فقدت البلاد أمس الأول الجمعة، واحدًا من الرعيل الأول ورموز الأدب والشعر السعوديين، هو الأستاذ محمد عبدالقادر فقيه تغمده الله بواسع رحمته. كان الأستاذ محمد فقيه مديرًا لفرع إدارة المطبوعات في مكةالمكرمة عام 1379ه، أي قبل 50 عامًا، أيام كانت هناك رقابة مسبقة على الصحف السعودية، فلا ينشر شيء إلاّ مختومًا وموقّعًا من مدير المطبوعات التابع لوزارة الإعلام، وكنتُ أيامها سكرتيرًا لتحرير “الندوة” التي يرأس تحريرها الشيخ صالح جمال، ويديرها الشيخ أحمد جمال -رحمهما الله- وكنتُ أعجب من سعة أفق الأستاذ محمد فقيه، وثقافته الواسعة، من خلال المواد التي كان يجيزها، ومن بينها مواد قد لا تجيز نشرها الجريدة نفسها، وحين تعرّفتُ عليه -يرحمه الله- اكتشفتُ شاعرًا رقيق الوجدان، وأديبًا متمكنًا، ومثقفًا واسع الاطّلاع، ومتابعًا للأحداث كصحفي من الطراز الأول. * * * لم يحظَ شاعرنا وأديبنا محمد فقيه بالكثير من الأضواء، التي أحاطت بمَن هو أقل منه مكانةً في المحيط الأدبي، ربما لشخصيته الرقيقة، وزهده في النشر، وبُعده عن الأضواء، وحتى حينما نشرت مجموعته الشعرية الكاملة، لم تلقَ العناية التي تستحقها، وكان وراء النشر رفيق درب الأستاذ محمد فقيه وصديقه، أستاذنا الشيخ عبدالعزيز الرفاعي تغمدهما الله بواسع رحمته، ذلك أن هذه الرموز الكريمة لم تكن تُجيد ما يُسمّى اليوم بالعلاقات العامة، ولم تكن تتطلع إلى الثناء. رحل عنّا الأستاذ محمد فقيه، كما رحل من قبل رموز كبيرة، تركوا خلفهم فراغًا لم يملأ، وتراثًا أصيلاً نرجو أن ينتشر ويُقرأ، وسيرة عطرة من مكارم الأخلاق. والعزاء واجب لأشقاء الفقيد الشيخ عبد الرحمن فقيه، والشيخ عمر فقيه، والدكتور سليمان فقيه، ولابنه الأكبر المهندس عادل محمد فقيه أمين مدينة جدة، وكافة إخوته وأهله، ولعل المهندس عادل يعتني -إن شاء الله- بنشر تراث أبيه شعرًا ونثرًا، وشيئًا من تاريخ حياته. تغمده الله بواسع رحمته. فاكس : 6530693– 02 [email protected]