لماذا يسلم علماء أو مسؤولون من الغرب، قبل أن نقول الاجابة التقليدية، وهي لأن الإسلام حق، وهو كذلك، لماذا ثقافة الغرب تشجع وتربي على ألغاء البرمجة الذهنية الآبائية، فيخرج العلماء من الغرب للتعرف على الإسلام ثم التسليم به، لأنها ثقافة تمجد العقل وحرية التفكير، وتمجد الاستقلال الذاتي، تؤسس للفردية، وهي بداية الانعتاق من العبودية. ولا ينقصنا كمؤمنين برسالة محمد صلى الله عليه وسلم لإثبات أحقية وصحة رسالة الإسلام أن يسلم علماء من الغرب أو الشرق، بل السؤال الاهم، لماذا علماء الإسلام، (الفقهاء) أو لماذا فهمنا للإسلام يشدنا للتخلف، بينما فهم علماء الغرب للإسلام يجذبهم إلى التفكر والتحول من دينهم الاجتماعي الذي ورثوه عن بيئتهم إلى دين الحق الإسلام. ببساطة لأنهم قرأوا الإسلام بالعقل قبل النقل فآمنوا بالنقل والعقل معاً، درسوا الإسلام النصي، وعزلوه عن إسلام الواقع في حياة المسلمين الراهنة، لأن من يتعايش أو يتعرف على الإسلام كواقع دول وشعوب ومجتمعات مسلمة معاصرة، فلا اظنه سيرى الإسلام ديناً صالحاً للحياة والنهوض مع تفشي ظاهرة الالحاد أو التشكيك بالإسلام، فالمنبرالوعظي يخاطب مسلمين (سواء اسلموا تقليداً وارثاً أو فكروا وعقلوا الدين). فالسؤال الاهم كيف لايعمل هذا الدين الحق وينقذهم من التخلف ، أين ذهبت وظيفة الدين، إذ ينبغي أن نبحث ليس في كيفية إثبات أن الإسلام حق أو أن الله موجود وقادر وعظيم، بل لماذا وكيف نجعل فهمنا للدين مصدر تقدم ونهوض وعدل وبرامج تقوى حقيقية، وإخبات لله عبر أفعال وليس تراتيل لسانية نقولها يومياً دون أن تغير من أنفسنا. حين يستشهد بعض الخطباء والمشايخ في المنابر والقنوات الفضائية، يستشهدون لعظمة الدين بإسلام العالٍم الفلاني الامريكي أو الفرنسي أو الألماني، وتضج المنتديات الحوارية بدخوله في الدين وتهلل وتكبر، وكأن إسلام هذا الرجل أو ذاك، هو ماينقص المسلمين لكي يعتزوا بدينهم، وكأن إسلام شخص ما سينقلهم من التخلف الاجتماعي إلى النهوض الحضاري، فالإسلام ليس بالأشخاص والأقوال ولكن بالعمل، بالفهم الصحيح الذي يجعل التدين برامج حقوقية، كيف نصل بالتدين إلى أن ينال كل إنسان حقوقه غير متعتع ولا وجل، وأن يكون الإسلام شعائر للعدل وكفاءة الفرص للناس كافة، واحترام حقوق الغير، أمن في الاوطان وصحة في الأبدان، ولو لم يسلم غربي ولا شرقي. كيف نجعل الدين يخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، بكل ما تعني مفاهيم العبادة، من ولاء ورجاء ودعاء، اما الحرص والتباهي باعداد المسلمين ودخول مسلمين جُدد من عمال أو علماء أو سياسيين فهو من باب الفخر بالكم على حساب الكيف والنوع، فالغثائية التي قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم (غثاء كغثاء السيل) لاترفع من شأن الدين الحق، ولاتزيد المسلمين والإسلام إلا اعباء وتكثير سواد، لكن ذلك لايزيد في نصرة الدين وإعزاز المسلمين، ما ينصر الدين ويعز المسلمين إلا برامج تنموية وتعليمية، تنقل العقل من الظلام إلى النور، تنقل الإنسان من الفوضى إلى الانضباط، ومن التكبيل إلى الحرية. هذا هو المؤمل في أن تثمر الدعوة للإسلام، سواء دخل في الدين الالوف من الناس أو خرجوا منه، فمحصلة الدعوة في سبيل الله، كيف ينتقل المجتمع المسلم من تسول الحضارة إلى انتاجها، كيف يهتدي الناس للعدل في حياتهم سواء بواسطة قانون أو فقه أو نظام، المهم أن يتحقق العدل حتى للحيوان، هذا هو الإسلام، وتلك هي دعوته وثمرته. لايمكن أن يصدقنا احد في أن الإسلام دين الحياتين، ودين المستقبل والسلام والرخاء والتقدم، وهو يشاهد اتباعه واهله مغتبطين بالتخلف والجهل، بل ويحاربون الحياة والسلام، ومستعبَدين للسياسات المنحرفة، لايمكن أن يعشق الإنسان الدين مادام اتباعه يتسولون الحضارة، ومنصبين للاقتتال بينهم طائفياً وعقدياً، مثل هذا التدين لايغري بالانضواء إليه، فالدعوة لأي دين أو مذهب أو فكر يكون بالقدوة اولاً، يكون بنجاح اهله ومعتنقيه، في الخروج من ظلمات الجهل والتخلف، وركام الاستبداد، إلى انوار العلم والمعرفة والحرية، هنا يمكن الدعوة له والتبشير به، وبيان محاسنه وفضائله، إذا كان اهله اول من يصنع مجتمعاً إنسانياً بالقيم والفضائل. اما إن كان اهل الإسلام هم المنفرون عن دينهم بتضاؤل قيمهم الاجتماعية والتعليمية والسياسية، وهم عالة على الغير اقتصادياً وعسكرياً، بل هم خارج الحضارة، فمن أين تصدق دعوتهم للدين، بل كيف يبشرون بصدق دعوتهم والاقتداء بهم، وهم يزيدون عدداً ويتناقصون تنوعاً، وكيف يدعون للحوار مع الآخر وهم إقصائيون فيما بينهم.