•عندما تُدار الأمور بشكلٍ (غير طبيعي) ، فإن من ( الطبيعي) جداً أن تصبح الكوارث الناجمة عن هذه الإدارة - أو سوء الإدارة- غير طبيعية أيضا !! .. لا اعني هنا الكوارث التي تحدث لأسبابٍ طبيعية مناخية أو جيولوجية ، بل أعني تلك الناجمة عن جنون المال و الهوس بكيفية جمعه ، دون النظر إلى شرعية الوسيلة ، أو إنسانية الأسلوب المستخدم في ذلك. •قبل عامٍ تقريباً كتبت عن مهازل بعض المستشفيات الخاصة، واستخفاف بعضها بوظيفة ( طبيب التخدير) لدرجة إسناد تلك المهمة الحساسة إلى غير المتخصصين، أو من لا خبرة ولا شهادات لهم .. إما لمعرفتهم أننا قوم مؤمنون بالقضاء والقدر.. و لا نتوقف كثيراً عند أسباب الوفاة.. أو لثقتهم أنه من الممكن (الضحك) علينا و ( كروتتنا ) بمصطلحات طبية لا نفهمها ، مع الضغط على الجوانب الإيمانية فينا .. لتنتهي الحكاية بخطاب تعزيةٍ لطيف !! .. يومها اتهمني البعض بالمبالغة والتجني .. فما رأيهم اليوم وقد تسبب الإهمال ذاته في وفاة طبيب سعودي، تؤكد المعلومات أنه توفي نتيجة خطأ ( طبيبة تخدير) مخالفة لنظام الإقامة! .. ثم اتهام العالمة السعودية ( حياة سندي ) لأحد المستشفيات بالتسبب في وفاة والدها بخطأ طبي أيضا.. و في نفس الشهر!! . • أحترم جداً رأي الموقر وزير الصحة عندما يقول:» إن الأخطاء الطبية من الممكن حدوثها في كل مستشفيات الدنيا «.. وأوافقه في أن الخطأ البشري واردٌ في كل عمل إنساني ..لكني اعتقد انه يوافقني أيضاً في أن أخطاء القوم هناك تحدث بعد اتخاذ كل التدابير والإجراءات والاحتياطات اللازمة .. بمعنى انه ليس للإهمال أو ( الفهلوة) الطبية مكان.. أما كوارثنا الطبية يا معالي الوزير فتحدث إما نتيجة إهمالٍ أو تقصيرٍ أو مخالفة.. أو عدم صلاحية الكوادر الطبية للعمل أصلاً.. وهنا الفارق المؤلم بين الخطأ والإهمال . •من الإجحاف أن ننكر حق المشافي الخاصة في التفكير أو السعي للربح ، فهذا أمر طبيعي ومشروع لكل من ينتج سلعة أو يقدم خدمة ، في أن يتقاضى مقابلها ما يكفل له الربح و الاستمرارية .. لكن ما ننكره هو غلبة المال على مبادئ الأمانة والمهنية والإنسانية . فمن المؤلم أن يتسبب الإهمال و (الجشع الطبي) في وفاة أو عجز أبرياء وضعتهم الحاجة والظروف تحت أيدي النافذين.. و المؤلم أكثر هو ذهاب ذلك الإهمال دون عقاب رادع ، غير أن الأشد إيلاما هو أن يتدخل بعض الوجهاء والأعيان للضغط على ذوي الضحايا للتنازل عن حقوقهم ! . •لا شك أن البشر لا يستطيعون أن يتحكموا بالكوارث الطبيعية من زلازل وبراكين وفيضانات مهما حاولوا.. لكنهم يستطيعون منع الكوارث غير الطبيعية التي ينزلها بهم أناسٌ أفسدوا أخلاقيات وشرف المهن الإنسانية.. فلمثل هؤلاء يجب أن تُسن القوانين وتوضع العقوبات .. حفاظاً على أرواح البسطاء الذين قد لا يتساهل ذات القانون في تجريمهم بسبب مخالفات مرورية أو حقوقية بسيطة !. •هناك.. على الجانب البعيد من العالم يقول السيد ( أوباما ) أنه يعمل لكي يحصل كل مواطن أمريكي على علاجٍ يضاهي ما يقدم في مستشفى (كليفلاند) .. قد يكون السيد الرئيس يحلم ، لا مشكلة.. فالأحلام حقٌ مشروع للجميع .. و لكن .. لأن النوم حالة لا بد أن تسبق الحلم.. فربما كان من الواجب علينا أن ننام طويلاً و بعمق .. قبل أن نحلم بمستوى خدمات صحية لا كوارث فيها. •أتمنى للجميع نوماً هادئاً. [email protected]