ولكن ستنتصر ولو بعد حين فلا تيأسوا ولا تضعفوا واعملوا ما تستطيعون فلن تستطيعوا أن تزيلوا الحكام ولكن تستطيعون أن تدعوهم بالدعوة الطيبة ولين الكلام (فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى). وفي رد على سؤال حول الإقامة في بلاد الكفار هل تجوز إذا لم يتمكن من إظهار الدين وما هو ضابط الإظهار وهل الأفضل الإقامة في بلادهم مع الدعوة إلى الله أم الهجرة إلى بلاد المسلمين؟ أجاب الشيخ الفوزان: إظهار الدين كما بينه العلماء أن تدعو إلى الله وتبّين الحق للناس وتبلّغ القرآن والسنة وليس إظهار الدين أن يتركوك تصلي وتقوم بشعائر الدين، والأفضل الإقامة في بلاد الكفار إذا كان هناك فرصة للدعوة إلى الله وتقيم فيها لأن الثمرة في هذه الحالة أكثر من أن تهاجر إلى بلاد المسلمين. وعن مشكلة يعاني منها الخريج وهي أن الحق في مسألة فرعية يكون في غير المذهب السائد فكيف يتعامل مع ذلك، قال الفوزان: أهم شيء هي العقيدة فإذا سلمت فالخلاف في مسائل الفقه التي هي محل اجتهاد واحتمال فالأمر فيها سهل فإذا كان الناس على مذهب من المذاهب الأربعة يعملون به فهم على خير فهذه من مذاهب أهل السنة ولو كان في بعض المذهب مسائل مرجوحة فهي مسألة اجتهادية فاجتماع الكلمة وائتلافها أحسن من النفرة، صحيح بينوا للناس الراجح فإن قبلوه وانتقلوا إليه فهذا هو الأفضل وإذا بقوا على ما هم عليه وله احتمال في الشريعة وله ما يسنده من الأدلة فالأمر واسع إن شاء الله. وفي طلب من أحد الطلاب للتنبيه على أمر انتشر بين الطلاب من نبز بعض الطلاب بعضهم بأنهم جاميون أو مداخلة أو غير ذلك قال الفوزان: اتركوا هذه الأمور وهذا التنابز ولا تنابزوا بالألقاب كلكم إخوة وكلكم أهل دين واحد وكلكم زملاء فانبذوا هذه الأمور واحترموا العلماء ومن لم يحترم العلماء فإنه يحرم من علمهم ويحرم من الاستفادة منهم فاتركوا أمر التنابز بينكم وتناول العلماء الذين لهم الفضل ولهم على الناس المنزلة التي أنزلهم الله فيها: "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات" فالعلماء لهم مكانتهم وقدرهم واحترامهم وإذا نزعت الثقة من العلماء فإلى من يرجع الناس وهذه مكيدة ودسيسة ويجب التنبه لها والنهي عنها والابتعاد عنها. وفي مداخلة لأحد أعضاء هيئة التدريس بالجامعة حول دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب واتهامها بأنها جاءت بتكفير المسلمين وتكفير المجتمعات وأن دعوة التكفير نابعة منهما فما ردكم؟ أنت لا تسمع الكلام الذي يقال في العلماء دون أن ترجع إلى كلامه هو ومؤلفاته، وأيضاً انظر إلى آثار دعوة الشيخ وقد ظللت على هذه البلاد مدة طويلة وهي تعيش في ظلها الوارف وامتدت إلى الأمصار ولو كانت دعوة فاسدة على غير هدي الكتاب والسنة لم تنجح مثل ما فشل غيرها من الدعوات وما أكثر الدعوات ولكن أين هي؟ وما السبب في ذلك؟ السبب الأصل الذي تقوم عليه الدعوة.