بين النجاح والتميز مسافة كبيرة لا يدركها إلا من يعرفون جيداً الفارق بين المهارات الأكاديمية، والمهارات الشخصية الدائمة.. المهارات هي من تحدد نجاحك وتميزك، فمن الممكن أن تكون مهندساً أو معلماً جيداً (ضمن الحدود الطبيعية للنجاح)، لكن التميز له متطلبات ومهارات أخرى .. التعليم الأساسي قد يمنح الفرد المهارات والكفايات الأساسية التي تجعله يعيش ويفكر كالآخرين، لكن التعلم الذاتي هو من يمنحه التميز والشخصية المتفردة والمهارات الدائمة، والأشخاص الأكثر نجاحاً هم من تكمل مهاراتهم الخاصة مهاراتهم الأكاديمية، وتفوق ما لدى أقرانهم. يقول خبراء التوظيف: ابنِ مهاراتك، وليس سيرتك الذاتية، لذا نعرض اليوم لأهم أربع مهارات دائمة يمكن أن تساعدك على التميز في العقد القادم. 1- التعامل الجيد مع الأزمات وحالات عدم اليقين: في حالات الكوارث والأوبئة تتضح أهمية الأشخاص الذين يملكون القدرة على الارتقاء فوق الأشياء التي لا يمكن التحكم بها. لقد علَّمتنا جائحة كورونا أهمية التفاعل عندما تكون معظم الأشياء خارج نطاق السيطرة، لذلك يقولون: «إن معرفة كيفية التعايش في أوقات انعدام الأمن هو الأمان الوحيد».. بالطبع لا توجد ضمانات دائمة في الحياة، لكن مهارتك في التعامل مع الأزمات ومعرفة ما يمكنك التحكم فيه يمكن أن تساعدك على التميز والتخطيط للتغيير الحتمي. 2- القدرة على التناغم مع الواقع: إذا لم تكن تملك هذه المهارة فمن الصعب أن تكون قادراً على التحسن والتطور، ولا حتى التكيف، والعمل مع الناس.. أنت لست على حق طوال الوقت، واقعك هو الحقيقة الكبرى التي يجب أن تحترمها.. لذلك من الضروري الحفاظ على عقل متفتح، فالتقدم شبه مستحيل دون تغيير، أما أولئك الذين لا يستطيعون تغيير قناعاتهم فلا يمكنهم تغيير شيء.. صحيح أن تصوراتك وافتراضاتك ونماذجك الذهنية تساعد على النجاح، لكن تحسينها ومراجعتها يساعد على إصدار أحكام أفضل. 3- القدرة على فهم اللغة العاطفية: اللسان ليس الوسيلة الوحيدة للتعبير والتواصل، والبشر كائنات اجتماعية تتواصل من خلال اللغة ومن خلال العواطف ولغة الجسد أحياناً..إذا كنت ترغب في الذهاب بعيداً في الحياة والعمل، قم بتطوير فهم أفضل لمشاعرك للاستجابة بشكل أفضل لما يشعر به الآخرون.. يقول دانيال جولمان: «لدينا عقلان، أحدهما يفكر والآخر يشعر». تغذية وتطوير عقلك العاطفي تمكّنك من أن تفعل أموراً أفضل في الحياة إذا فهمت مشاعر الآخرين بعمق.. الإقناع هو عمل عاطفي، تعمل المهارات العاطفية على تحسين علاقتنا مع أنفسنا، مما يساعد على بناء علاقات صحية مع الأشخاص الذين نعمل معهم. 4- القدرة على قراءة الآثار المستقبلية للقرارات خلال المشاكل والمواقف الصعبة: القرارات التي نتخذها في الحياة (صغيرة وكبيرة) لها آثار علينا وعلى المحيطين بنا.. مهارة التفكير الجيد تصنع فارقاً بين القرارات الجيدة والسيئة.. ففي كل حالة لدينا خيارات متعددة يجب مراعاتها ودراستها، يمكن أن تساعدك معرفة عواقب كل مسار عمل وتأثيراته قصيرة وطويلة المدى على إصدار أحكام أفضل. أخيراً لدي خبران ساران أولهما أن المهارات الدائمة لا تتقادم بمرور الوقت فهي مطلوبة في كل حين وكل مكان.. أما الخبر الآخر فهو أنه يمكن تعلم هذه المهارات واكتسابها، فهي قابلة للتعلم لذا يمكنك تحسين نفسك كل يوم لتصبح إنسانًا ماهرًا وأفضل من أقرانك.