في مخيلتي موقف دونت أحداثه في مرحلة دراسية من مراحل حياتي حيث كانت معادلة صعبة لم أتوصل لحلها، من بطولة شخصيتين الأولى متفوقة جداً دراسياً والأخرى متوسطة المستوى لكنها كانت تتميز بشخصية مرحة ومشاغبة في الوقت نفسه. مضت السنون وأتفاجأ بأن المتفوقة التي كان يظن أنها ستستحوذ على نفوذ في المجتمع حصلت على نجاح متواضع، وفي الجهة المقابلة أجد أن المشاغبة غير المتفوقة دراسياً حققت نجاحات لم تخطر على بال وسبقت الأولى من جهة التميز والتقدم وحظيت بمكانة عالية في المجتمع. وقتها لم أع السبب أو لم أفهم تلك المعادلة الصعبة إلى أن اطلعت على كتاب -الذكاء العاطفي- لدانييل جولمان، عندها انكشف ذلك الغموض وفهمت المعادلة بناء على دليل علمي ودراسات مستفيضة من علماء النفس لرغبتهم بتفسير نسبة الذكاء الذي نعرفه بنسبة النجاح الذي يمكن تحقيقه في الحياة، وتوصلوا إلى معادلة، تستند إلى أن نجاحات الإنسان في حياته المهنية تعتمد على 80 % على الذكاء العاطفي و20 % فقط على الذكاء الأكاديمي، وبالنظر إلى الصديقتين نجد أن الأولى تميزت بالذكاء العقلي «الأكاديمي» وافتقرت إلى الذكاء العاطفي والأخرى تميزت بمهارات عالية في الذكاء العاطفي وافتقرت إلى الذكاء الأكاديمي. وكما هو معروف أن الذكاء الأكاديمي تكونه جينات موروثة فالقوة الكاسحة منه تكون فطرية لذا لا داعي للقلق من فقدانه، فهناك ذكاء آخر يمكن اكتسابه في أي مرحلة من مراحل الحياة وحتى مع تقدم العمر ويشكل 80 %من النجاح. الذكاء العاطفي كما عرفه العالم دانييل بأنه مهارة أساسية لممارسة الحياة، وهو قائم على المشاعر وكيف أن هذه المشاعر جزء كبير من حياتنا وأنها تستطيع أن تتحكم فينا فترفعنا للأعلى أو تهبط بنا إلى القاع، أيضاً كيف نكون قادرين على التحكم بنزواتنا ونزعاتنا وأن نقرأ مشاعر الآخرين الدفينة ونتعامل بمرونة في علاقتنا، أي أن الذكاء العاطفي لا يقتصر على المستوى المهني أو الاجتماعي فحسب بل يشمل بشكل أساسي كيفية استخدام العواطف بذكاء في أي علاقة ثنائية سواء كانوا أصدقاء أو أزواجاً أو في محيط العمل. لأنه باكتسابنا الذكاء العاطفي وتمكننا منه يجعلنا قادرين على بلورة متزامنة بمعنى أن أي خلاف بين شخصيتين متشاكلتين في الأفكار ووجهات النظر وغيرها تتبلوران معاً في بوتقة واحدة متجانسة لوضع سد للمشاعر السلبية بأن تطغى أو تسيطر على الموقف.