للعلماء والمفكرين والقادة والعسكريين دور مهم في تقدم الدول ونهوضها، وهذا التقدم ينبع من ماضي المجتمعات، ومن ثم ينطلق إلى حاضرها؛ ليبرهن الدور الرئيس لهؤلاء النخبة من المجتمع على مر العصور التاريخية والحضارات المختلفة، ومن ذلك -على سبيل المثال لا الحصر- فيثاغورس اليوناني ونظريته في الأعداد، وأرسطو طاليس أعظم فلاسفة اليونان، ومعلم الإسكندر المقدوني، وابن خلدون مؤسس علم الاجتماع وفلسفة التاريخ، ومحمد بن موسى الخوارزمي مؤسس علم الجبر، وغيرهم كثير. وهذا التقدم والتطور نابع من المجتمع نفسه المكون لمصدر الفعل الناتج من الفرد، الذي أثر في المجتمع وأسهم في بنائه. والصور والتماثيل التي وضعها الرئيس الأمريكي رقم 46 «جو بايدن» في مكتبه لها دلالات تاريخية وحضارية؛ الغاية منها تعريف المجتمعات الأخرى بالرموز المؤثرة في التاريخ الأمريكي، ويرسل رسائل مباشرة للمواطن الأمريكي يوضح بها شكل الإدارة في المستقبل وسياسته في الحكم.. وهذا التنظيم ليس بالجديد في التاريخ الأمريكي، وإنما هو تقليد سياسي لكل رئيس أمريكي يقوم به بعد تنصيبه، يعكس من خلالها شخصيته وسياسته في الحكم، على حسب متطلبات الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية لعهده. فبوضع تمثال «مارتن لوثر كينغ» يشعر المجتمع الأمريكي بنبذه للعنصرية، ويخفف من حدة الأوضاع والثورات والانقسامات التي حدثت بسبب العنصرية، ويدعوهم إلى الوحدة.. وفي وضعه لصورة الرئيس السابق «توماس جيفرسون» الذي كان له دور في تأسيس الحزب الديمقراطي، ووزير المالية «ألكساندر هاملتون» يبعث رسالة أخرى للمجتمع بأن الخلافات قد تحدث بين القادة وسرعان ما تنتهي، مثل ما حصل بينه وبين الرئيس السابق ترامب.. وتبعه وضع صورة للرئيس الأمريكي رقم 32 «فرانكلين روزفلت» المنتخب عن الحزب الديمقراطي، وبايدن المنتخب مؤخراً عضواً فيه، وقد فاز روزفلت أربع مرات متتالية في الانتخابات الأمريكية، ويبعث من خلال الصورة أيضاً قدرة الحزب الديمقراطي على تنظيم شؤون الدولة وتشكيل الحكومة وبناء سياسة خارجية واقتصاد قويين، وفي وضعه لرمز من رموز العلم «بنجامين فرانكلين» الذي قام بالعديد من الاختراعات في مجال الفيزياء، يعكس أهمية العلم ودوره في تغيير طريقة تفكير الإنسان وبناء المجتمعات، فهو أساس بناء الحضارة والتقدم.. فهذه وغيرها من الرموز المؤثرة في التاريخ الأمريكي تؤكد دور التاريخ والقادة المؤثرين والعظماء في صناعة التاريخ، والحاضر يشهد لنا بذلك.. فالدور المحوري الذي يقوم به التاريخ كأداة حيوية تؤدي دورًا محوريًا في صناعة الهوية.